اراء و مقالات

في الأردن «نقوط أون لاين» وخرفان طائرة… والشعب يريد «عيدية»… وفي مصر اقتراح مثمر «أضحيتك فرخة»!

لا ترجموا الرجل. ما الذي يعنيه «الفقه المقارن»، إذا لم يتمكن أستاذ متخصص فيه هو المصري الدكتور سعد الدين الهلالي، من استنساخ فتوى تبيح التقدم بأضحية من «الطيور» في عيد الأضحى، بدلا من الأغنام والبقر.
على قناة «أم بي سي» مصر، كان المذيع عمرو أديب يسأل «إيه رأيك يا أفندم؟».
صاحبنا أديب يتنقل ما بين الترحيب الحار بـ»حلة محشي» من «الست أم محمد»، ثم يسأل الدكتور الهلالي: «يا مولانا هي الأضحية مشان نأكلها إحنا في بيتنا؟».
الأهم أن الفقير والمسخم، وبدلا من الاقتراض واللجوء لتقسيط الأضحية يمكنه أن يشتري «فرخة»، بدلا من شراء تذكرة بنفس السعر لركوب «تلفريك» منطقة عجلون، في الأردن، ثم يتقدم بها كأضحية.
آلية توزيع الفرخة في حال تقديمها كأضحية، لم يوضحها أخونا الهلالي، فالفتوى ينبغي أن توضح مصير الجناح والورك والعينين وهكذا.
اشتعلت المنصات، التي تحاول الرد على فتوى الهلالي، وأرى أن الرجل اجتهد في مجال الفقه المقارن، الذي تعلمه، لكنه استند إلى كلام للصحابي بلال بن رباح، الذي أسمع شخصيا اسمه لأول مرة في سياق الفتاوى.

خروفك الطائر

في اختصار الإسلام دين يسر، ونزعم أن الأضحية لمن استطاعها ماليا واقتراحنا لكاميرا فضائية «المملكة» الأردنية – وهي تتجول بين الزرائب، التي خصصتها البلدية للأضاحي – التركيز على أن المواطن الفقير واجبه انتظار «شوية لحمة»، من التوزيع على أن يقدمها من يملك القدرة المادية. المشكلة لا تحتاج لفضائيات ونقاش وفتاوى، فمن يضحي لديه «ثلث الذبيحة» والثلثان لمن لا يستطيع.
أحدهم على منصات الأردنيين اقترح أن الخروف تحول إلى طائر حاليا ولا يمكن اللحاق به بطائرة، بسبب انخفاض القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع الأسعار، فيما ناطق باسم وزارة الزراعة يؤكد للشعب – عبر فضائية «رؤيا» – أن الأسعار مثل أمطار الموسم، فهي «أقل بقليل من معدلها السنة الماضية».
عبر «رؤيا» أيضا كان أحد المستثمرين قد سخر من اعتراض الناس على سعر تذكرة «التلفريك» الوحيد في البلاد، قائلا إن من يريد ركوب تلفريك يمكنه الاستغناء عن «جاجة مشوية»، لأن التذكرة سعرها 4 دنانير ستدفعها فقط لكي تنظر من فوق لتحت.
ومفارقة التلفريك، يمكن أن تساعد عمرو أديب، وصاحبنا الهلالي، لأن من لا يملك مالا يستطيع التضحية بطائر، دون تحديد نوع الطائر. ونخشى أن تجد الفتوى من يتبناها من الأشقياء، فتبدأ عملية صيد الحمام والصيصان والعصافير، وإعادة بيعها كأضحية!
عموما، أجمل ما قرأناه أردنيا في السياق هو أن «المواطن خايف من العيد أكثر من الخروف»، والمقصود طبعا ودوما ارتفاع كلفة التكلف الاجتماعي في الأعياد من ضرورة «أكل اللحمة» ثم ارتداء» لباس اللحمة»، على حد تعبير صديقنا سامح المجالي، وأخيرا مصاريف العيال وعيدية الولايا، حيث الأنثى تجلس مستقرة في بيتها، ويأتي الشباب والذكور بصيغة جماعية ويضعون في ديها ما تيسر من «مال العيدية».

عيدية «أون لاين»

صديق اقترح من العام الماضي توفير «نفقات البنزين» والحركة ما يلي: اجلس في بيتك وارسل عبارة رقيقة مع رسالة تفيد أنك قمت بتحول العيدية لصاحبتها أو حتى نقوط العرس والعزاء لصاحبه «أون لاين» أو عبر تقنيات الهاتف، التي تتيح اليوم تحويل ولو 10 قروش، بعد سلسلة تراخيص البنك المركزي.
عموما، ومع الاحترام الشديد لاهتمام تلفزيون الحكومة الأردنية بتغطية واسعة لتجهيزات المسالخ وأسعار الأضاحي، لا بد من التذكير أن «عيدية الشعب» المرتقبة، والتي توقعناها جميعا، بعد عرس ولي العهد، لم تحضر، ولا يوجد ما يوحي أنها ستحضر بعد.
وبالتأكيد، لا نتحدث هنا عن أموال، فوضع الخزينة معروف للجميع، بل عن عفو عام، ولو قليلا عن «الغرامات المالية» أو بعض المساجين لتوفير نفقاتهم على الدولة، داخل السجن أو بالحد الأدنى تدشين مرحلة نخبوية جديدة تقنع الأردنيين في عيدهم أن مسؤولين يشبهونهم ويمثلونهم سيتم الاعتماد عليهم، ولو مرحليا، لاحقا.
في الواقع الأردني غير معقول حجم الاختلاف والتباين ما بين «المواطن» وهويته وطبيعته وبين «المسؤول»، الذي لا تفرزه الانتخابات ولا الديمقراطية. طبعا وفي العيد نخاطب القرار مجددا قبل يومين من المناسبة بأغنية محمد منير، التي غناها مجددا في حفل الترفيه على «أم بي سي»: «لسه الأغاني ممكنة».
ما نقصده «لسه العيدية ممكنة»، خصوصا للشعب الأردني الصابر المنتظر المحتسب، الذي ابتلاه الله عز وجول بنخبه الرسمية والمعارضة معا، وبصورة خاصة بعد العرس، الذي ألهب أشواق وأماني الشعب المحتفل.
عمليا، وفي اختصار الوقت لم يفت بعد، ونرجوكم أطلقوا مبادرة ما تسعد الأردنيين ولو قليلا.
وبمناسبة ذكر محمد منير و»أم بي سي» ونمط «الترفيه السعودي» الجديد لا بد من القول إن الترفيه المنطقي الهادف العميق، الذي يحترم اللحن والكلمة والالتزام نصفق له جميعا، ونرفع له قبعاتنا، وهذا ما ينطبق عليه القول بالسهرة المنتجة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى