أحزاب الأردن: «ماكو فلوس» ومطلوب زيوت لتشحيم «التحديث» … وأمريكا بـ«ضمادة أذن»
«ماكو فلوس عيني»… عبارة مشهورة من مسلسل عراقي، كانت تبثه قناة «أم بي سي» الأولى، حيث زوج يخاطب زوجته بتلك العبارة، كلما طلبت منه: «يا معود ماكو عندنا طماطه».
لا يوجد في جيب صاحبنا فلوس حتى لشراء «الطماطم».
هذا حال الأحزاب السياسية في الأردن، التي اكتشفت غالبيتها أن منافسة «أصحاب الثقل المالي» وحملات التيار الإسلامي تتطلب بصورة مرجحة ولو حفنة دنانير، لزوم الجولة والشعارات واليافطات وأجرة الطريق على الأقل، وبعض المناسف.
قبل أيام كاد زميل وصديق أن يطلق «زغرودة» على الطريقة الشامية وهو يتغزل على شاشة فضائية «المملكة» بالهيئة المختصة بإدارة الانتخابات، لأنها قررت «تحويل ملف بعض الحزبيين للقضاء بعد الاشتباه المالي».
طبعا نضم صوتنا للحفاظ على «النزاهة» ونتفهم أن جهات رسمية متعددة تتفق على ضرب أوكار التحكم المالي في العملية الانتخابية، ومن حقي كمواطن على الجهات إياها أن تضرب المال الأسود بيد من معدن، وليس شوكولاتة.
المال الانتخابي الأردني
لكن نميل للقول إن «المال الانتخابي» – بمختلف أحجامه وأوزانه – ليس المشكلة الوحيدة، التي تهدد سمعة الانتخابات.
الواجب التركيز أكثر أيضا على الحد من فعاليات الهندسة، والتذكير أن «قطع رأس القط» ليلة الدخلة في المسار الانتخابي لا يؤسس وحده للفحولة المطلوبة، لأن المطلوب لاستعادة «الهيبة والسمعة» للصندوق أكثر وأبعد وأعمق من مجرد «مشاغلة بعض الرؤوس» بقضايا على صيغة «منشورات إلكترونية».
البلد مقبل على انتخابات مهمة ومسار تحديث تاريخي، والحرص مطلوب على عملية أشمل لاستعادة «هيبة الانتخابات» والنتائج في كل حال ستعني الكثير، وقد يكون الأهم ترك الجهاز القضائي يتولى المخالفات بدون «جرعات إعلامية» مكثفة عشية الاقتراع حتى لا ينتعش «العزوف».
وأي «مضايقة» لدور وبصمة واستقلالية وقدرة الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات ستكون «ضربة تحت الحزام» للوطن برمته، والهيبة تتطلب أن تسيطر الهيئة على غرف العمليات وكل المخرجات بموجب الاختصاص.
نقول ذلك بعدما سمعنا رئيس الهيئة على شاشة التلفزيون الرسمي يؤكد «الهيئة ليست مركزا أمنيا ولا محكمة»… هذا صحيح، لكن مسؤولية الهيئة في الدفاع عن استقلاليتها ودورها تتطلب عمليا ما هو أبعد من «الإجراءات»، ومن «مطاردة المال الأسود».
في اختصار: «ماكو فلوس» والمفاصل تحتاج للمزيد من التشحيم. نعم المطلوب «زيوت تحديث».
دراما الأذن الأمريكية
عجوز أمريكية كادت تقفز من كاميرا محطة «أن بي سي»، وهي ترتدي قميصا أحمر اللون، خلال حملة انتخابية للرئيس السابق دونالد ترامب مع كل مستلزمات الدموع والدراما.
«سي أن أن» أيضا كانت في الموقع وكذلك مراسل «الجزيرة» والنقل على الهواء المباشر لحماس تلك العجوز المفرط التي تنظر لترامب وكأنه «جون ترافولتا»، لكن مع ضمادة إذن بيضاء، تحولت إلى «موضة» أو صرعة!
دموع السيدة على الخدين وتقفز في الهواء، وهي تلوح بخرقة العلم والمشهد ذكرني بالصبايا العربيات اللواتي يغافلن الحراس على مسارح في لبنان ومصر للفوز بلمسه أو حضن من راغب علامة أو عمرو دياب.
أفرطت «الحجة» بالتصفيق وذرفت الدموع، فيما منصات التواصل تتوسع في نشر صورة مخادعة ظهر فيها ترامب بضمادة على الأذن اليسرى التي لم يصب فيها.
على شاشة تلفزيون «رؤيا» ظهر شريط توقع فيه الدكتور مروان المعشر مرجعنا في «الأمريكيات» حسم ترامب للمواجهة وفوزه وصاحبنا «لطمنا»، بما يقدره بدون «إحم ولا دستور» عندما أعلن أن «صفقة القرن تعني بكل بساطة حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن».
أردنيون كثر لا يعتقدون أن ترامب يمكن أن يفعلها، لا بل أحدهم قرر أن «اليمين الإسرائيلي» أيضا لن يفعلها.
حسنا «الثقة بالذات» مدهشة، لكن الأفضل لنا جميعا كأردنيين أن «نقلق فعلا».
أصنام السلام
عملية السلام تحولت إلى «صنم من التمور»، يشبه ذلك الذي كان يأكله كفار قريش عند الجوع.
واجبنا الوطني أن نتوقف تلفزيونيا عن «الدعاية المضادة» وعن «إنكار المخاطر» والاستعداد ليوم يقرر فيه الإسرائيليون التهام ما تبقى من «العجوة».
ما سمعناه من الدكتور جواد العناني مدهش: «مش معقول أن يفترض الأمريكيون والأوروبيون، ومعهم الإسرائيليون أننا في الأردن ممتنون فقط، لأن اليمين الإسرائيلي لا يقصفنا»!
يوما ما سيقرر إسرائيلي ما أن «المدرج الروماني»، وسط العاصمة عمان «تراث يهودي»!
طبعا، الأردن ليس لقمة سائغة لا لنتنياهو ولا لترامب، ومن أخرج صفقة القرن قبل سنوات عن السكة قادر على التصدي لها مجددا، ولكن فقط المطلوب تجهيز تلك الأداة الخشبية، التي نلكز فيها بعض أصنام السلام عند الحاجة.
إذا زادت جاهزيتنا لعملية «اللكز» يطمئن الأردني أكثر ويتوقف شعوره بالخطر ويفرز «إبداعاته».
صحيح في المقابل أن «ضمادة أذن» ترامب لن تهمنا، فأمة خياراتها ما بين عجوز يتحدث للهواء وآخر يحتفظ بالضمادة، بعد شفاء جرحه، تنتمي تماما للعالم الثالث وتشبه حكوماتنا العربية العاجزة.
طبعا، سنحتفل ونصفق عندما تبدأ الإمبراطورية الأمريكية بالهبوط التدريجي.