اراء و مقالات

إلى الأردنيين «الضرائب كيوت وبتحبكن»… إدعم الأقصى بـ«أوقية زعتر» و«الجزيرة» حفرت «عظام تشرشل»

«كيوت» حصرا، هي الكلمة التي تصرفها لي ابنتي الصغيرة، كلما استجبت لطلباتها الملحة.
وهي الكلمة التي خطرت في ذهني وأنا أستمع لمدير عام جهاز الضريبة في الأردن البيروقراطي العريق والجريء حسام أبو علي، ضمن برنامج «نيران صديقة»، على محطة «عمان تي في.»
أبو علي، استطاع تزويق وتجميل مفردة «ضريبة» بطريقة إبداعية، عندما اعتبرها «رفيقا للمواطن»، لا بل زاد قائلا إن الضرائب «صديقة» للشعب، وليست عدوا صامتا له.
مشكلتنا مع «الرسوم»، وليس مع الضرائب، لكن نقابل يوميا هؤلاء الذين يشتمون ويلعنون الضرائب ليلا نهارا. حتى في الأهازيج الشعبية ثمة أغنيات ضد السياسات الضريبية .
صاحب الضرائب، أعانه ألله ووفقه في مهمته المعقدة، في مجتمع لا يحب الضرائب إطلاقا، مهما خضعت للمكياج، بادرنا مؤخرا باتصال استفهامي عن عبارة وردت في تقرير نشرته يتهم فيها بعض كبار رجال المال والأعمال التشدد الضريبي بالتأثير في استبعاد الاستثمارات .
أحد عتاة الضرائبيين، لم تعجبه تلك العبارة واتصل مستفهما، وهو يشرح «أحدهم استفسر عن ما إذا كان كاتب التقرير قد تمكن منه الحيتان».
في عمان عليك أن تصفق ثم تصفر لكل ما يقال عبر شاشة تلفزيون الحكومة، دون ذلك أنت «متهم بشيء ما معلب».
ما علينا الأب الروحي للضرائب المستحقة في الأردن يقول كلاما طيبا عن القانون ومستحقات الخزينة والدولة وزيادة واردات الناس بعد تطبيق القانون عبر الاستحقاق الضريبي.
مهما قال العم الفاضل، لن تجد ولو أردنيا واحدا يعتبر «الضريبة صديقا»، حتى عبر برنامج «نيران صديقة».
والسبب في رأيي يستقر في مسألتين: الأولى أن الدولة لا تستطيع الاستيقاظ ضريبيا ثم الغرق في النوم بصورة موسمية، فالقانون فقط ينبغي أن يحكم ويحسم وفي كل الأوقات.
والثانية أن الضريبة ينبغي أن تقابلها «خدمة عامة» وفورا، بمعنى أن المراجع للعيادات العامة يحصل على علاجاته، دون أن يطلب منه شراء الحبوب من السوق، أو يحصل المريض على حقه بصورة طبقية إشعاعية في موعد يقل عن 6 أشهر.
ولن نتحدث هنا عن «الحريات العامة». عندها فقط سنشعر مع السيد أبو علي أن «الضريبة كيوت» والدولة كلها «أكيت»، وخلافا لذلك سندور جميعا في حلقة «مريم نور» بعنوان «يا أردنيين، حبوا بعضكن، الضرائب بتحبكن، بصل وفجل.. طبيعية».

شهيد نشمي وآخر فدائي

قد نصفق فعلا لذلك المشهد، الذي ظهر فيه على شاشة تلفزيون «المملكة» السفير غسان المجالي، وهو يزاحم مع مرافقيه جنود الاحتلال في باحة الأقصى في القدس المحتلة.
أقله أن فضائيات دولية وعربية، مثل «الجزيرة» و»سي إن إن» سلطت الضوء على «الوصاية الهاشمية» عالميا، وكسبت عمان جولة إعلامية في نهاية المطاف، ثم أخرى دبلوماسية بتجمهر القناصل بعد ساعات فقط من جولة السفير المجالي.
طبعا، وللتذكير شخصيا ضد تلويث سمعة بلدي أساسا في سفارة في تل أبيب أو بأخرى تمثل العدو في عمان.
وما زالت مسألة إدارة ملف القدس حكوميا عموما تثير استغرابنا.
لكن «مشية» السفير المجالي على بلاط الحرم لاحقا تثير فعلا أجواء الثقة، وتلفت الأنظار، وقد أحسن زميلنا أحمد سلامة، وهو يقرأ تلك المشية على أساس وحدة التاريخ والدم، فتحت كل بلاطة في صحن المسجد الأقصى مزيج من دماء وعظام شهداء من النشامى والفدائيين معا .
القدس، كما وصفها ممثل دور صلاح الدين في الفيلم العالمي العملاق «هي كل شيء».
حتى تصبح مشية السفير «هدارة أكثر» وتضرب على جذر الأرض، لا بد من تحول إستراتيجية الأردن المفصلية من التسمك بالوصاية وتثبيتها إلى «دعم أهل القدس وصمود مرابطيها»، فهم الذخيرة الحقيقية التي تظهر الاحترام اللازم لعظام أنبل شهداء الجيش العربي الأردني، تحت كل بلاطة وفي كل زاوية.
ضيف قطري أذهلني مؤخرا، وهو يعطينا «المفتاح»، قائلا بعدما عاد للتو باكيا من القدس: أهل القدس أصحاب كرامة وعز. لا يقبلون المنح والهبات ولا يريدون منا جميعا أموالا. ما يمكن أن نفعله فقط «التسوق من منتجاتهم».
يمكن أيضا على طريقة مريم نور وقناتها على «يوتيوب» تلفزيونيا أن نشتري أوقية «زعتر» أو مجسما لقبة الصخرة أو إحدى كعكات القدس القديمة أو ربطة شال بالكوفية، على خصر بناتنا أو مسبحة معتقة برائحة الشهداء.
تأسيس نشاط في أسواق القدس ممكن وبسيط ولا يغضب الاحتلال وأعوانه، وهو بالتأكيد أفضل إنتاجيا من خوض صراع خفي لـ»تملك عقارات المدينة» بالمال النفطي أو بغيره.

معلف وكلاب تشرشل

حفرت قناة «الجزيرة» مؤخرا وبتميز على عظام ونستون تشرتشل – ما غيره – عبر توثيق لمؤرخ يهودي معروف.
قابلت مؤخرا بعض أدعياء الاستنارة .كانوا يتباهون أمامنا بتراث شخصية مثل تشرتشل، كما صورته لنا شبكة «نتفليكس» في مسلسل شهير .
ومن فمهم حضرت الحقيقة الآن: تشرتشل لم يكن أكثر من شبيه لدونالد ترامب، عقائدي ومتطرف ويؤمن بتفوق «العرق الأبيض»، ويعتبر بقية الشعوب «كلابا في معلف لا يملكونه».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى