العرموطي «ربطوا شماغي»… الأردن: إغلاق جمعية الهلال الأخضر.. و«العفو العام» معقد وصفحة الحظر طويت

ظهر رئيس كتلة جبهة العمل الإسلامي في البرلمان الأردني صالح العرموطي، مجدداً أمام كاميرات الصحافيين وهو يعلن «المواطنون الذين يطالبون بالعفو العام، ربطوا شماغي للمرة الثانية».
ربط الشماغ بالتقاليد الأردنية المعروفة للجميع يعني إلزام الطرف المخاطب بالتحرك بناء على حاجة، حيث ربط المواطنون غطاء رأس العرموطي هنا كما قال أمام الكاميرات؛ لأنهم يطالبون بعفو عام يخفف وطأة سجن وتوقيف أولادهم.
طبعاً، يعلم الجميع بأن الحكومة تقاوم فكرة العفو العام، وأوساط برلمانية أخرى انتقدت الإسلاميين واعتبرت أن العرموطي ورفاقه يطالبون بعفو عام لأغراض شعبوية وبهدف المناكفة وليس أكثر، وأنهم يعلمون بأن الظروف لا تسمح بالعفو العام في هذه المرحلة، علماً بأن البرلماني والسياسي الدكتور ممدوح العبادي يشير إلى أن المناخ على المستوى الحكومي ليس مناخاً قريباً من إصدار عفو عام.
في الواقع، لم يقف الإسلاميون عند محطة المطالبة بعفو عام، بل ذهبوا باتجاه التقدم بمشروع قانون للعفو العام وتسجيله رسمياً، ما يتسبب بإحراج العديد من الأطراف، فيما لا تزال النقاشات تحت عنوان التشكيك بالإسلاميين فعالة خصوصاً تحت قبة البرلمان وعلى بعض المستويات النخبوية التي تحاول تصعيب مهمة إعادة تأهيل الإسلاميين وتفاعلهم والعبور من مرحلة ما بعد قرارات الحظر.
هنا يشرح العرموطي نفسه لـ «القدس العربي» بأن كتلة جبهة العمل الإسلامي بالتقدم بطلب مقترح لقانون العفو العام مارست استحقاقاً دستورياً، ولم تتسلل أو تركب أي موجة، مشيراً إلى أن هذا الدور التشريعي متقدم ويحكمه نص المادة 95 من الدستور.
العرموطي لجأ إلى تذكير الجميع بأن الغاية والهدف هما مصلحة الوطن والمواطن، والكتلة تجاوزت أصلاً ما يسمى بالشعبويات، مؤكداً أن الدستور أجاز لمجلس النواب أن يطلب انعقاد دورة استثنائية ويحدد الأمور التي تناقش فيها.
تلك «سابقة» برأي العرموطي. لكن الخبير العبادي كان قد أبلغ «القدس العربي» بأن مجلس النواب يستطيع المطالبة بانعقاد دورة استثنائية، لا بل اقتراح جدول أعمالها، لكن ما تناقشه هذه الدورة بالنص، يرتبط بما يرد بنص الإرادة الملكية التي تصدر بالموجب.
بعيداً عن مدخلات ملف العفو العام الذي يتراجع ويتأخر، واضح لأغلبية النواب عدم وجود مسوغ تشريعي لانعقاد دورة استثنائية صيفية.
النائب عن حزب الميثاق، الدكتور عبد الناصر الخصاونة، تحدث مع «القدس العربي» مؤخراً عن عدم وجود مقتضيات مستعجلة، متوقعاً بأن على الزملاء في التيار الإسلامي التوقف عن المشاغلات غير الضرورية، والتركيز على الجهد التنسيقي الوطني بما يكفل الحرص على المصلحة العامة أكثر من الحرص على مخاطبة غرائز المجتمع.
يشير نواب في الأثناء إلى أن ملف العفو العام لم يطرق أبوابه نواب كتلة جبهة العمل الإسلامي فقط، فقد تقدم النائب البارز خميس عطية منذ أسابيع بنص اقتراح برغبة من أجل السير في الإجراءات القانونية لإصدار قانون عفو عام شامل سنداً لأحكام النظام الداخلي لمجلس النواب.
وطلب عطية في اقتراحه الذي سبق مبادرة التيار الإسلامي عملياً، إحالة المقترح لصياغته في اللجنة المختصة وتبييض السجون أيضاً، بما يضمن حقوق القانون وإشاعة أجواء من الانفراج في أوساط وأوصال المجتمع.
لاحقاً، تقدم الإسلاميون خطوة باقتراح نص القانون. لكن الخطوة قرئت ضمن سياق المناكفات التي أعقبت قرار الحظر الشهير، في الوقت الذي أصبح فيه مجلس النواب بحد ذاته من حيث طبيعة دوره خلال الأشهر الخمسة المقبلة قيد النقاش، مرتبطاً بالأجندة العامة الوطنية في المرحلة الحساسة حالياً. وقد يرتبط بما ترى أوساط سياسية وبرلمانية وأخرى إعلامية، أنه أقرب إلى تسونامي تغييرات في الداخل قد تعقب عطلة عيد الأضحى المبارك.
إلى أن تجيب تغييرات وخطوات ما بعد عطلة العيد عن أسئلة البرلمان العالقة، مثل الدورة الصيفية الاستثنائية والتشريعات المستعجلة وملف العفو العام، يمكن القول بأن التدقيقات التي تجري مع التيار الإسلامي دخلت في منحنيات شبه مؤكدة ومرجحة، أهمها الرسالة الرسمية التي وصلت لقيادات وكوادر محلية بارزة في التيار الإسلامي بعنوان يقول «صفحة الجمعية التي حظرت، أغلقت تماماً وإلى الأبد، ولا حوار من أي صنف مع الإسلاميين بعد الآن على عودة المؤسسات المحظورة».
تلك رسالة استمع لها إسلاميون في البرلمان وخارجه، فيما التدقيقات المالية مستمرة وبدأت تتخذ إجراءات حظر ضد مؤسسات فرعية، من بينها جمعية اسمها «الهلال الأخضر» صدر قرار بتجميدها قبل أيام بدعوى مخالفات نظامية وقانونية من اللجنة المختصة في وزارة التنمية الاجتماعية.
ما طبق على الجمعية التي يترأسها المعتدل المخضرم الشيخ حمزة منصور، قد يطبق على مؤسسات أخرى قريباً. وفيما يتواصل التحقيق والتدقيق، قيل للإسلاميين بوضوح إن ذراع القانون ستطال أي نشاط تنظيمي الطابع باسم المؤسسات التي حظرت.
وإزاء هذه الوقائع، يمكن اعتبار الدرب معقداً وصعباً أمام مبادرة العفو العام، فيما حزب جبهة العمل الإسلامي لا يزال عالقاً حتى اللحظة في منطقة الأسئلة المتكررة وبدون أجوبة منتجة.