صدمة في الأردن بعد اكتشاف تأثير عميق لـ «المال السياسي» وتهامس مبكر عن «انتخابات» وبرلمان شاب ومسيس أكثر
الجدل يتواصل حول الاصلاح السياسي والأولويات
تتجمع المزيد من الإشارات التي توحي في الأردن بأن الوقوف على محطة قانون الانتخاب مرة جديدة قد يكون قسرياً وإجبارياً مع منتصف أو نهاية موسم الصيف الحالي. والحاجة ملحة تماماً لتغيير كبير لا علاقة له بالإيقاع الداخلي بقدر ما له علاقة بتبدل وتغير قواعد اللعبة في الإقليم.
في مجالسه الخاصة، يؤكد رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز أن العديد من أنماط الإدارة العليا أصبح من الصعب الاستمرار فيها. ويطلق الرزاز هنا تعليقات مبهمة تعفيه من التورط في ملف إشكالي ضخم له علاقة بالإصلاح السياسي.
لذلك يهرب الرجل دوماً وتهرب معه حكومته باتجاه ملف الإصلاح الإداري بدلاً من السياسي، حيث يعيد الرزاز التفكير دوماً بأنه ليس رئيس وزراء منتخباً حتى يحظى بولاية عامة حقيقية، وبأن مشكلات الطائرة التي تحتاج إلى صيانة أثناء التحليق معقدة، والأهم بأن واجبه الواقعي والعملي التسلل بإصلاحات في القطاعات العامة هنا وهناك. لكن رغبة رئيس الحكومة بعدم التوقف تماماً عند استحقاقات ملف الإصلاح السياسي وقانون الانتخاب لا تفسر استعانته بالمخضرم المتخصص بهذه الملفات وزير الداخلية سلامة حماد.
حماد عندما استقبل «القدس العربي» فهمت منه أن التطوير مسألة طبيعية، وأن ملف الإصلاح السياسي وتطوير آليات الانتخاب والتمثيل واللامركزية لم يطو بعد. ويشتمّ المراقب هنا نسبة وضوح إضافية للأجندة التي يحتمل أن حماد عاد وزيراً للداخلية من أجلها. لكن على الصعيد الإعلامي والعلني لا يتحدث حماد ولا حتى رئيسه الرزاز ولا الناطق الرسمي جمانة غنيمات بملف الإصلاح السياسي أو بملف قانون الانتخاب.
ذلك لا يعني بطبيعة الحال أن الخيارات مقفلة تماماً هنا، فالتهامس وسط الأوساط النخبوية يزداد على نحو ملموس في سياق الحديث عن استحقاق جديد ستقف عليه البلاد قريباً جداً في مساحة الإصلاح السياسي.
بالنسبة لرئيسي الوزراء والنواب، فإن الرزاز وعاطف طراونة فقد تمت التوصية مبكراً بعدم وجود حاجة إلى دورة استثنائية صيفية، حيث لا يوجد بين يدي البرلمان تشريعات أو قوانين مستعجلة تحتاج إلى دورة طارئة. ويعكس هذا الموقف رغبة الثنائي طراونة والرزاز بتجنب مطب إجراء تعديلات على قانون الانتخاب في الوقت الذي سرب فيه وزير الثقافة الشباب محمد أبو رمان حديثاً عن احتمالية تخفيض سن المرشح للبرلمان لإنتاج طبقة سياسية جديدة من الزعامات الشابة.
ويبدو أبو رمان هنا متفائلاً إلى حد كبير، لكن عبر وسائط التواصل الاجتماعي يتزايد الحديث عن الرغبة في رؤية أنواع مختلفة من الشرائح الشابة في البرلمان المقبل دون معرفة ما إذا كان البرلمان الحالي سيكمل دورته التي تنتهي في نهاية صيف 2020 أم سيرحل مبكراً ويختصر عاماً من عمره.
بهذا المعنى طبيعي أن تدعم حكومة الرزاز والطراونة اتجاهاً لا يقود إلى تقصير عمر البرلمان؛ لأن ذلك يعني بكل بساطة وبموجب الاستحقاق الدستوري أن الرجلين سيرحلان معاً، لأن الحكومة التي توصي بحل البرلمان ترحل معه مباشرة، حسب التعديل الدستوري الأخير.
وطبيعي في المقابل أن تحاول أوساط مقربة من الرزاز التحدث عن تعديل دستوري لإلغاء هذه المادة التي توجب رحيل الحكومة إذا حلت البرلمان. وبكل حال، لم يحسم الأمر بعد، لكن المزاج العام يتطلع اليوم مع غرفة صناعة القرار نحو ثلاث اتجاهات في السياق البرلماني.
الأول اتجاه يتحدث عن شباب ومسيسين أكثر في البرلمان المقبل. والثاني يعتبر تمثيلاً أكثر عدالة لشرائح المجتمع من الأهداف العميقة والاستراتيجية لتجاوز المرحلة المقبل إقليمياً ودولياً. والاتجاه الثالث تعبر عنه النقمة المتزايدة حتى داخل أروقة القرار والسياسة، وفي بعض الأقنية الدولية على رموز المال السياسي وفي بعض الحالات المقاولات في صدارة المشهد التشريعي والتمثيلي الأردني.
تلك معطيات تتجمع وتتكثف الآن، وثمة حديث هامس عن ترحيل البرلمان والحكومة في سقف زمني قد لا يتجاوز أيلول المقبل والتمهيد لانتخابات جديدة وتطوير قانون الانتخاب في الاتجاهات الثلاثة المشار إليها.
مثل هذه التهامسات تميل إلى الحسم كلما تأجل الحديث عن خطة التسوية الأمريكية وما يسمى بصفقة القرن، وفي إطار تسارع له علاقة بسلسلة اكتشافات صادمة داخل القرار مرتبطة حصرياً بالنفوذ الذي صدم الجميع للمال السياسي وامتداد تأثيره من تحت قبة البرلمان إلى اتجاهات أكثر قسوة استحكمت في المجموعات والشلل داخل الإدارة والمؤسسات.