خشية أردنية من كمائن «صفقة القرن»: أوسلو2 فجأة… غطاء سعودي – مصري لترامب وتراجع الموقف الأوروبي
ثلاث محطات على شكل كمائن سياسية يخشى الأردن الوقوع فيها أو مواجهتها صدفة وهو يحاول بناء استراتيجية شاملة تتضمن السيناريوهات والاحتمالات عند التعاطي مع صفقة القرن الأمريكية إذا ما برزت على سطح الأحداث فجأة.
المطب الأول، تمكُّن الإدارة الأمريكية من إقناع الدول الفاعلة في الاتحاد الأوروبي بترتيباتها الجديدة التي لا تزال طي الكتمان، وتقديم مغريات على شكل بعض المزايا للأوروبيين تسحبهم إلى مربع تلك الصفقة.
المطب الثاني له علاقة بمخاوف أردنية من وصول الضغط على رموز السلطة الفلسطينية إلى مرحلة اتصالات سرية تحاول استنساخ تجربة أوسلو 2 .
أما الكمين الثالث فمرتبط بأن يجد الأردني نفسه وحيداً في اللحظة الأخيرة في الوقت الذي يقدم فيه طرفان عربيان على الأقل، هما مصر والسعودية، الغطاء لصفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وللأردن، كما فهمت «القدس العربي» من أحد المسؤولين الكبار، اعتراضان هما الأكبر على تفصيلات صفقة الرئيس ترامب التي لم تعلن أصلاً، في حال بناء بعض الاستنتاجات.
الاعتراض الأول، صعوبة إيجاد تسوية للقضية الفلسطينية على أساس حسم المواجهة في ملف القدس عبر ضمها. وتعتبر المؤسسة الأردنية القدس مسألة في عمق الأمن القومي الأردني، ومن الصعب تقديم أي تنازل مؤثر في ظل نقل السفارة الأمريكية إليها مؤخراً، وقد عبر الملك عبد الله الثاني شخصياً عن هذا الموقف عدة مرات. وطوال الوقت تتحدث الإدارة الأمريكية مع الأردنيين عن هدايا ستتضمنها الصفقة للفلسطينيين وبصورة مقنعة لهم وللدول الأوروبية.
لكن رام الله أبلغت عمان مؤخراً بأنها لا تعرف شيئاً عن هذه الهدايا، والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل تحدثت مع الأردنيين والفلسطينيين عدة مرات عن صعوبة قبول فكرة الهدايا للفلسطينيين بدون الكشف المبكر عنها للمساهمة في تقييمها وما إذا كانت تخدم السلام فعلاً أو تقبلها الأجيال الفلسطينية المقبلة.
الموقف نفسه تقريباً عبر عنه الرئيس الفرنسي ماكرون عندما التقى الملك عبد الله الثاني، مع التأشير على أن أوروبا المهتمة بقضية الشرق الأوسط لا يمكنها بحال من الأحوال شراء أو مساندة صفقة غامضة ومجهولة، ولا يمكنها تصور أي عملية سلام بدون الأسس الأوروبية والمبادئ الثابتة تاريخياً، ومن بينها رفض المستوطنات وحل الدولتين.
المحظور الأردني الثاني الحساس، والذي يرى وزير الخارجية أيمن الصفدي أنه على تماس مباشر بهوية ومصالح الأردن، هو ذلك المتعلق، إلى جانب حق العودة، بإنفاذ هذا الحق وممارسته على أرض الواقع، حيث كان وزير الاتصال والإعلام الأسبق الدكتور محمد المومني يصر أمام «القدس العربي» على أن عدم وجود عملية سلام تنتهي بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس يعني الغوص في الخط الأحمر الأردني وإعادة تشكيل الدول في المنطقة بما يمس ويهدد الدولة الأردنية.
طوال الوقت، بحثت السلطة الأردنية عن توضيحات أو شروحات وفي بعض الأحيان عن ضمانات، لكن لم تحصل عليها. وطوال الوقت، يسمع الأردنيون من الإدارة الأمريكية كلاماً عن مزايا ستفرحهم وتنصف الفلسطينيين، وعن هدايا تكتيكية لإسرائيل، بما فيها ضم الجولان ونقل السفارة، حتى يتمكن الرئيس الأمريكي لاحقاً من دفعهم إلى تقديم تنازلات مهمة، كما وصفها.
الأردن وجد نفسه عملياً وسط هذه الهالة من الغموض والتوقعات، حيث بوصلته السياسية كانت حذرة طوال أسابيع الترقب الماضية والحالية وسط ألغام الكمائن الثلاثة المشار إليها. وفي الوقت نفسه، يعرف مستوى القرار في الأردن بأن التمكن من عبور مرحلة ما بعد صفقة القرن حمال أوجه وتوقعات.
لكن بالضرورة، يناور الأردنيون الآن في ثلاثة اتجاهات، وهي الموقف الشعبي الحاسم والصارم للأردنيين والفلسطينيين.
وثانياً، العمل والبقاء في أقرب نقطة من الدول الأوروبية الكبيرة التي يمكنها أن تساعد على أقل تعديل في إعادة إنتاج بعض بنود الصفقة المقلقة بالتوازي مع اعتبار قرارات قمة تونس العربية الأخيرة السقف الذي لا يستطيع تجاوزه النظام العربي الرسمي.
في السياق أيضاً، الحاجة ملحة لاحتضان الرئيس محمود عباس ومساعدته على الثبات في الموقف الرافض قدر الإمكان، الأمر الذي يفسر ثم يبرر ما تحدثت عنه تقارير إعلامية حول نية الرئيس عباس الحضور لعمان والإقامة فيها لفترة أطول من المعتاد، كما يفسر ويبرر الاجتماع الذي سيعقده وزراء الخارجية العرب في القاهرة، الأحد المقبل، بناء على دعوة من وزير الخارجية الفلسطيني، وعلى أمل ترسيم موقف عربي موحد.