الأردن: هجوم شرس على “تمكين” الشباب و”تعديل” نظام الانتخاب
تبدو الفرصة مواتية مجددا لنقاش أقل صخبا تهزم فيه تصورات رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز في الإصلاح السياسي شر هزيمة بعد سلسلة ضربات منهجية من داخل وخارج الحكومة “أطاحت” بوثيقة سياسية مقترحة كان الرزاز قد أمر بالتشاور حولها بعدما طبخها على نار هادئة وزير الثقافة والشباب الدكتور محمد أبو رمان.
ثمة استراتيجية متكاملة بعنوان “تمكين الشباب” يقترحها الوزير النشط أبو رمان بهدوئه المعتاد ويتبناها الرزاز لكنها تواجه بالصيغة نفسها العديد من “المطبات” وتحيط بها العديد من الهواجس وقد لا تصمد كثيرا خلال الاسابيع المقبلة ليس بسبب مضمونها حصريا، ولكن بسبب من اقترحها وحماس الرزاز لها. وهما سببان عمليا ينتجان خصوما مفترضين من داخل مراكز الاستحكام والقوة في الدولة وليس خارجها حتى قبل قراءة “السطر الأول”.
ما تواجهه استراتيجية “تفعيل الشباب” تعرضت مبكرا لحادثة أشبه بالإنفلونزا الحادة على حد تعبير أحد المستشارين السياسيين بعد واقعة شهيرة في مدينة الكرك قال فيها ناشطان شابان أمام الملك عبد الله الثاني وحشد من الوجهاء ما معناه: “سيدي الأمور ليست بخير”.
لاحقا وجهت التهمة للرزاز ولأحد الوزراء بالتسبب في “موقف محرج” وبالسماح بتسلل رموز من المعارضة والتيار المدني من خارج جملة الولاء المألوفة لاجتماعات مهمة.
الملاحظة الاتهامية مباشرة وتتسع لجناح في حكومة الرزاز بعنوان توفير الغطاء الوزاري لـ”تسلل” خارج الحسابات المركزية وبالتالي العمل “خارج الصندوق” بخصوص قطاعات الشباب وبطريقة تنطوي على مجازفة.
طبعا وزير الشباب أبو رمان وسط هذه المعمعة لكن وسطها أيضا اليوم الرزاز بعدما انضمت أدبيات السعي لـ”تمكين” التيار المدني بصورة حساسة في أقنية وحديقة الحكومة والدولة وبصورة غير متفق عليها.
وبعدما قيل في أروقة القرار التنفيذي عدة مرات بأن رئيس الوزراء يبالغ في لقاء ومجاملة نشطاء شباب من خارج “الولاء التقليدي” وثمة من يحاول في حكومته “تهميش” مؤسسات شبابية موازية منضبطة ومجربة وبطريقة لا تناسب أولويات التيار المحافظ ولا طبيعية المؤسسات والدولة الأردنية. هنا يمكن ببساطة ملاحظة مستوى الجدل خلف الستارة الذي يحاول إعاقة استراتيجية الشباب الجديدة الطموحة بالقدر نفسه الذي أعاق فيه وللسبب نفسه تقريبا وثيقة إصلاح سياسي ليس صدفة ان الرزاز تحمس لها وكتبت بقلم الوزير المثقف أبو رمان وهاجمها ونهشها الجميع في مجلس الوزراء بداية بنائب الرئيس الرجل الثاني في الحكومة الدكتور رجائي المعشر ومرورا بحلفاء افترض الرزاز أنهم موالون لمقترحات الإصلاح السياسي.
وقبل ذلك كانت قد قمعت وبشدة تصورات أولية مكتوبة بخصوص التنمية السياسية وتطوير نظام الانتخاب والتخلص من النظام الفردي والتحول إلى نظام القوائم البرامجية على مستوى حزبي ووطني وبصيغة قد تتطلب “تعديلا دستوريا” أيضا.
المضامين الأخيرة رفعت في وجهها ووجه حكومة الرزاز عندما يتعلق الأمر بها لافتة كبيرة بعنوان “ممنوع العبور” وفيتو سياسي وأمني كبير تحمس له ليس فقط التيار المحافظ والكلاسيكي في الدولة والنخبة، لكن تحمس لها أيضا وتلك مفارقة كبيرة، حتى بعض الوزراء في حكومة الرزاز يثبت مجددا أن الكيمياء غير موجودة على الأقل بين طاقم العمل السياسي في الحكومة ورئيس الوزراء شخصيا. ومما يثبت أيضا وقد يكون هذا الأهم، أن الرزاز لم يتمكن أصلا ومن البداية من اختيار وزراء يشبهونه أو يشبهون خطابه ومنهجه وهي مسألة رد عليها الرجل أصلا شخصيا عندما طرحتها “القدس العربي” مباشرة عليه في إحدى المناسبات عندما أشار إلى أن أصحاب “التصورات مدنية الطابع وحلفائهم قد لا تزيد نسبتهم عن 2 في المئة في المجتمع”.
وعليه يمكن توقع أن مصير النقاشات التي حاول الرزاز التسلل بها على أمل التغيير ولو قليلا في معادلة خطرة ومهمة من وزن “قانون الانتخاب” قد تواجهه أيضا وقريبا وبعدة أشكال استراتيجية تمكين الشباب وتنويع التواصل معهم. وعدم الاقتصار على المعلبات في استقطابهم حيث ثمة من ينظر في الدولة اليوم بارتياب شديد لمحاولة الرزاز وعدد قليل جدا من المقربين منه يرى أنها صناعة حالة استقطابية متباينة في شريحة الشباب والتسويق أكثر مما ينبغي لمقولات التيار المدني أو تمدين الدولة بخطة متسارعة عنوانها الاستغلال في المساحة التي ينتجها طموح ملكي علني تم التعبير عنه مرارا وتكرارا بعنوان “حكومة أغلبية برلمانية” من الواضح انه لن تتاح لها فرصة “الولادة” في الأفق القريب.