ليلة إربد : الجميع في الولاء والحراك “يخطف المايكروفون” والروح”الجهوية” تظهر مجددا
مجددا كانت رسالة غامضة ومثيرة للقلق بامتياز.. مجموعة اشخاص من مدينة اربد شمالي المملكة الاردنية يعيدون استنساخ مشهد حصل قبل سبع سنوات ايام الربيع العربي تبرز فيه محاولة للاعتداء على القطب المعارض المعروف ليث شبيلات .
ورغم ان المناسبة كان لها علاقة بنشاط يخص ذكري اعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الا ان هؤلاء الاشخاص اعلنوا على المايكروفون وفي مجمع النقابات المهنية وبعد الطرد المهندس شبيلات انهم يمثلون احدى قبائل الشمال المهمة .
طبعا ترك الشبيلات منصة الحديث وسط تشكل الانطباع بانه ثمة شرائح في شمالي البلاد لا ترحب بالمعارضين ولا بدعاة توحيد الحراك الشعبي القادمين من عمان العاصمة او من جنوبي البلاد.
كان شبيلات نفسه نجما لمشهد مماثل في احدى قرى محافظة جرش قبل عدة سنوات حيث هوجمت سيارة كانت تقله آنذاك لإحدى القرى.
الاضواء تلاحق تماما المعارض العائد بقوة الى مسرح الاحداث وهو يسترسل في انتقاداته ودعوته الى الملكية الدستورية ثم يظهر متحدثا عن الرئيس الراحل صدام حسين بعد ظهوره عدة مرات على محطة الميادين اللبنانية ودعواته العلنية للمصالحة مع الرئيس السوري بشار الاسد.
وبعد انزاله عن منصة قاعة النقابات المهنية في مدينة اربد امس الاول ثم مطالبته بالمغادرة وشتمه قبل تحطيم الكراسي والمقاعد وبعد الهتاف للملك
اضطر شبيلات للإعلان بان “القوم أزعجتهم دعوته لتوحيد الحراك”.
التهمة واضحة هنا مع تلميح لان السلطات الرسمية هي التي تقف وراء هذه الروح الجهوية التي ظهرت في شمال المملكة وخلال نشاط عن رئيس راحل للعراق سبق ان نظم عدة مرات وفي نفس المكان.
قبيلة بني هاني التي هتف المشاغبون باسمها اثر ذلك المشهد المقلق اصدرت بيانا تبرأت فيه من الحادثة واعتبرت شبيلات ورفاقه ضيوفا وقامات وطنية لها التقدير والاحترام وسط القبيلة وابنائها وتحدث عن نفر موتور قام بالفعلة الشنيعة وتم بتوجيهه من جهة ما.
الكاسب الوحيد هنا هو شبيلات المعبر الابرز عن حالة فردية في المعارضة تنتقد الجميع دون استثناء بما فيه الشارع والمواطنين وبدأت تظهر في الكثير من الزوايا مجددا تحت عنوان مثير لكل الاعتبارات السياسية يحاول تقمص شعار توحيد الحراك باتجاه الاصلاح وفي خطاب مباشر من كلمة واحدة لصاحب القرار المرجعي وفقا لاقتراح شبيلات منذ اسبوعين.
لاحقا اصبح منزل شبيلات في عمان محطة لاستقبال رموز وممثلي الحراك الشعبي وقادة النقابات المهنية المنددين بما حصل.
لكن صورة الشباب المتحمس في ذكرى اعدام صدام حسين وخلال تقمص حالة مخالفة للقانون باسم الولاء مجددا تبقى مؤذية للنظام والدولة قبل الاخرين وان كانت صورة تؤشر مجددا على ان هناك شرائح بالمجتمع بالمقابل لا تؤمن لا بالحراك ولا بالمعارضة ولا بالشبيلات.
وهي شرائح تقول ضمنيا لكل المتحركين في الاتجاه المضاد لخيارات الدولة بانها جاهزة ايضا للتحرك والصدام اذا احتاج الامر ودون توفر ادلة ملموسة على ان انفعالات عناصرها والتي تتخذ احيانا شكل البلطجة تخضع للتوجيه المركزي من اي جهة رسمية او امنية.
اللافت جدا هنا وخلافا لما يزعمه الحراكيون بان بعض المواطنين يمكن لهم التقدم باسم الولاء وخطف الميكروفون للتحدث باسم جميع الاردنيين ايضا كما يفعل تماما بعض الحراكيين ،الامر الذي يستوجب مراجعة من كل الاطراف في الواقع سواء في تلك الاجنحة والتيارات التي تسمم المناخات باسم الولاء او تلك التي تتجرأ على توجيه شتائم باسم الحراك غير مقبولة مع شعارات تصعيدية لغالبية الاردنيين.
يبدو ما حصل في مدينة اربد وفي ندوة اعدام صدام حسين نمط من الاسترسال في تذكير الجميع بان الدولة والحراك الشعبي يتسامران معا فوق الشجرة وبان الجميع حتى اللحظة على الاقل يخفق في النزول عنها بالتوازي مع كون الجملة الاقتصادية تضغط وبشدة على اوتار واعصاب الجميع.
المفارقة ان رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز نجل القطب البعثي الراحل البارز والذي تردد ايضا انه استهدف اصلا في سجون النسخة الصدامية من تجربة البعث عاد للتو من بغداد وهو يحمل توقيعا على خمسة عشر اتفاقية مع الحكومة العراقية الجديدة التي نتجت اصلا عن استئصال تجربة صدام حسين والبعث.
الشبيلات معارض مسيس ومستقطب لأضواء الاعلام من دعاة الانفتاح على ايران وسورية ومحور الممانعة اياه ومن رموز التذكير بأطنان النفط التي كان يرسلها الرئيس الراحل صدام حسين وبأسعار تفضيلية الى الشعب الاردني .
والرزاز عاد الى عمان من بغداد مؤخرا واعلن عن اتفاق مع الحكومة التي نتجت عن استئصال تجربة صدام حسين في العراق لتزويد الشعب الاردني بكميات اضافية من النفط بأسعار تشجيعية وتفضيلية.
بالرغم من هذه المفارقات يمنع الشبيلات من التحدث عن صدام حسين من منتحلين للولاء شمالي المملكة.
بمعنى اخير الاردنيون يختلفون مع بعضهم وعن بعضهم في الولاء وفي الحراك وبطريقة تتجلى فيها الروح الجهوية احيانا بالرغم من كل الاعتبارات.
وهو مشهد في الختام يؤكد بان الازمة متنوعة ومتعددة الاوجه وتستنسخ نفسها في كل الأحوال.