اراء و مقالاتمقالات وآراء

فريدمان قرع جرس الإنذار… والمواطن الأردني يسأل الحكومة: «لماذا تصغير الأكتاف أمام الأمريكي والإسرائيلي؟»

سر «غيبوبة تويتر» وزير الخارجية والحكومة وملف الإصلاح السياسي

 

يعيد إعلان الليكود الإسرائيلي هجمته المنسقة بتراتبية مرصودة ضد القيادة الأردنية. حصل ذلك مجدداً أمس الأول ضمن جرعة تكثيف ليكودية بات من الواضح أنها تستهدف الدولة الأردنية وتشكيك الأردنيين في مستقبلهم، وتحاول العزف على وتر ملامح تصفية القضية الفلسطينية على حساب إثارة الفوضى في الأردن.
التزامن لا يمكن إسقاطه من حسابات التحليل بين عودة نشاط منابر الليكود الإسرائيلي ضد الأردن، وبين ما قاله السفير الأمريكي في تل أبيب ديفيد فرديمان، مؤخراً، وتجاهله حكومة عمان بالمطلق عندما وصف الوجود الأردني بأنه احتلال للضفة الغربية دام 19 عاماً، بالرغم من قرار وحدة الضفتين، وعندما اعتبر أن لليهود حقهم بما أسماه بـ»يهودا والسامرة»، قارعاً كل أجراس الإنذار.
طرفان فقط حاولا الرد على الليكود الإسرائيلي، هما رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، وجبهة العمل الإسلامي، حزب المعارضة الأكبر. الفايز حذر الأردنيين مجدداً، في جلسة خاصة حضرتها «القدس العربي»، من تلك السموم التي يبثها أي طرف تحت عنوان تشكيك الأردنيين والاستسلام لرواية تزيف التاريخ.
حزب جبهة العمل الإسلامي، وهو ذراع للإخوان المسلمين، كان له بيان طويل وعريض هو اليتيم في الساحة، الذي يحاول الرد على استفزازات السفير فريدمان وتزويره للتاريخ. قطع مجلس النواب مسافة صغيرة بعد خمسة أيام من تصريحات فريدمان ببيان خجول ينتقد ويطالب الحكومة بالتحرك.
في كواليس النواب، يسأل حتى رئيس المجلس عاطف الطراونة: لماذا نستمر في «تصغير أكتافنا» نحن الأردنيين أمام الأمريكي أو حتى الإسرائيلي؟

كل من يقترحون تكبير الأكتاف، ولو قليلاً، لا يقدمون وصفة متكاملة، وقد تكون هذه الجبهة أول من يهرب من الكلفة والاستحقاق في لعبة الإمكانات وفقاً لما ألمح إليه الرئيس الفايز، لكن تصغير الأكتاف فعلاً يثير الاستفزاز ويغذي شهية الاستفسار والأسئلة.
عضو البرلمان محمد هديب يسأل، بمعية «القدس العربي»، عن أسباب غيبوبة «تويتر» وزير الخارجية أيمن الصفدي الذي صال وجال في العالم وهو يتحدث عن المصالح الأردنية، ثم تغيب مع حكومته فجأة ودون أي تعليق على ما قاله بنيامين نتنياهو سابقاً حول ضم الأغوار وشمالي البحر الميت، أو ما قاله فريدمان لاحقاً حول الاحتلال الأردني للضفة الغربية.
يتنهد هديب وهو يقول: تلك غيبوبة مريبة.
لكن السؤال: هل يغيب وزير مثل وزير الخارجية بقرار شخصي، أم أن الدولة تحاول اليوم تلمس العناصر الأساسية في المشهد بهدوء وحذر؟
صعب جداً معرفة ذلك، ليس فقط لأن وزير الخارجية الحالي لم يعد وحده في ميدان العمل الدبلوماسي ويتجه نحو التعبير الكلاسيكي عن حوار الدولة، فيما يتحرك في الفضاء الدبلوماسي آخرون أقوياء، ولكن أيضاً لأن الدولة تجري حساباتها ولديها توجه، لكن خطة الاشتباك مع التفاصيل لا تزال بعيدة عن العلنية، وإن كان بعض أصحاب الرأي يعتقدون بأن صفقة القرن آتية لا محالة، وبأن الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي يتعرض لها الأردنيون اليوم تمهيد لها بمطلق الأحوال.
يثير مثل هذا الرأي عملياً السؤال الأكبر حول جدوى وإنتاجية مواجهة نتنياهو أو فريدمان أو مقالات الليكود التي أصبحت كالمطر ضد القيادة الأردنية، ودون قرارات جريئة على مستوى التحدي تساهم على أقل تعديل بتحسين المصالح وشروط التفاوض.
ألمح مخضرم من وزن وزير الخارجية السابق، ناصر جودة، إلى إطار يتعلق بوجود مفاوض مهني محترف اليوم يجمع مكاسب إضافية للدولة في حال أصبح الاستسلام للواقع الموضوعي ملاذاً إجبارياً لبوصلة القرار والدولة.
في المقابل، يخشى مفكر سياسي من وزن عدنان أبو عودة، بأن يتم «إبلاغ» الأردن فقط، وليس مشاركته في الطهي والإعداد والطبخ السياسي، ولا خريطة طريق واضحة تقدم للحكومة الأردنية اليوم تشخيصاً دقيقاً عن ميزان القوى في المعادلة الفلسطينية تحديداً، حيث انتخابات معلنة ولن تجري، ورئاسة حائرة، وحيث -وهذا مهم جداً- حزب السلطة، ممثلاً بحركة فتح، يتحول بالتدريج إلى حركات ويعاني من الانقسامات والتصدع.
العداء في مواقع القرار لا يزال صلباً ضد الإخوان المسلمين في الأردن.. الأزمة المالية خانقة.. الإصلاح السياسي في الثلاجة.. لا مؤشرات على الإيمان بضرورة وجود حكومة وطنية قوية… تردد وتلعثم في اتخاذ إجراءات مطلوبة أمس وليس غداً.
تلك عناصر تضعف هوامش المناورة والمبادرة أمام الأردني على مستوى الأفراد والمؤسسات، ويصبح التعقيد معقداً بدوره عندما يضاف إلى المشهد الهاجس التالي: مع مجلس نواب مطيع مثل الحالي، تبدو السيطرة صعبة أحياناً، فما الذي سيحصل إذا أجريت انتخابات نظيفة وتشكل برلمان قوي فعلاً؟
لا أحد طبعاً يمكنه الإجابة، لكن الجميع يتوجس ويخاف منها، والأكثر حساسية أن المواجهة والاشتباك مرحلياً في وضع داخلي غارق في السلبية وتحالفات تعيد إنتاج نفسها دون أي خطوات جذرية وعميقة نحو الإصلاح السياسي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى