مسلسل «الديكتاتور والمندسون» في السودان فجر السعيد كويتية بـ«العبري» واحتفال أردني بـ «أضخم قرض»
حتى أنت يا خديجة! الإعلامية الكويتية فجر السعيد تعمل على طريقة «التفخيخ التركية» الفاشلة لصوامع القمح الأردنية على أمل أن تحظى ولو بالقليل من الأضواء.
أكثر ما يلفت النظر أن الحاجة فجر السعيد، وبعد تحدثها للشاشة العبرية، تبرر شغفها بالتطبيع مع كيان العدو بالحرص على الاستثمار العربي في مجال «السياحة الدينية»، خصوصاً في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.
هنا نرصد مزاحمة بنكهة كويتية هذه المرة للوصاية الأردنية، وتجاوز تاريخي لحق الشعب الفلسطيني بإدارة استثماراته الدينية مستقبلاً بعد زوال الاحتلال.
نشعر بالحزن، لأن الأخت فجر السعيد تنضم إلى تيار خليجي عارم عيونه على الاستثمار الديني لقبة الصخرة.
بمعنى آخر، نحن الأردنيين وبصفتنا أصحاب الولاية، وهي «أمانة» في كل حال، «مش» خالصين من الزحام السعودي والتركي في المسجد الأقصى.
وها هو الزحام الكويتي ينضم للحلقة، لكن بلغة نسائية ناعمة، تحاول تبرير استعراض إعلامي غير مبرر من خلال موقف منحرف.
فجر السعيد «بتتكلم عبري» هذه المرة برفقة وزير الخارجية البحريني. كل ما أتذكره هنا هو عبارة «يا حلاوة يا أولاد» التي رافقت لعقود لسان فنان مصري محترم.
باختصار، كمية الفجور الإعلامي والسياسي في الموقف لم يسبق لنا رصدها في أي موقف مماثل.
إلى السودان
قفزت إلى الذهن تماماً صورة الراحل معمر القذافي على شاشة الفضائية الليبية، وهو يتحدث عن الجرذان المندسة، التي تحركت ضد نظامه، وأنا أستمتع دوماً برفقة الفضائية السودانية بمشاهدة العصا الرفيعة التي يلوح بها الرئيس عمر البشير في خطاب على الهواء المباشر عبر فضائية السودان تخلله كل مقتضيات الخطاب العربي المتواصل عن «مؤامرة ومندسين».
القصة العربية نفسها من أولها: أجانب وعملاء وأصحاب أجندات ومندسون يحاولون التآمر على تلك العلاقة الودية جداً بين الشعب والقائد الضرورة.
حتى في الأردن عندما اعترض الناس مرة على الأسعار خرج الرئيس عبد الله النسور يوماً وهو يحذر من «مندسين».
المسلسل الدرامي يتواصل عرضه، والسؤال: لماذا لا ينشغل المندسون والمتآمرون على الديكتاتور العربي إلا عندما تلفح سياط الجوع ظهور المواطنين جراء رفع الأسعار؟
لا يوجد أي ديكتاتور إلا في طريقه آلاف المندسين وزراع «الكمائن»، مع أن نهاية الديكتاتور معروفة أصلاً وتنسجم مع مقولة «ابن الحرام لا تزقه.. بيوقع لحاله».
وعليه، ينبغي على الأخ القائد ألا يقلق، فحتى الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يقلق ولم يرف له جفن وهو يبلغ مذيع «سي بي أس» الأمريكية، وبكل ثقة، بعدم وجود أي سجين سياسي أو معتقل رأي في مصر، رغم أن العدد – وحسب المنظمات المصرية – يزيد على 60 ألفاً.
شعب خلف الزجاج
لا علينا، فشعبنا الأردني الصابر الطيب كله «خلف الزجاج» بانتظار الفرج، الذي كان رئيس الوزراء عمر الرزاز مسروراً وهو يعلنه لمراسل التلفزيون الأردني، وخلال تهربه من كاميرا مراسل «الأردن اليوم».
شاهدنا التابع «قفة» وهو يبعد كاميرا «الأردن اليوم» في ممارسة نعرفها، وذاق الوطن مراراتها طوال العقود، وأبطالها دوماً من عائلة «ملكيون أكثر من الملك».
«لا يصح إلا الصحيح واِحنا فجرنا التصحيح». اقترح هذا الهتاف على الحراك الشعبي وقبله طاقم رئيس الحكومة الرزاز، لأن لغة الاحتفال بالحصول على «أكبر قرض»- أخيراً- لسداد قرض قديم تدلل على مستوى الخلل وحجم الكارثة.
أصوت طبعاً للرأي القائل بأن «سداد آخر قرض» هو الذي يستحق الاحتفال والبهرج الوطني، وليس اقتراض أكبر مبلغ.
لكن الحكومة احتفلت، لأن البديل ببساطة بعد الاصطدام في الحائط هو النوم في داخله – أقصد الحائط.
عامل النظافة والملك
نعود للزجاج. عامل الوطن الأردني خالد شوملي، لم يخطط إطلاقاً لحالة يصبح فيها نجماً عالمياً، حيث تستضيفه «سي أن أن» ثم تعيد فضائية «الكأس» الرياضية تمثيل ما حصل معه وتعتبره الشاشات هدفاً مثيراً وبصورة تطلبت منه المظهر اللائق.
كل ما فعله الشاب أنه وقف أمام لوح زجاجي لأحد المقاهي لمشاهدة مباراة بلاده مع أستراليا.
بعد يومين تلقى اتصالاً هاتفياً من الديوان الملكي طلب منه البقاء مكانه، لأن سيارة ملكية ستأتي إليه، وخلال دقائق إذا به يشارك الملك شخصياً وولي العهد، بمتعة مشاهدة مباراة الأردن وسوريا.
لاحقاً، فقد الشاب الحياة التي يعرفها، ولم تعد بين يديه مادة تلبي شغف المطاردة الإعلامية.
وانقسم القوم فوراً، وكالعادة، إلى صنفين، رغم أن القصة كلها عبارة عن «لمسة ملكية» إنسانية طبيعية في ملوك الأردن لا تستوجب كل هذا الطحن وتفريغ الهواء.
في القسم الأول نزع المضمون النبيل من كثرة ما بالغ بعض المنافقين والمسحجين.
وفي القسم الثاني انحرف البعض تماماً عن العقل والمنطق وهم يقترحون أن الموقف برمته «تمثيلي».
أما الأهم فقد نسي القوم بأن الشعب برمته اليوم يقف حائراً أمام لوح زجاجي مثل الشوملي، بدليل أن دولة رئيس الوزراء، ومن سوء حظه العاثر، مضطر للاحتفال بالسماح له بمزيد من «الاقتراض».