لأول مرة في الأردن: «مواصفة» محددة سلفاً للطاقم الحكومي والاختيار الأرجح من «نادي المنظومة»
حكومة جديدة بعد الانتخابات… من سيتولى رئاستها؟
عمان ـ «القدس العربي»: لا أحد يمكنه حقاً في عمان تحديد اسم وهوية رئيس الوزراء القادم بعد الانتخابات. لكن الملاحظ أن عملية إشغال مرصودة للرأي العام تجري تحت عنوان الجدل حول هوية رئيس الوزراء المقبل مع أن الوزير الأسبق محمد داوودية غرد وحده خارج السياق عندما أعلن بأن الدكتور بشر خصاونة رئيس الوزراء الحالي سيتولى تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات.
تكهنات داوودية قد تخيب وقد تصيب، فمسألة الحكومة وتشكيلها يعلم الجميع أنها مرتبطة بالتقدير المرجعي والصلاحيات الدستورية الملكية.
عملياً طبعاً، لا يوجد ما يمنع الرئيس الخصاونة من إعادة تشكيل الحكومة بعد انتهاء الانتخابات وتشكيل البرلمان الجديد، ولا يوجد في المقابل ما يمنع تكليف شخصية أخرى بتشكيل وزارة جديدة تتقدم لنيل الثقة من البرلمان الجديد، وهو الأول في عهد مسار تحديث المنظومة السياسية بالبلاد خلافاً لأنها ستكون ـ بصرف النظر عن رئيس الوزراء المكلف ـ أول عملية نقاش بالثقة البرلمانية مع مجلس نواب فيه حصة وافرة من أبناء التمثيل الحزبي. يعني ذلك عملياً أن التصويت على الثقة من حيث الشكل والمضمون سيختلف عما كان في الماضي، وهو ما يفترضه القيادي البارز في حزب الميثاق الوسطي محمد الحجوج، وهو يتحدث لـ «القدس العربي» عما توفره من آفاق تغيير برامجي مسارات تحديث المنظومة الحزبية.
الحجوج متفائل بأن تستقر عملية التنمية السياسية مع وجود أحزاب سياسية بحصة وافرة في السلطة التشريعية. لكن مجدداً، لا يوجد ما يعتبر المسار الحكومي عند التشكيل متفقاً عليه بعد أو حتى الآن، خصوصاً أن الأب الروحي لمسار التحديث السياسي رئيس اللجنة الملكية العليا التي صاغت الوثيقة سمير الرفاعي، نصح علناً الأحزاب السياسية الحالية بعدم الاستعجال في الطموحات الوزارية والتركيز على تجويد العمل التشريعي والرقابي في هذه المرحلة.
بالقياس، إذا كانت كلمات الرفاعي لا تخصه شخصياً وتدل على آلية تفكير مقترحة في المستوى المرجعي، يمكن القول إن التصورات الخاصة بمسار التحديث لا تريد الاستعجال الآن بمنح الأحزاب الجديدة التي ستكون ذات نفوذ وحضور في سلطة البرلمان بعد يوم 10 أيلول فرصة أن تشكل الحكومة أيضاً في خطوة طبعاً لا يمكن التوثق من تداعياتها ونتائجها. المنطقي أكثر وإلى حين الوصول إلى تجربة تداول سلطة بمعنى حزب حاكم وآخر معارض ضمن الإطار الدستوري، هو أن تتمكن الدولة من مراقبة أداء نواب الأحزاب في الدورة المقبلة، وأن تخضع التجربة للمأسسة التي يقترحها رئيس مجلس النواب السابق أحمد الصفدي، عندما تحدث عنها مع «القدس العربي» قبل الانتقال لصفحة «تداول السلطة» وأحزاب تشكل الحكومات ثم تسيطر على إيقاع السلطتين.
حكومة جديدة بعد الانتخابات… من سيتولى رئاستها؟
وعليه، فالأقرب للواقع الآن أن تبرز نحو 6 أحزاب أساسية وكبيرة في انتخابات الثلاثاء المقبل، وأن تشكل هذه الأحزاب تعبيراتها الكتلوية بالتحالف تحت قبة البرلمان، ثم تطالب «وزارة جديدة» بالتشاور على البرنامج والتركيبة الحقائبية للحكومة الطازجة.
التشاور هنا لا يعني التدخل بتحديد رئيس الحكومة لا بالتشاور ولا بالتنسيق إنما التركيز على برنامج الحكومة وتشكيلة الطاقم الوزاري؛ بمعنى التدرج في تسلل الأحزاب للسلطة التنفيذية بعد التشريعية حتى لا تحصل مفاجآت.
ذلك عملياً ما يوفر، إذا سارت الأمور في هذا الاتجاه، فرصة أمام الخصاونة أو أي شخصية أخرى لتشكيل أول حكومة في عهد برلمان التحديث السياسية، علماً بأنها فرصة ليست حكراً بطبيعة الحال على الرئيس الخصاونة، ويمكن أن يزاحمه بها آخرون من صنف محدد.
الانطباع هنا أن رئيس الوزراء المقبل ينبغي له أو يجب عليه أن يكون قريبًا جداً من «غرفة العصف الذهني» التي انشغلت أصلاً مرجعياً بوثائق التمكين الاقتصادي والتحديث السياسي على اعتبار أن الوزارة الجديدة مثل البرلمان الطازج، ستكون الأولى في عهد التحديث الشامل.
لا معنى عملياً لاختيار رئيس وزراء شاب وطموح أو مخضرم وقديم من خارج «نادي المنظومة».
ضمناً، يقود ذلك إلى استنتاج يحدد عملياً مواصفات ليس فقط رئيس الوزراء المقبل، بل أيضاً -وهذا مهم- العناصر الأساسية في الطاقم الوزاري، وعلى أساس أن إحضار وتوزير المخلصين الأوفياء لمسارات التمكين والتحديث هو الخطوة التالية لإظهار «الجدية» بحزم تجاه الوثائق التي تقررت بالإدارة والاقتصاد والسياسة.
أي وزير سيعين قريباً ينبغي أن تتوافر لديه مواصفات محددة، فهو «لن يجتهد بعد الآن» وبين يديه نصوص مرجعية حظيت بكل الشرعية الدستورية والسياسية، واستمراره بوظيفته مرتبط بقدرته على الالتزام الحرفي بالوثائق المرجعية.
إن تحديد مسبق لمواصفات «وزير المستقبل التحديثي» من خارج نوادي المحاصصة الكلاسيكية التي يمكن تمثيلها من داخل فريق نادي التحديث نفسه وعليه شكل وملامح الحكومة القادمة، ينبغي أن يشبه مسارات التحديث بالرئيس والطاقم والبرنامج حتى يتمكن البرلمان من التفاعل.
ويمكن القول إن الخبير البارز في مسارات الرؤية الاقتصادية الدكتور خير أبو صعليك، يوحي بذلك ضمناً وهو ينضم لحزب «إرادة» الوسطي بعدما كان من أول من تحدث لـ «القدس العربي» عن حكومات المستقبل المحظوظة لأنها ستعمل ضمن نطاقات مرسومة بوثائق مرجعية متفق عليها وطنياً.
عندما يتعلق الأمر باختيار رئيس وزراء وشيك لا مسوغ للغرق في التوقعات؛ لأن الشرط الموضوعي الأساسي المتمثل في «القدرة على هضم التحديث ومساراته» متاح بين ثلاثة أسماء مرشحة فقط، أو يمكن ترشيحها، والخصاونة أحدها.