مقالات وآراء

تركيا تفتح «قبر حافظ الأسد»… وحرب سعودية بالوكالة على «فيروس» الكويت… والقبيلة ضد الفساد باستثناء «لصوصها»

محطة «آر تي» التركية الناطقة بالعربية أعادت تذكير الجميع فجأة بإتفاقية «أضنة السرية»، التي وقعها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، والتي يبدو أنها تضمن دخول القوات التركية إلى العمق السوري بحدود 5 كيلو مترات، عندما يتعلق الأمر بـ«الإرهاب الكردي».
لسبب أو لآخر قررت المؤسسة التركية إخراج ورقة «الأرنب» الجديد سياسيا، بدلا من الجعجعة والطحن على الفضائية السورية، التي تحذر مرة من «التدخل العسكري التركي» وأخرى من «الاحتلال التركي».
قد تشكل تلك النافذة خطوة لتذكير «المتسرعين» اليوم في الدولة السورية، بما كان يهندسه راحلهم المخضرم الرئيس الأب، الذي سلم ابنه بلدا جاهزا وكبيرا ومستقرا، ولا يجازف قبل أن يحيله العهد الجديد إلى مجرد «ذكريات» وأشلاء وطن، فقد نصف أهله، ويتسول الباقي «المازوت» من الجيران ويحتاج لـ300 مليار دولار لإعادة إعماره.
نزور تركيا بين الحين والآخر، ونعلم يقينا بعدم وجود قضية تحظى بالاجماع الشمولي والتوافق، حتى بين خصوم السياسة والأحزاب مثل ملف الانفصال أو الارهاب الكردي.
يعرف الأتراك أن من يعبث بهذا الملف طرفان هذه الأيام، هما النسخة العصرية من العهد السعودي وإسرائيل.
لكن ما علينا، فسوريا تستعيد عافيتها وتركيا تستعين بقبر حافظ الأسد لشرعنة دفاعها عن مصالحها الأمنية والرقص والأغاني «على ودنه» في شوارع مكة والرياض.
وهذه أخبار جيدة في كل حال لا يتابعها تلفزيون الحكومة الأردنية الرسمي، وهو يصر وبعناد على تغطية تصريح وزير الخارجية وزميلنا سابقا وصديقنا حاليا أيمن الصفدي، عندما يكرر الإسطوانة نفسها عن «حل سياسي في سوريا».
يا عم صفدي: حل سياسي مين والناس نايمين؟ عزيزي الرصاص يتحدث ويحسم وسوريا قد تكون – نقول قد- تحت «الوصاية الروسية»، إسأل الصديق لافروف ومعه عدنان أبو عوده.

حرب… ضد الكويت

لو كنت سعوديا وخاطبني إعلامي كويتي و«عايرني» بسبب عدم وجود برلمان وانتخابات في مملكتي لطرحت عليه عبر هواء «أم بي سي» السؤال الاستنكاري التالي: وهل لديكم أنتم في الكويت القدرة على تنظيم بطولة العالم في لعب الورق، بدعم وإسناد من مفتي المملكة ومشايخ المولينكس؟!
الاعلامي الكويتي الزميل جعفر محمد «زادها حبتين» كشقيق أصغر يعاتب ويلاحظ على الأكبر بعدما قررت «أم بي سي» منع نشر حلقة تسخر من البرلمان الكويتي.
صاحبنا ينتفض ويدافع عن خصوصية الديمقراطية الكويتية ويخاطب «أم بي سي» قائلا: بيتكم من زجاج.
الرد الأنسب ينبغي أن يصدر عن التلفزيون السعودي، مع التذكير مثلا أن دولة صغيرة مثل الكويت لا تستطيع إحضار نجوى كرم وماجدة الرومي ووليد توفيق وراغب علامة معا للرقص والوصلات الغنائية، التي نرحب بها في كل حال لو أقيمت في أي مكان، خلافا للمدينة المنورة.
باختصار وببساطة، وبعد إسقاط الكثير من التفصيلات تقديرنا كالتالي: الكويتي الحر غانم المرزوق ملأ الفضائيات بمواقف «قومية» وعروبية مع فلسطين وضد إسرائيل. هذا المناخ لا يناسب «المسطرة السعودية» الجديدة المتحالفة مع نتنياهو، خوفا من ملالي طهران.
وعليه كان لا بد من حرب بالوكالة عن الإسرائيليين على فيروس «التجربة الديمقراطية الكويتية»!

العشيرة ضد الفساد.. لكن!

تقف شاشة التلفزيون الأردني الرسمي تقريبا على المسافة نفسها مع شاشة المملكة المستقلة، لكن الرسمية أيضا عندما يتعلق الأمر بتكرار وزيرة الاتصالات جمانة غنيمات للاستغراب من مفارقة أردنية بامتياز، قوامها إحراق إطارات وقطع طرق باسم العشيرة والقبيلة مرتين ودوما على القضية نفسها .
في الأولى تقطع الطرق احتجاجا على الفساد وفي الثانية تشعل الإطارات في الطرق نفسها تضامنا مع ابن العشيرة المتهم بالفساد.
تلك صورة تلفزيونية لها علاقة بالكوميديا الأردنية، ليس أكثر ولا أقل.
الأردني عندما يغضب يحرق مركز البريد أو العيادة الصحية، التي تظاهر عشر سنوات من أجل بنائها في قريته.
حسنا، حتى هذا النمط من الاحتجاج المنحرف والإجرامي، في بعض الاحيان، لا يحصل دفاعا عن الوطن أو بهدف تحرير فلسطين، بل هو دفاع عن ابن القبيلة أو العشيرة، الذي تم إيقافه للتحقيق معه بتهمة فساد.
أبناء العشائر يرفعون دوما بالصوت العالي هتافهم «لا عشيرة ولا قبيلة لفاسد»، لكن بعض هؤلاء يتجهون للعكس تماما عندما تبدأ أجهزة الدولة بالتصرف.
السلطة دوما، ولأسباب تخصها ونعرفها جيدا، تتواطأ مع هذه المفارقة وتوظفها.
الوزير أصلا يصبح وزيرا ضمن نطاق المحاصصة القبلية والجهوية والمناطقية. أليس من الطبيعي أن تخرج القبيلة أو الجهة دفاعا عنه عندما يفقد وظيفته أو يحاكم؟
من يغلق الشارع أو يحرق إطارا هنا، فقد للتو امتيازا، وقد سمعت باذني أحد كبار اللعبة يسخر من المسألة أمام قواعده الانتخابية قائلا: معاذ الله أن أحارب الفساد.. كيف سأوظفكم إذا وأضمن مصالحكم؟!
مكافحة الفساد الحقيقية لا علاقة لها باستعراضات الانتقاء والولاء، فهي تبدأ فقط من إعلان سياسي وطني يعلن وفاة المحاصصة في الوظائف العليا، ويبلغ الشعب المسكين أن المهنية فوق الولاء والقبيلة والعشيرة والجهة والمنطقة، ليس أكثر ولا أقل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى