«كنداكة» السودان و«الزول العربي الساكت»… و«فصام بصري» بين «الجزيرة» و«العربية» و«الخليجي» في «وحل الجنرالات»
حتى محطة «الحدث» المتحالفة مع الرئيس السوداني المخلوع لم تستطع تجاهل الفتاة، التي تحولت الى أيقونة الثورة وسط الخرطوم آلاء صالح بعدما أصبحت صورتها، وهي تنشد لصالح الثورة بايقاع موسيقي خلاب من الصور التي تغزو الكون.
طبعا، المرأة ثورة أيضا، وليست عورة، ولا يمكنها إلا أن تنتج المزيد من البصمات المدهشة عندما تشارك في الاعتراض والاحتجاج، لا بل بالقيادة أيضا في بعض الحالات.
وحدها الثورة السورية تبدو يتيمة، وهي تمتنع عن تقديم نموذج ميداني، خلافا للفتيات اللواتي تعيد فضائية دمشق نشر صورهن بين الحين والآخر مع ايحاءات جسدية وجنسية ضد ثورة الشعب.
في كل حال خطفت فتاة الخرطوم بالموسيقى والغناء النوبي الأضواء والقلوب، خصوصا وهي تتغنى بجدها الملك «ترهاقا» وجدتها الملكة «كنداكا»، وكذلك وهي تغني«الطلقة ما تحرف… يحرق سكوت الزول».
وتسببت الفضائية الرسمية السودانية في انفصام بصري مجددا وهي تحاول إلهاء الشعب خلال مرحلة انتظار البيان رقم 1 بضباط يعزفون على الآلات الموسيقية.
لعل الهدف تغذية الروح، حتى يخرج العسكر بتلك الوصفة الساحرة، بعدما ظهرت ملامح الانقلاب على الانقلاب على حد تعبير تلفزيون «العربي».
العسكر يزيلون طربوشا ويضعون آخر، هذا ما يفعلونه في العادة، مع استثناء واحد فقط في تاريخ الانقلابات العربية يسجله الايقاع السوداني أيضا، حيث الفريق سوار الذهب، رحمه الله استلم السلطة وتنحى عنها.
العرس السوداني
لكن في المقابل، وفي الوقت الذي صبر فيه الشعب الأردني طويلا وهو في انتظار بيان الجيش السوداني تبادل بعض النشطاء خبر الزميل الدكتور فيصل القاسم عن اعتقال الرئيس عمر البشير في اللحظات الأخيرة بعد محاولته الهروب لدولة عربية لم يحددها.
طبعا، خبر الانقلاب على الشبكات العربية على الأقل له علاقة مجددا بخلافات النادي الخليجي، التي أوهنت الأمة وإعلامها، كما فصمتها قبلا الأزمة السورية.
في المقابل العرس السوداني عند الجيران تماما عندما يتعلق الأمر بالتلفزيون الأردني الحكومي، حيث لا يجيد المذيع أصلا قراءة نصوص الأخبار المتعلقة بالانقلابات أو بالربيع العربي أو حراكات الشارع.
لكن الزملاء في محطة «المملكة» حاولوا تغيير هذه القواعد قليلا، وتم التعاطي مع الحدثين السوداني والجزائري، بطريقة «البهارات». أما الوجبات الدسمة فكانت للأطباق المحلية، حيث غابة لا تنتهي من القصص والحكايات، التي تروي قصة الإخفاق الحكومي المحلي.
وحيث – وهذا الأهم الآن على الأقل – «زول عربي» كسول وساكت من المحيط الهادر إلى الخليج المضاد لكلمة «ثائر» أينما وردت.
الفصام العربي البصري
بعيدا قليلا عن السودان، رصدت زاوية المسيرة المليونية الأخيرة والضخمة في الجزائر، على خلفية الخبر الرئيسي في قناة «العربية» الجمعة الماضية.
تجولت بين القنوات واستذكرت ما حصل في مصر: خبر الجزائر على «العربية» مثلا، حل رابعا، وتصدي الجنرال حفتر لـ«إلإرهاب» في طرابلس، كان الأول والموسع خلافا للمشهد، ولكن بدون إرهاب وبجرعة تركيز على «فظائع قوات حفتر» على شاشة «الجزيرة».
عدد الجزائرين المتظاهرين على «الجزيرة» يوحي بمليونية .لكن على «العربية» و«سكاي نيوز» خلف الخبر المسموع صورة توحي بعشرات المراهقين في الأزقة.
مجددا إنه «الفصام البصري» يتجول بين المشاهدين العرب عبر محطات كل منها يعرض الحدث من زاويته.
والمشهد يذكرنا بفصام أخطر. صراحة لم أفهم يوما سر «شغف» دول خليجية بالتأثير في دول أخرى تحتاج المال؟
الأشقاء في هذه الدول: لماذا لا يركزون على بلادهم وشعوبهم وتجاربهم المثيرة والمهمة في التنمية وبناء الانسان، بدلا من الغرق في «وحل الجنرالات والعسكر» في افريقيا واليمن وغيرهما ولبنان وسوريا؟
يعني من الآخر: عقدة «ستالين» وتوجيه الحروب والانقلابات وكأنها «لعبة إلكترونية» والقصص عن الممرات المائية كلها كلام فاضي و«القشاش» الوحيد، الذي يستلم الكرة في النهاية ويكسب هو الثلاثي نتنياهو وكوشنر وترامب بتوع «إدفع أكثر».
هذه لعبة مملة ومضجرة وتأثيرها سلبي على الأشقاء في النادي الخليجي وكذلك العربي.