مقالات وآراء

الجدل يحتدم في الأردن بعد انقلاب المحامين والمعلمين على «الرزاز»

صعب جداً تجاهل مداخلة مسجلة باسم وزير المياه الأسبق المخضرم في الأردن، الدكتور حازم الناصر، عندما يتعلق الأمر بشبهة عدم قانونية قرار الحكومة الجديد والمثير والمخالف لمنطوق الأمن الزراعي والغذائي بتحويل واجهات زراعية إلى تجارية.
الناصر، كان قد رفض الانضمام سابقاً إلى حكومة الرئيس عمر الرزاز، ابتعد عن الأضواء نحو عامين. لكن التنسيب الذي حظي به في هذا السياق وزير البلديات، وليد المصري، استفز الناصر فيما يبدو، ودفعه لإعلان مخالفة القرار لقانون سلطة وادي الأردن، وبالتالي عدم دستوريته.
وجهة نظر الناصر هنا بسيطة، ونشرها على صفحته التواصلية، وتتعلق بعدم جواز السماح بتنظيم تجاري على واجهات الوحدات الزراعية في مناطق شاسعة من الأغوار، مشيراً إلى أن المزارع البسيط سيكون المتضرر الأكبر.
القرار أثار جدلاً مبكراً، وملابساته غامضة وغير مسبوقة، ويمس بالأسس التي حاولت بيروقراطياً في الماضي ترسيم ملامح منطقة وادي الأردن.
التفسير المباشر للقرار التقطه الناشط الإعلامي الشاب إسلام صوالحة، عندما تحدث عن حكومة النهضة وهي تسمح بالترخيص التجاري في واجهات مناطق زراعية، متوقعاً أن تنتشر قرب المزارع محلات الشاورما وبيع القهوة.
لم تعرف بعد الطريقة التي دفعت بالوزير وليد المصري لإقناع رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز بهذا القرار.
لكن التأويلات المباشرة التي يلمح إليها الناصر تنتج انطباعاً بأن حيتان الزراعة هم المستفيدون من أي نشاط تجاري على واجهات مساحات أراض يخصصها القانون للزراعة فقط، مع أن المقربين من وزارة البلديات ووزيرها المصري يتحدثون عن إجراء تنظيمي محدد ومدروس يساهم في تفعيل النشاط التجاري بالقرب من المزارع وبصورة تؤدي إلى تحسين معيشة المواطنين في وادي الأردن، وتخفض من مديونية المجالس البلدية عبر عوائد التنظيم والضرائب وبدل الخدمات.
لا تبدو مبررات وجيهة أو مقنعة، لكنها تمثل خطاب وزارة البلديات في التبرير.
بهذا المعنى، ملف سلطة وادي الأردن يتدحرج ليصبح قضية رأي عام جديدة في حضن حكومة الرئيس الرزاز. حصل ذلك مباشرة بعدما أعلن نقيب المحامين، مازن ارشيدات، وللمرة الثانية، التمرد على نظام الفوترة الضريبي الذي أصبح مكملاً لقانون الضريبة في حالة تتمرد على الحكومة والقانون بصورة غير مسبوقة.
ظهر النقيب ارشيدات، مساء الأحد، مجدداً يتمسك بقرار نقابته عدم الالتزام بنظام الفوترة، متحدياً أن تستطيع السلطة سجن جميع المحامين على أساس أنهم ملزمون بقرار نقابتهم بموجب القانون. وحاول وناور النقيب ارشيدات، عبر شاشة المملكة، وراوغ الإجابة المباشرة عن أسئلة تقدم بها وزير التخطيط الأسبق الدكتور تيسير الصمادي، حول مبررات ومسوغات النقابة في تحدي نظام الفوترة، بمعنى تحدي القانون بدلاً من إعلان النضال المدني ضده والسعي لإسقاطه أو تعديله، كما يحصل بالعادة في العمل النقابي.
كشف ارشيدات، لأول مرة، وهو يحاول تبرير موقفه، عن عملية تضليل قامت بها الحكومة ضد النقابات المهنية عند انطلاق حوارات قانون الضريبة الجديد.
وقال أن النقابات اتفقت مع الحكومة آنذاك على تمرير بعض مطالب النقباء وترك مطالب أخرى حتى يمررها مجلس النواب، لكن الحكومة خدعت الجميع وتم إقرار القانون دون أي تعديلات من النواب، وكما ورد من الحكومة.
تلك معلومة مثيرة إلى حد كبير، يفجرها نقيب المحامين المتمرد على نظام الفوترة الضريبي، في الوقت الذي أربكت خطوته فيه خطط الحكومة ومشاريعها واتجاهاتها.
في الأثناء، يلاحظ الجناح المقرب من رئيس الحكومة أن معدل تراكم الكمائن والمطبات في طريق وزارة الرزاز زاد في الآونة الأخيرة، فبعد حادثة كلب البوليس في مدينة إربد، التي أثارت السخط العام، برزت قصة نقابة المحامين وإعلانها التمرد على نصوص قانونية.
ويقر المرجع القانوني، زياد الخصاونة، أمام «القدس العربي» بأن الموقف المعلن من النقابة كان يمكن عرضه بصيغة مختلفة.
لكن تصعيد نقابة المحامين يتزامن مع تصعيد النقابة الأكثر والأعرض في البلاد، وهي نقابة المعلمين، التي أعلنت نيتها التصعيد في حال عدم إقرار علاوة للمعلمين بنسبة 50 %.
نقيب المعلمين كان قد انتقد أيضاً دور معهد المعلمين حديث التأسيس في السيطرة على برامج الإعارة للخارج، وهو معهد يحمل اسم الملكة رانيا العبد الله، صاحبة المبادرات المتسعة في مجال جودة التعليم ورفع كفاءة المعلم.
بالتزامن أيضاً، بدأت تحصل إضرابات هنا وهناك على أساس مطلبي.
وبالتزامن نفسه، يعلن عضو البرلمان خالد رمضان، بأن فكرة العصيان المدني تتدحرج، ويحرج نقيب المحامين بموقفه الصلب والشرس والمتحدي زملاء في بقية النقابات المهنية مثل الأطباء والمهندسين وأطباء الأسنان.
عملياً، يتم تركيب صورة تنتهي بأن النقابات المهنية تسحب تفويضها القديم لدعم حكومة الرزاز، وثمة من يتصور بالقرب من رئيس الوزراء بأن كل ذلك لا يحصل عبثاً.
وبأن بعض مراكز القوى بدأت تسحب البساط من تحت أرجل الحكومة وتزرع المطبات في طريقها عشية دورة استثنائية للبرلمان أظهرت احتمالات التأزيم والتوتر الكبيرة بين الحكومة والنواب، تمهيداً للدورة العادية المقبلة، الكاتب والخبير البرلماني وليد حسني.
المقربون جداً من الرزاز يعتبرون بأن الخيط بدا يرتبط ببعضه ويحيك معادلة جديدة في اتجاه التحريض على الحكومة من اللحظة التي يتحرك فيها وزير سابق بحجم حازم الناصر ضد توجهات الحكومة، بعد تحرك نقابتي المعلمين والمحامين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى