من هو «خليفة الرزاز»؟… سؤال يتجول وسط «أزمة المعلمين» ولا مؤشرات على «ترحيل» الحكومة
المصري ينفي «التقول على اسمه» والفضول يخترق كل الجبهات
يعرف سياسي أردني مخضرم من وزن طاهر المصري ما الذي يعنيه بصورة محددة نقل تصريح «مغرض» أو «متقول» على لسانه بخصوص «هوية» رئيس الوزراء المقبل وسط المناخ الساخن سياسياً في البلاد إثر تداعيات أزمة «إضراب المعلمين».
المصري، المشغول طوال الأسبوعين الماضيين في ظروف عائلية قاسية والبعيد عن المعترك السياسي والجدل، وجد نفسه في مواجهة تعليق لم يصدر عنه يتحدث عن رئيس وزراء جديد وفي ظل فوضى المعلومات التي تشيعها منصات التواصل الاجتماعي.
الرجل المخضرم وصاحب الخبرة الطويلة أصدر تصريحاً رسمياً نفى فيه تحدثه أصلاً بالمعلومات، وقال ما يقوله المحترفون في الطبقة السياسية، حيث صلاحيات التغيير الوزاري والتعديل بيد «جلالة الملك» فقط، وحيث لا يوجد أصلاً معلومات ولا معطيات بين يديه -أي المصري- حول المسألة.
لكن هذه الحادثة العابرة تعكس الانطباع العام حول شغف النخبة والصالونات السياسية الأردنية بتقليب الصفحات والبحث في بورصة الأسماء لاختيار أو ترشيح أو البحث الفضولي عن «خليفة» الدكتور عمر الرزاز في منصب رئيس الوزراء. يحصل ذلك بسبب الاحتقان العام في البلاد اليوم. وبسبب عدم توحد بقية مؤسسات الدولة خلف مشروع وأداء وخطاب وفرصة حكومة الدكتور الرزاز.
ويحصل رغم عدم وجود أي إشارة «مرجعية أو ملكية» من أي نوع يمكن أن تقود إلى استنتاج له علاقة بوزارة جديدة قريباً وقبل أشهر فقط من الدورة العادية الأخيرة للبرلمان الحالي.
لكن ما حصل من «افتراء» بعنوان اجتهادات سياسي ثقيل الوزن من حجم المصري يظهر مجدداً شغف النخبة والأوساط الإعلامية، وحتى الشعبية، باستمرار البحث فضولياً عن هوية الرئيس المقبل للوزراء أو الورقة المقبلة التي ستلعب بها المؤسسة مع الشارع بعد أحداث نقابة المعلمين الأخيرة، وفي ظل الاستعصاء السياسي والاقتصادي.
مثل هذا الفضول يرافق في الواقع أي رئيس وزراء وكل الحكومات.
لكن في حالة الرزاز تحديداً لا يتصدر مثل هذا الفضول بدون «مزاحمة»، حيث شخصيات متعددة داخل وخارج الحكومة تلاحظ على الوزارة ورئيسها وشخصيات أكثر في الداخل والخارج تطمح بـ «وراثة المقعد» بسبب بقاء البلاد في سياق عقدة الحكومات قصيرة العمر وأجندات الوقائع على الأرض عندما تتغير.
مبكراً، التقط الرزاز مؤشرات الشغب ضد مشروعه وحكومته التي تصدر مرة باسم الحراك الشعبي ومرات بتوقيع فضول النخبة السياسية ومتطلبات عرض الذات والوراثة، وأحياناً بحكم صعوبة «هضم وقبول» الرزاز وحكومته من أطراف عدة وجبهات ومراكز قوى أساسية في إدارة الدولة العليا.
الأكثر حساسية أن رسائل الشغب في عدة حالات تصاعدت من قبل أركان في الطاقم الوزاري نفسه العامل مع الرزاز، خصوصاً عند وزراء يعتقدون بأن وجودهم ضمن «خيارات الدولة» وليس «الرئيس». وإن بعض عناصر طاقم الوزارة أظهروا في مواقف ومعطيات عدة جملة معاكسة لجملة رئيسهم في محطات عدة، سواء في اجتماعات سياسية حاولت مناقشة قانون الانتخاب والإصلاح السياسي، أو حتى في محطات حاولت التعاطي مع أزمة المعلمين الأخيرة.
خلافاً لذلك، من نافلة القول التأشير إلى أن طامحين بمقعد الرئاسة يعملون اليوم تحت ظل الرزاز، وهذا أمر طبيعي في حالة التزاحم النخبوي الأردنية التي تشمل أيضاً شخصيات عدة تتحرك في الفضاء السياسي وتكثر من «نقد الحكومة ومراقبتها» وتزعم بأن لديها وصفة الاحتواء.
هنا، وفي ظل التحديات المتراكمة، يحاول الرزاز عدم الالتفات إلى التكهنات والعمل والتركيز على الملفات، على أمل بث -ولو قليلاً- من الروح المعنوية في زملائه الوزراء الذين أصابهم الضجر مجدداً من كثرة الأنباء حول احتمالات الرحيل المبكر.
وذلك يتفاعل رغم قناعة غالبية الخبراء في إدارة الدولة العليا بأن عمر الحكومة الحالية أصلاً تنتهي صلاحيته في الربيع المقبل، وبعد الدورة الأخيرة للبرلمان، حيث تستعد البلاد لمرحلة الانتخابات الجديدة بحكومة جديدة، كما جرت العادة.
بمعنى أن حكومة الرزاز «راحلة لا محالة»، عملياً وإجرائياً وسياسياً، بسقف الربيع المقبل وبعد انتهاء ولاية البرلمان، ويبدو أن الرزاز حصل في الباطن على تأكيدات بهذا المعنى دفعته، في مؤتمر البحر الميت الاقتصادي، إلى التغميز برسالة قال فيها لرئيس مجلس النواب عاطف طراونة بأن الحكومة ومجلس النواب سيعملان معاً للدورة العادية المقبلة.
عبارة الرزاز هنا لم تخفف من حدة مطالب ترحيل الحكومة حتى داخل مؤسسات القرار وفي المنصات والشارع، ولا من إحساس كثير من الأوساط السياسية بأن «كل الاحتمالات واردة»، خصوصاً إذا تجاوزت تداعيات أزمة المعلمين الخط الأحمر، حيث تسقط عندها كل الاعتبارات المفترضة.