الأردن: زحام في منطقة “وراثة كرسي الرزاز”
يمنح وزير العمل الأردني الشاب الدينامي نضال البطاينة من يتربصون به ذخيرة حية تصلح كذريعة لاتهامه بالمبالغة بالطموح السياسي وهو يعلن على هامش نشاط عمالي بانه شخصيا مهتم بتقصير المسافة مع المواطنين.
عبارة مثل تقصير المسافة “مع المواطنين” تصلح في العادة لتلك الأدبيات الاستهلاكية التي يستعملها رؤساء الوزارات أو الطامحون في تشكيل حكومات.
بالمألوف والعادة يستطيع وزير العمل الزعم بأنه معني بتقصير المسافة مع العمال أو أرباب العمل أو مع الباحثين عن وظائف.
أما الحديث عن رغبة الوزير الجديد والذي يثير الغبار سياسيا كلما تحدث أو تحرك مؤخرا بتقليص الهوامش مع المواطنين، فهي على الأرجح مبالغة درامية بيروقراطية من الصنف الذي لا يسأل صاحبه وأن كانت تؤشر على طموح مشروع.
في الواقع لا يخفي وزير التشغيل رغبته في التحول إلى مشروع رئيس حكومة ما دام الطموح حق للجميع وما دام الانطباع العام حتى اللحظة أن رئيس الوزراء المقبل الذي سيرث مقعد الدكتور عمر الرزاز هو على الأرجح من المكونات الاجتماعية لأبناء شمالي المملكة.
في كل حال ثمة طامحون أكثر خبرة من الشاب البطاينة اليوم يعزفون أو يستطيعون العزف على الوتر الجغرافي نفسه وهو غير ملزم لصانع القرار.
الأهم أن الرئيس الرزاز اليوم وفيما يمكن وصفه بآخر خمسة أشهر في عمر حكومته حسب التوقعات، يعمل رئيسا لأربعة وزراء على الأقل مقتنعون بأن كل منهم هو الخليفة ويعملون على توفير فرصتهم نحو الرئاسة باسم التنويع والجيل الجديد.
لا يبدو الرزاز مهتما بمثل هذا الزحام، وكل ما رشح عنه في الأيام القليلة الماضية هو الإشارة إلى شغفه بمغادرة المشهد بسمعة طيبة لحكومته ومع الحفاظ على سجله وسجل عائلته الصغيرة بعيدا عن ملوثات المواقع وغبار الاشتباك مع المشهد السياسي والإعلامي.
وهو يزيد في مجالسه الخاصة من الحديث عن اهتمامه بالمغادرة عندما تتقرر مرجعيا بدون شبهات من أي نوع. تلك بطبيعة الحال أصبحت من المؤثرات التي ترهق جميع المسؤولين في كل المواقع جراء مبالغات الشارع والمنصات وجراء موضة وهم الاتهام للجميع.
لكن في المقابل لا يحمي ذلك الرزاز أو غيره من شريحة الوزراء الواضعين لمكياج الرئاسة مسبقا أو من الطامحين بخلافة الكرسي ولا يحميه ولا حكومته بالنتيجة من المصطادين في المياه وهم كثر والأخطر بينهم والأكثر نفوذا وتأثيرا هم الشريحة العاملة في مؤسسات الدولة وبعض أقنية القرار، حيث يتم ترصد الأخطاء وتضخيم العثرات وتحميل المسؤولية لحكومات تجتهد بعد وراثة اشكالات بالجملة.
أسماء أخرى
لا تقف الصالونات عند حدود الحراك النشط لوزير التشغيل ورغباته الشخصية إن وجدت فعلا، بل يتردد بين الحين والآخر اسم وزير العدل بسام التلهوني باعتباره وريثا محتملا لمقعد الرئاسة، وتتردد أسماء أخرى من الطبقة الحالية وإن كان التعديل والتغيير الوزاري يأتي في العادة فجأة وكالموت الصاعق على حد تعبير رجل دولة محنك وخبير من وزن سمير الرفاعي.
مؤخرا تنتقد وبشدة طبيعة تحالفات الرزاز مع بعض الوزراء في حكومته من دون غيرهم. والأهم هو أن تلك الانتقادات لا تقتصر على الشارع ولا علاقة لها بالبرلمان والإعلام، بل تصدر بين الحين والآخر عن شخصيات بارزة تلاحظ على خيارات الرزاز من داخل المؤسسة وليس من خارجها.
وليس سرا هنا أن الأوساط السياسية العليمة تتحدث عن نفوذ مبالغ فيه لبعض أفراد الطاقم الوزاري من أصحاب الحظوة الموثوقين عند الرزاز شخصيا.
كما انه لم يعد سرا القول إن الرزاز وبحكم الانشغال والهموم اليومية والملفات الضخمة التي يحملها ينظر للكثير من الاعتبارات بعيون اثنين أو ثلاثة فقط من طاقمه الوزاري وأن بعض الوزراء الخبراء لا يعرفون زملاءهم جيدا ويشعرون بين الحين والآخر بالإقصاء والتهميش حيث دلال مفرط من عند الرئيس ومكتبه لنحو أربعة وزراء مقابل تواصل أقل مع بقية زملائهم.
المثير الجديد أن الحديث هنا لم يعد له علاقة بتسريبات أو شائعات أو بمنصات اجتماعية، فبعض مجسات القرار المركزية تشارك المتحدثين عن وجود طبقتين من الوزراء الأولى نافذة.
والثانية تعمل في صمت وتنتمي لطائفة الأقل حظا عند رئيس الحكومة على الأقل وهو أمر طبيعي في العادة وحصل في كل الحكومات لكن بظروف اقتصادية أفضل ووسط حالة استرخاء عامة أكبر.
وفي الخلاصة قد لا تتاح أمام الرزاز فرصة كبيرة وهوامش في السقف الزمني لتصويب أو تعديل المسيرة مع العلم أن الشغب على حكومته وفريقه وإن تقمص عدة أدوار “باق ويتمدد”.