اراء و مقالات

هاكان – الصفدي: العملياتي يلحق الدبلوماسي… الأردن في سوريا: أقرب اضطرارياً لأنقرة وأبعد بكثير عن تل أبيب

عمان- «القدس العربي»: تبدو لهجة أكثر تصعيداً من جهة الدبلوماسية الأردنية عندما يتعلق الأمر بالعبث الإسرائيلي في الخاصرة الشمالية وتحديداً في الجنوب السوري.
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، استخدم بعد ظهر الإثنين لهجة أكثر خشونة في الحديث عما تحاول إسرائيل تأسيسه في عمق المعادلة السورية مستثمراً فيما يبدو هنا بالمناخ التركي الغاضب، الذي بذل بدوره جهداً خلف الستائر في إعادة الاستقرار لمنطقة السويداء، ونسبياً لمنطقة درعا حيث منطقة توافق استراتيجية أمنية الطابع بين عمان وأنقرة في حدود الجغرافيا التي تشمل البادية الشمالية الأردنية.
الصفدي في أنقرة مجدداً، وللمرة الرابعة في لقاء مغلق وخاص مع نظيره التركي هاكان فيدان لأغراض الملف السوري قبل التحاق وزير الخارجية السوري بمباحثات ثلاثية بين مسؤولي الدبلوماسية الذين يناقشون التحديات الأمنية المشتركة على الحدود، وأبرزها محاولات التدخل الإسرائيلية.
لأول مرة تقريباً تستخدم الخارجية الأردنية تعبيرات تساوي ما بين العدوان الإسرائيلي والتحديات الإرهابية في مناطق الجنوب السوري، الأمر الذي يوحي بتطورين لا يستهان بهما في الملف السوري الأردني حصراً.
التطور الأول هو ذلك الذي يفيد بأن المؤسسة الأردنية تقترب أكثر من الراعي التركي، وتبدو في مسافة أبعد عن السيناريو الإسرائيلي عندما يتعلق الأمر بسوريا واستقرارها ومستقبلها.
تلك ديناميكية سياسية أردنية مستجدة تماماً بعد سنوات من التعايش مع نظرة إسرائيل القديمة.
والوزير الصفدي قالها بوضوح وهو برفقة الوزير هاكان عندما اعتبر أن إسرائيل لا حق لها بالتعدي على الأراضي السورية أو الدفع باتجاه التوتر والتأزيم، لأن سوريا المستقرة هي ركيزة أساسية لأمن وسلام المنطقة.
لاحقاً، يبرز التطور الثاني الذي تعكسه اللهجة الأردنية، حيث إن التوافق الدبلوماسي هنا ضرورة ملحة تجنباً للاسترسال في تلقي الضربات الناتجة عن سياسة اليمين الإسرائيلي في تمديد النفوذ والسيطرة والتحكم وعلى أساس معادلة القوة الخشنة والوحشية.
منطقة المصالح الأردنية التركية تلتقي هنا بصورة غير مسبوقة، والتوافق في التصريحات والبيانات بين الخارجية في البلدين قد يتطلب أو يتطلب بوضوح الآن سياقاً عملياتياً يدعم وحدة الحكم والإدارة في الداخل السوري، ويحافظ على الحدود العريضة المشتركة بين الأردن وسوريا في سياق عملياتي يناسب مصالح الطرفين، وهي مسألة تتولاها أنظمة الدفاع والمؤسسات العسكرية والمنظومات الأمنية في الجانبين الأردني والسوري حالياً.
لكن الجديد تماماً، عملياتياً، هو تنسيق مع الراعي التركي للتحول السوري يعلن بوضوح أن الأردن في طريقه للتفاهم والتعاون لا بل للشراكة إن سمحت الظروف مع الدولة التركية، تحت عنوان تثبيت الأمن والاستقرار شرق وجنوب سوريا؛ أي على أكتاف خاصرة الحدود الشمالية للمملكة.
ثمة مستجدات إقليمية أمنية الطابع لا يستهان بها، خصوصاً عندما يساوي وزير الخارجية الأردني بين العدوان الإسرائيلي والمجموعات الإرهابية، كما وصفها تحت قائمة التحديات التي تواجه المعادلة السورية.
هنا يمكن الانتباه، لأن رحيل القوات الأمريكية من الأراضي السورية يشكل إنذارات مبكرة على عمان الانتباه لها، برأي المحلل العسكري نضال أبو زيد الذي سبق أن اقترح عبر «القدس العربي» ضرورة أخذ الحيطة والحذر من مجمل المقاربات والتطورات المتلاحقة.
يضع الخطاب هنا، أردنياً وتركياً، عمليات الجيش الإسرائيلي في محيط درعا والسويداء بنفس قائمة عمليات تنظيمات مثل داعش، أو حتى مجموعات وميليشيات مسلحة من بقايا النفوذ الإيراني.. تلك صورة أو صيغة لم يسبق للمؤسسة الأردنية استخدامها، لكنها في كل حال لا تعني إلا تفاهمات أعمق مع المنظومة التركية الأمنية.
نتج ذلك عن قناعة غرفة القرار الأردنية بأن السبيل الوحيد لتجنب مغامرات ومجازفات اليمين الإسرائيلي في العمق السوري يتمثل الآن في وقائع الاستناد إلى القوة التركية المفوضة من الأمريكيين أو غيرهم في دعم وحدة التراب السوري، التي طالما اعتبرها الناطق الرسمي باسم الحكومة الوزير محمد المومني وهو يتحدث لـ «القدس العربي» ومعه الصفدي، عنصراً أساسياً ومتقدماً في أولويات الثوابت الأردنية.
عمان لا تنفي أنها تريد اتقاء شر الإسرائيليين في مناطق نفوذها السياسي والاجتماعي المعروفة عند بدو سوريا وطائفة دروزها، بالإضافة إلى اهالي درعا حيث نفوذ اجتماعي للدولة الأردنية ساهم لعقود في تعزيز الأمن القومي والحدودي الأردني.
إسرائيل هي فقط من يعبث بتلك المعادلة الآن، وفي السياق العملياتي. ورد الأردني عليها بالتقارب مع تركيا والتمهيد له برفض المنطق الإسرائيلي هو الرسالة التي لا يمكن إنكارها في ظل حالة تعاكس مصالح ملموسة وتزداد يومياً بين الأردن وإسرائيل الجديدة، تبدأ من القدس ثم تعبر إلى غزة والضفة الغربية قبل الاستقرار في محطة الجنوب السوري، التي تعبر عن قناعة أردنية راسخة بخاصرة أمنية قومية من الصعب التساهل معها، وإلا انتقلت وعبرت كل التناقضات السورية الحدود باتجاه الأردن.
لذلك، المباحثات والمشاورات التركية الأردنية نشطة الآن. وليس سراً أن ما سيعقب التفاهم بالمستوى الدبلوماسي في الملف السوري تحديداً بين عمان وأنقرة هو التأسيس لشراكة عملياتية، حيث وزراء دفاع ورؤساء أجهزة أمنية وأركان في كل من سوريا وتركيا والأردن لديهم ما يصوغونه ثم ما يقولونه للآخرين، وتحديداً في إسرائيل والولايات المتحدة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading