كيف يقتنع الأردني بـ «التباعد الاجتماعي»؟: حظر التجول قد يطول مع «مرونة وقائية»
وصل عدد الإصابات بفيروس كورونا بنسخته الأردنية حتى مساء الثلاثاء إلى 153 حالة مثبتة وبدون أي وفيات. وهو عدد مرشح للنمو مساء الخميس لكنه يبقى بحسابات مركز الازمات الوطني «ضمن المعدل الذي يمكن التعامل معه» وقد تتزايد الاصابات مع الفتح الجزئي لحظر التجول الذي قرره رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز والقاضي بفتح البقالات الصغيرة للبيع المباشر للمواطنين ما بين الساعة العاشرة صباحاً وحتى السادسة مساءً شريطة التبضع «مشياً على الأقدام».
تراجعت بسرعة وبعد 24 ساعة فقط تجربة «إيصال الخبز للمنازل» عبر أسطول سيارات رسمي بسبب التهافت والمشكلات الأمنية وحجم التعليقات السلبية وسط الجمهور بعدما أعلن رئيس بلدية العاصمة يوسف شواربه أن العملية أوصلت الخبز في العاصمة حصرياً لنحو 50% فقط من المستهدفين.
يبحث الرزاز وطاقمه الوزاري عن «مبادرات تنفيذية» تحافظ على الصحة العامة وتتميز بقدر مدروس من «المرونة» وقابلة للتصويب والتعديل والاقتراح وفقاً لما فهمته «القدس العربي» مباشرة من وزير الاعلام الناطق الرسمي الوزير أمجد العضايلة الذي طالب مجدداً الشارع بتفهم الإجراءات الحكومية والمساعدة في «إدارة منتجة» للمسألة.
إخفاق آلية «توزيع الخبز» وقرار البقاء على مسافة «أمان» من الفيروس
سلسلة بروتوكولات اقترحت في اجتماعات مركز الأزمات وسلسلة أفكار بهدف الحد من الاحتكاك الاجتماعي أو «الاحتكاك بأقل معدل خسائر» حسب تعبير أحد اعضاء الطاقم العسكري. وسلسلة استدراكات لبعض الأخطاء تقررت أيضاً مع أن الرزاز أعلم مسبقاً الرأي العام بأن بعض التقديرات قد تخطئ فاتحاً المجال للتعديل والتصويب. وتحاول الحكومة التعامل بمرونة ضمن معادلة تقضي بعدم الوصول إلى حالة «انفلات» او احتقان اجتماعي جراء العزل الاجتماعي وحظر التجول وبدون إلغاء متطلبات الحظر في المقابل أملاً في الحفاظ على «معدل آمن» من الإصابات لا يربك النظام الصحي أو يخرجه عن «سكة الفعالية» خصوصاً أن النظام الصحي في القطاع العام وفي القوات المسلحة يعمل معاً.
في أوساط غرفة القرار توجيهات مباشرة من الملك عبدالله الثاني شخصياً بتأمين المواطنين والحفاظ على إجراءات الوقاية في التوقيت نفسه وبصرامة وتسهيلات بالجملة من مركز الازمات وتكليف للجيش والأمن بالتفاصيل. وتعمل وزارة الرزاز ضمن هذه المعطيات وتشتبك مع التفاصيل وإن كانت بعض الأصوات تلمس قدرًا من «الارتجال» في تصريحات بعض المسؤولين وتحديداً الوزراء أو تطالب بتسليم الملف برمته للجيش باعتباره الأقدر على التصرف بحرفية ومهنية رفيعة كما يقدر الناشط السياسي الإسلامي مروان فاعوري.
فالمؤسسة توثقت فعلاً من حصول بعض الأخطاء البيروقراطية لا بل اعترفت بها الحكومة علناً وطلبت العذر لأن الموقف خطير وحساس وصعب ومعقد. والأهم بالنسبة لدوائر صناعة القرار كما علمت «القدس العربي» هو حصرياً العمل على خطة متوسطة الأمد وأخرى طويلة الأمد لتجنب مواجهة منفلتة أو خارج التخطيط مع وصول الفيروس للأردنيين وسط تثبت الدولة وفرق التقصي في لجنة الاوبئة الوطنية من أن غالبية كبيرة من الإصابات الأردنية نتجت عن «سلوك اجتماعي» منحرف ويغيب عنه الوعي.
هنا حصرياً يتحدث حتى وزير الصحة الدكتور سعد جابر في شروحاته عن إصابات نتجت إما عن عائدين من الخارج أو مخالطين لهم أو عن «مناسبات اجتماعية» تقليدية كان يمكن الاستغناء عنها مثل حفل العرس الشهير في مدينة إربد شمالي المملكة حيث نتج نحو 40 إصابة فقط من العرس وفقاً للحد الأعلى من التقديرات.
بمعنى آخر ضبط السلوك الاجتماعي هو الأساس في عملية وطنية وقائية تحاول تجنب «السيناريو الأسوأ» في عدد الإصابات مع أن الخطط الموضوعة في عمق مؤسسات القرار الاستعداد للأسوأ في كل الأحوال بعد نجاحات ملموسة حققتها وزارة الصحة والقوات المسلحة في المتابعة والتقصي والحجر الصحي حيث تمكنت الفرق من الوصول إلى عشرات الحالات في مرحلة الحجر وقبل العزل. لذلك حصرياً يدخل الرزاز شخصياً في التفاصيل وهو يضغط على المواطنين بتكليفهم بواجب تنظيم أنفسهم وإنتاج عادة «تجنب التزاحم والتباعد الاجتماعي» وهو ما كرره عشرات المرات الناطق باسم لجنة الاوبئة الدكتور نذير عبيدات أحد نجوم المواجهة المستمرة حالياً.
واضح في التقييم النهائي ان أجهزة الدولة لديها «خطة» للتعامل مع المعطيات وتتميز بقدر من المرونة على الوقاية والاستجابة للمستجدات خصوصاً في مواجهة مجتمع يبدو انه حتى اللحظة مؤهل للتحايل بجهل على التعليمات، الأمر الذي يبرر اعتقال أكثر من 2000 مواطن خالفوا حظر التجول وحجز عشرات السيارات. لكن أيام «حظر التجول» يبدو أنها ستطول لسقف زمني قد يصل إلى ثلاثة أسابيع إضافية مع إظهار قدر «مرن» من إجراءات محددة تبقي الأردنيين في منازلهم بدرجة «أقل» من الاحتقان والاحتياج بالتلازم مع صرامة الإجراءات.
تلك هي المعادلة الأصعب اليوم في الأردن وتعبر عن الاختبار الذي ينبغي أن ينجح فيه طاقم الرزاز تجنباً لخيارات «أقصى وأقسى» مستقرة وقد يلجأ لها مركز القرار.