اراء و مقالاتمقالات وآراء

ما علاقة “دموع” نانسي عجرم بـ”صفقة القرن”؟ استثمار “عشائري” في الأردن

 

شبه حظر تجول. الجميع تسمر أمام شاشة محطة «الجزيرة»، لأنها أعلنت مسبقا بثها مباشرة للمؤتمر الصحافي الخاص بالرئيس دونالد ترامب ورفيقه المضحك بنيامين نتنياهو .
محطة «العربية» كانت تكتفي بإشارات على نمط الخبر العاجل .
تلفزيون الحكومة الأردنية «غايب فيلة». حتى تلفزيون المقاومة والممانعة في دمشق كان في الفترة نفسها تقريبا مشغولا بتقرير عن اغتيال الجنرال قاسم سليماني .
على كل حال فعلها تاجر العقارات وأعلن صفقته المشؤومة!

صفقة عقارية

اخرج نتنياهو لسانه للعرب والمسلمين جميعا، وهو يدلي بنكتته السمجة: أنتم لا تعلمون ما الذي يمكن أن يفعله المختصون ببيع العقارات!
كان نتنياهو يقول ذلك وتنظر عيناه للرئيس ترامب، الذي يكتفي بهز رأسه، بكل بلاهة خلقها الله في البشر قبل أن تستضيف «الجزيرة» الضيف الجاهل بدوره جاريد كوشنر .
نتنياهو كان يعدد الأصدقاء والرفاق بالاسم. شعرنا بخجل ووخزة في القلب عندما شكر سفراء الدول العربية الثلاث الموجودين، ثم وضعنا يدنا على قلوبنا أملا في أن لا يشار إلى وجود أي أردني أو فلسطيني في مسرح اللعبة .
يجامل عرب الاعتدال نتنياهو وترامب على حساب الحق التاريخي للشعب الفلسطيني .
المشهد يتحدث عن نفسه فتلك صفقة عقارية تتحدث عن دولة أرخبيلية تصل ببعضها البعض بواسطة جسور وأنفاق .
فإسرائيل وسط تجار العقار تبتلع فلسطين بوجود سماسرة لسوق العقارات في أمريكا وبعض الدول العربية، حتى رئيس الوزراء البريطاني خجل قليلا، خلافا لبعض العرب ولم يرسل مندوبا .
لا يمكنها في الأحوال كلها أن تكون صفقة، فهي أقرب لمقامرة وسرسرة والبقية تأتي .

استثمار «عشائري»

حسنا نشرت محطة «رؤيا» الفضائية الأردنية تقريرا مفصلا عن جولات الملك في الجنوب لأغراض تنمية الاستثمار .
وضع الملك شرطا علنيا، فكرته ببساطة أن المواطن المحلي في المحافظات ينبغي أن يلمس تأثير الاستثمار ويستفيد منه .
توسع التلفزيون الأردني بدوره في نقل التفاصيل .
لكن أحدا في حزمة الفضائيات المحلية وعددها 13 بالمناسبة لم يكلف خاطره بوجبة تثقيفية تبحث في الأسباب، التي تطرد المستثمرين، خصوصا في الأطراف والمحافظات .
مؤخرا فقط أفسد نحو 20 شخصا استثمارا صناعيا كبيرا في إحدى المحافظات، بعدما أصر أهالي المنطقة على تعيين مدير عام للمشروع من بينهم .
لا يوجد في القرية ولا في أبناء العشيرة مدير عام مؤهل فنيا، لكن المطلوب من المستثمر «تدبير رأسه».
الغريب جدا أن الحكومة تدخلت وخضعت .
الأغرب أن من اعترض باسم المواطنين هنا مستزلمين ويمثلون شلة وليس أهالي المنطقة .
والوظيفة بالنسبة لعدد كبير من الناس مجرد راتب لا تقتضي العمل .
ثمة فهم خاطئ جدا في الثقافة الشعبية لفكرة الاستثمار، فبدلا من مسؤولية اجتماعية تجاه المنطقة بملايين الدنانير يمكن حشد الجمهور وراء مطلب له علاقة بشخص فقط .
لا يرحب الأردنيون بالاستثمار، لكن بعضهم يمارس الغرور عليه أيضا ومالك أحد أكبر مصانع الدجاج قال لي شخصيا إنه أخفق في السماح لناقلات الإنتاج بالحركة لأن بعض الأهالي أصروا على تعيين 20 حارسا منهم، مع أن حاجة المرفق لثلاثة حراس فقط .
المشهد سريالي ولا أحد يفهم ما الذي يحصل. إعاقة أي مصنع استثماري خارج العاصمة كل ما تتطلبه متقاعد من الخدمة العسكرية أو المدنية برتبة جنرال أو أقل قليلا يجمع بعض أبناء القبيلة أو الجهة ويعلن حراكا للحفاظ على ثروات الوطن، وعندما تحصل المواجهة لفهم كيفية نهب ثروات الوطن، يتبين أن صاحبنا يجد في نفسه مؤهلات لأن يكون مديرا عاما -أو على أقل تعديل – عضوا في مجلس الإدارة، ثم فليأت الطوفان .
يعلم الجميع أن ذلك حدث مرارا وتكرارا ويعلم الجميع أن الحكومة تتواطأ.

نانسي والمتاجرة بالمشاعر

تبدو تماما أقرب إلى «المتاجرة بالمشاعر البشرية» بعد المتاجرة بالأعضاء البشرية.
دموع نانسي عجرم في برنامج مسابقات «أم بي سي» (ذا فويس كيدز) تخطف أضواء المدونين والمغردين وتشغل ربات البيوت والجيل الصالح في الوقت نفسه، الذي تحسم فيه صفقة القرن معطيات الأمة.
أحسد الكاميرات على ذكائها الميداني، خصوصا عندما يتعلق الأمر بدموع نجمة تأثرت بعناق طفل عراقي التقى بشقيقه الأكبر على خشبة المسرح .
دموع طبعا، يمكن ترويجها إلكترونيا وسط الملايين حتى تراكم شركات الاتصالات أرباحها.
لا تقلقني دموع نانسي عجرم، فقد بقيت لشهر كامل في صدارة الاهتمام التلفزيوني بعد 17 رصاصة أطلقها زوجها الطبيب على شاب سوري.
نترك شأن القضاء اللبناني للقدر، ونؤكد: لا نحب رؤية «فنانة» من وزن نانسي وهي تبكي لأي سبب، خصوصا ونحن نبكي على حال الأمة، بسبب صفقة ترامب، ولم نجد دموعها هنا!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى