الأردن بعد قصة مطيع: الوزراء يقدمون «ربع الحقيقة»… ماجدة الرومي «تبتهل» للسيسي والذباب السعودي «يغازل» نتنياهو
يسأل المذيع النشط في قناة «المملكة» الأردنية وزير الصناعة والتجارة طارق حموري – هو نشط ايضا – عن حجم المهدور والفالت من الأعلاف في المستودعات الرسمية .
معاليك: هل هو كبير. يبادر الوزير الشاب لهز رأسه، لكنه يلفحنا بالمتلازمة إياها: «مش مهم كبير ولا صغير.. المهم أن الهدر مراقب واكتشف وسيتابع».
وزير آخر، لكن على شاشة التلفزيون الحكومي الرسمي يمارس عملية التلاعب نفسها بالألفاظ وهو يرغب منا – نحن جمهور العاطلين من الشعب – التفكير والتركيز على الجانب المضيء على قضية «الدخان»، وهو وجود «شرفاء» من موظفي الجمارك، تم إستهدافهم واقصاؤهم لأنهم حاربوا الفساد.
ثالث وبدون شاشة يرغب في التركيز على استعادة نحو 350 مليون دينار بدلا من تلك السلبية المتعشعشة في الذهن الجماعي والمتمثلة في العودة لعمليات المدعو عوني مطيع ما قبل عامي 2016 و2017.
الأهم السؤال التالي: من أين يأتي الوزير الأردني بتلك الموهبة المتوارثه المتمثلة في قول ربع الحقيقة وانتقاد من يتحدث عن أي ربع آخر؟ يحصل ذلك بالرغم من اختلاف الهويات والخلفيات السياسية والمشارب.
فعلا «لهجة» الأردني عندما يصبح وزيرا او مسؤولا تتغير. فجأة يعوج لسانه وترتفع أكتافه ويتوقف عن تقبل أسئلة مناكفة كان خبيرا بها قبل الوزارة. حتى مشيته بين خلق الله تختلف، وطبعا ينقلب على ذاته ألف مرة في الثانية و«لا يقول إلا ربع الحقيقة»، حتى لا نقول «يكذب» بنسبة 200 كذبة بيضاء في التنكة.
المسألة حيرتنا كثيرا حتى كدنا نتوثق أن «حقنة ما» يحظى بها أحدنا قبل تحوله لمسؤول أو أن جهة ما توفر مشروبا خاصا يلون اللسان بعد تبدل القناعات وتحول الوجوه.
تقريبا الجزء الأكبر من الملفات يخضع للسرعة نفسها في قول «شبه أو ربع حقيقة».
نتنياهو في عيون «الذباب السعودي»
لا يحتاج مجرم حرب من صنف بنيامين نتنياهو لـ«تطبيع علني» مع المملكة العربية السعودية.
ولا يحتاج أيضا لتقديم تنازلات، فهو يراهن ومعه اليمين الإسرائيلي على ما بعد الملك سلمان بن عبد العزيز، والمتطوعين على شاشات التلفزيون الإسرائيلي من «شبيحة التطبيع» في نسخته السعودية لسباق علاقة حميمة يرتقي على أساسها العهد الجديد، يتكاثرون كالفطر هذه الأيام.
لذلك لا يبدو النبأ مهما جدا عندما تتوسع في التحدث عنه محطة «آي 24 » فرغم كل ما يرد من بضائع «الذباب الإلكتروني» إياها يعرف الجميع أن الملك سلمان ليس ذلك الرجل الذي يؤمن أصلا بإسرائيل أو يستطيع منحها التطبيع المجاني وبدون تنازلات لها علاقة بالشعب الفلسطيني.
الحق يُقال هنا، عندما يخص الأمر ما نعرفه وما ينقل عن خادم الحرمين الشريفين.
لكن المشكلة في القناة الثانية الإسرائيلية، التي قررت في ما يبدو مؤخرا تخصيص برنامج أسبوعي تظهر فيه تلك الإنفلاتات لبعض مدعي الثقافة والسياسة من طبقة «نص كم» سعودية تغرق في الإساءة لفلسطين وتهاجم شعبها، بسبب وبدونه وأحيانا تغدق بإظهار الألم لأن المقاومة الفلسطينية «إرهابية أو عبثية» أحيانا، ولأن اليهود في العالم مساكين لا بد من وطن قومي لهم على حساب العرب!
موقف الملك السعودي يمكن أن يلتزم به العاملون في مكاتب بعض مؤسساته ويمارسون الارتقاء لمستوى خطاب ملكهم، بدلا من مباغتة الأمة باجتهادات لا معنى لها ولا ترى «البقاء والحداثة» إلا عبر إقامة حفلة لماجدة الرومي بالقرب من قبر نبي البشرية، عليه الصلاة والسلام، أو عبر «التبرع» بفلسطين.
وحتى لا نتهم، نعيد التذكير أن حكومة بلدي «غرقانة» في التطبيع .
ماجدة والسيسي
على ذكر ماجدة الرومي، يبدو أنها أصيبت بفيروس ما وتأثرت بالوقار الديني للمكان، الذي غنت فيه مؤخرا عندما التقطتها كاميرا محطة «العربي» وقبلها ظهرت على «أم بي سي مصر»، وهي تستلهم بعض تراثيات «الابتهال المأجور» وتدعو الله والمسيح معا، لأن يحفظا روح وحياة قائد فذ مثل عبد الفتاح السيسي وبطريقة عقمت ماكينة التسحيج المصرية عن ولادة مثلها.
ماجدة التي تغني «فلفش الجريدة ..إسمك وينه» نسيت كل الأسماء ولم تفلفش «المقصود تفتش» أي جريدة رسمية لكي تقرأ الخبر العاجل، الذي لم يعجب حتى محطة «القاهرة والناس»، وهو يسلط الضوء على ساسة ومشرعين في ما يسمى بالبرلمان المصري، يزاودون على السيدة الرومي نفسها ويطالبون بتعديل دستوري بصيغة «رئيس إلى الأبد».
وسط القاهرة الحديثة وفي حفل على هامش مبادرة للسيد الرئيس بثته وكالات حزمة «النيل» قالت ماجدة إنها ترى الصلاة والطيبة والصدق وأشياء أخرى عندما تنظر للسيسي.
صدقا، لم نفهم اطلاقا سر كومة التسحيج، التي صرفتها فنانة راقية من حجم السيدة الرومي في هذا السياق، فهي لم تفعل ذلك مع أي زعيم آخر… على الأغلب ينطبق هنا ما يقوله عادل إمام «شايفة حاجة فيه محدش تاني شايفها».
واضح أن الجريدة بعدها «عم تطلع سودا الجريدة».