اراء و مقالاتمقالات وآراء

أول رسالة من الأسد إلى الأردن بعد «صفقة القرن» زيارة رئيس البرلمان السوري تثير التكهنات

عمان ودمشق تتبادلان التحية فقط!

 

لا أحد يعرف بصورة محددة حتى اللحظة ما الذي يمكن أن تضيفه على السجل المتأزم في العلاقة الثنائية الزيارة التي قام بها لعمان وفجأة رئيس مجلس الشعب السوري حمودة الصباغ على هامش اجتماع طارئ للاتحاد البرلماني العربي.
التركة التي يمكن أن تحملها مثل هذه الزيارة «ثقيلة جداً» سياسياً.
لكنها تنجز في إطار تحضير جلسة برلمانية عربية طارئة، لها علاقة بالتصدي لصفقة القرن الأمريكية.
تلك اللهجة الحادة في سياق الاتجاه الشعبي الأردني للوقوف «ضد صفقة القرن» يتسلمها مضيف الصباغ رئيس مجلس النواب الأردني عاطف طراونة.
بوضوح هنا التقط الصباغ الرسالة السياسية وأعلن، بمجرد وصوله عمان، أنه حضر إليها للمشاركة في اجتماع برلماني عربي يبحث الوقوف ضد صفقة القرن.

طبعاً، سياسياً وبرلمانياً، يعلم الجميع أن طراونة حصل على الضوء الأخضر لدعوة ثم استضافة نظيره السوري. وواضح أن الصباغ نفسه حظي بأضواء مماثلة من نظام بلاده للمشاركة في اجتماع عمان، ثم لإبلاغ الأردنيين بأن «السيد الرئيس متضامن مع الأردن الذي تستهدفه صفقة الرئيس دونالد ترامب».
هل يعني ذلك أن صفقة القرن دفعت أو قد تدفع لاحقاً في اتجاه «تعديل أو تغيير» بوصلة العلاقة الأردنية السورية الخالية من الدسم، والمساحات المشتركة الخالية حتى من الحوار وغالبية أشكال وأنماط التنسيق؟
سؤال تبدو الإجابة صعبة عليه؛ لأن عمان لا تزال في منسوب الامتناع عن استضافة وزراء سوريين أو جنرالات من المؤسستين العسكرية والأمنية، ولا تزال في مستوى الاشتباك على درجة فعاليات وزارة الخارجية على الأقل مع تفصيلات ما تبقى من أطر لها علاقة بالمعارضة السورية.
وهنا يلاحظ الجميع أن عمان لا تعيق الاتصالات بين النقابات المهنية الأردنية وفعاليات سورية، ولا تريد أن تعيق اتصالات طراونة مع الصباغ تحت لافتة البرلمانات العربية وتستثمر بطريقتها الخاصة في الرسائل التي ينقلها لدمشق موالون من أعضاء البرلمان الأردني للنظام السوري أو مقربون منه.
دون ذلك لا تأشيرات ولا تفاعل حقيقياً هناك، لا على مستوى القيادة ولا المؤسسات السيادية ولا على مستوى حتى مجلسي الوزراء، بالرغم من عشرات القضايا المعلقة بين الجانبين بسبب الحدود والقطيعة التجارية ومخاطر الجماعات المسلحة، وحتى بسبب حصة المياه الأردنية في نهر اليرموك.
بوضوح أشد، تحتفظ عمان سياسياً – رغم العاصفة التي تثيرها صفقة القرن في عمق الخيارات – بمعادلة «علاقات ومشكلات صفرية» مع النظام السوري في هذه المرحلة، ولا يوجد بعد ما يثبت في العاصمة الأردنية بأن عقل الدولة العميق مستعد لأي مجازفة بعنوان التقارب مع محور الممانعة أو المقاومة، بما في ذلك إيران ودمشق. والدليل أن مسؤولاً كبيراً تواصل مع شخصيات سياسية أردنية رفيعة، مقترحاً «تأجيل زيارة مهمة» لوفد رفيع برئاسة طاهر المصري كانت دمشق بانتظاره مع بدايات العام الجديد، حيث أبلغ المصري وغيره بأن مثل هذه الزيارة «تحتاج إلى تأجيل» وعلى أساس أن الفرصة لم تحن بعد لمصالحة سياسية من أي نوع مع النظام السوري تحدث عنها وزير الداخلية الأسبق سمير الحباشنة.
وقال المصري لـ «القدس العربي» قبل الزيارة إنها ينبغي أن تدار باتصالات وعلاقات على مستوى «تبادل المصالح»، حيث الحدود والجغرافيا والتحديات في نطاق التماثل. حتى تلك الإيجابية التي يتحدث عنها المصري ورفاقه في الوفد المقموع لم تنته بتفويض يسمح بالزيارة، فيما تصر السلطات الأردنية على المماطلة بشأن ملف التبادل التجاري والحدودي.
لكن المرحلة تتطلب «تبادل قدر من الرسائل» ولو بين الحين والآخر، الأمر الذي يبرر مغازلات طراونة- الصباغ، كما يبرر لاحقاً حماسة الصباغ وهو يزور عمان كأول شخصية سورية رفيعة تحت عنوان «الوقوف مع الأشقاء ضد صفقة القرن».
الأردن يعلم مسبقاً أن التورط مع النظام السوري مرحلياً بمصالحة عميقة قليلاً يعني بأن تتحول صفقة القرن الأمريكية إلى «صفقة شرسة أكثر»، وبأن يتقارب زمنياً ضغط التنفيذ ويكتفي بالرسائل الباطنية التي توضح دلالات استقبال الصباغ في عمان على أساس مواجهة صفقة القرن.
ضمنياً، تقول نخب عمان المتورطة في صفقة القرن الأمريكية بأن المناخ مربك شعبياً وأمنياً، وبأن الأردن ينبغي أن لا يترك وحيداً، وبأن استمرار ضغط اليمين الإسرائيلي ومعه الأمريكي والعربي، قد يؤدي في النتيجة إلى «حتمية» التعامل مع النظام السوري، خصوصاً أن الرؤية الأمريكية في عملية السلام والصراع لا تشير من قريب أو بعيد إلى سوريا ولو بكلمة واحدة، كما لاحظ أبرز أردني قام بترجمة الصفقة، وهو الدكتور وليد عبد الحي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى