الأردن وورشة «المنامة»: ترجيح المشاركة بوفد فني صغير
النائب فواز الزعبي أقلق الجميع وتحدث بالمحظور عندما «تغزل» بمكاسب «صفقة القرن»
ليست أكثر من «صدفة» في أسوأ الظروف.. أقل نواب البرلمان الأردني خبرة في السياسة الخارجية ومن أكثرهم إثارة للجدل على الصعيد المحلي يتقدم بأول «فتوى حساسة» لصالح «صفقة القرن».
هكذا وبدون مقدمات طلب النائب فواز الزعبي، الوجه الأبرز برلمانياً في مدينة الرمثا المحاذية لسوريا، المايكروفون خلال مأدبة إفطار أقامها الصحافي أحمد الطيب لنواب وإعلاميين. فجأة قرر الزعبي التحدث بـ «السياسة»، وهو ما لا يفعله أصلاً منذ ربع قرن تحت قبة البرلمان. واختار الرجل الموضوع الأكثر سخونة، وهو «صفقة القرن»، لكي ينتهي المشهد بعاصفة جدل بلا نهاية خصوصاً على وسائط التواصل الاجتماعي. لسبب غامض، ربط الزعبي – الموصوف بأنه قريب من طاقم السفارة الأمريكية شمال الأردن – بين «بقاء الأردن» وصفقة القرن، قائلاً بأن فيها «مصالح أساسية». وبدت عبارة «منفلتة وغير منطقية»، وليس بالضرورة أن تنطوي على «تكليف».
لكنها عبارة أثارت ضجة خصوصاً وأنها تماماً «خارج السياق الرسمي»، فحتى أعتى المتحمسين سراً للصفقة إياها، وكذلك المرتابون فيها من بين الشخصيات الأردنية، لا يستطيعون استعمال مفردة «البقاء» بالتوازي مع صفقة القرن، لأن الدلالة هنا «أكثر من خطيرة» و«المقايضة» استثنائية.
طبعاً لا يمكن القول بأن النائب الزعبي، وهو شخصية إشكالية وشهيرة وسبق أن التقته «القدس العربي» مرات عدة وبكامل خبرته وإدراكه، قدر مسبقاً العاصفة التي ستثيرها فتواه الغامضة، فالوسط السياسي برمته كان للتو مشغولاً بانتقاد حاد لكاتب إسلامي بارز نشر مقالاً يتضمن الدعوة لتقليب صفحات الصفقة قبل تقرير الموقف منها.
الأخطر أن الزعبي هنا، وهو شخصية «نافذة محلياً» في كل حال، يردد على الأرجح كلاماً سمعه في أقنية رسمية أو في أروقة عميقة نسبياً، بمعنى أنه لا يطلق العنان فقط لهواه في التحليل والرؤية ويتفاعل لفظياً-كعادته- مع مجساته الخبيرة هنا وهناك.
تصريح الرجل، وبصرف النظر عن عمقه ونواياه، أنتج أزمة مبكرة أمام الجمهور والشارع، وعلى أساس أن الزعبي «ناقل» وليس متبنياً لما قاله.
بكل حال، وسط الشعور بأن الأمور عموماً تتضخم بدون مبرر في الأردن فليس سراً بأن الجميع – وبدون استثناء في الشارع والحكومة – بانتظار «الصفحة التالية» أو «ما يلي» من كتاب صفقة القرن، وسط سيناريوهين لا ثالث لهما؛ يقترح الأول التريث وعدم الاستعجال والعمل «على المصالح» من داخل مطبخ صفقة القرن.
والسيناريو الثاني هو ذلك الذي يتحدث عن «خطر محدق» سيعبث بكل الملفات خلال شهري حزيران/يونيو وتموز/يوليو حصرياً، الأمر الذي يتطلب «خطة احتياطية ووقائية» من الواضح أنها لم تنجز بعد، أو على الأقل لا يبدو أنها واضحة بعد.
بالتوازي، أصبح حضور الحكومة الأردنية لورشة العمل الاقتصادية في المنامة بمثابة «اختيار أولي» للنوايا، خصوصاً وأن مسألة المشاركة أو المقاطعة تحسب بعناية سياسياً دون أن يتخذ قرار نهائي بعد. الوصفة الأصلح للأردنيين تتمثل في «الاحتماء» وراء المقاطعة الفلسطينية لملتقى البحرين الاقتصادي والتركيز على أن عمان تقبل ما تقبل به الشرعية الفلسطينية، وهو موضوع نوقش مباشرة بدون وسطاء بين الملك عبد الله الثاني والرئيس محمود عباس، من باب الترجيح التحليلي دون بروز قرار محدد.
ما يرشح يؤشر على أن حكومة الأردن قد تلجأ إلى خيار ثالث بخصوص ورشة عمل البحرين، خصوصاً وأن العلاقة مع الإمارات ترتبت مؤخراً وسط عناصر الاتفاق على دعم عسكري لقوات الجنرال خليفة حفتر في ليبيا، كما أن العلاقة مع مملكة البحرين أصلاً متميزة. الخيار قد يؤدي إلى مشاركة الأردن في النهاية في ورشة العمل المثيرة للجدل. ولكن بأخفض تمثيل «فني مالي» ممكن وبوفد قليل العدد يمثل موظفين معنيين بالاستثمار ليس أكثر.
وعلى قاعدة «لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم» خصوصاً وأن المسألة تتعلق بمؤتمر»خاص» وليس رسمياً ولا يعقد في بلد مهم ومحوري مثل السعودية تنتهي مقاطعته بأسئلة ومراجعات.
وثمة ما يؤكد هنا أن الإدارة الأردنية لا تريد اعتبار ملتقى البحرين إشارة سياسية من أي نوع على قبول مسبق لخطة التسوية الأمريكية المقبلة، مع أن السياسي المخضرم طاهر المصري عبر وأمام «القدس العربي» عن قناعته بأن «ملتقى البحرين» هو أول خطوة في محاولة لـ»شرعنة» صفقة القرن وتدشين موسمها، مقترحاً بأن تمتنع بلاده عن المشاركة؛ لأنها تعرض ضمنياً على الشعب الفلسطيني «الخبز» بدلاً من مشروع الدولة و»تستدرج» الأردن.
في مقايسات يلمح لها مسؤولون أردنيون آخرون، ثمة حديث عن «ضرورة التواجد على الطاولة» والتأكيد على الموقف الأردني الثابت.. تلك طبعاً محاولة تمهيدية للمشاركة في الحفلة برمتها.