الأردن وانتخابات «مبعثرة قليلاً»: كيف تتجاوز نسبة الاقتراع 36٪ ولماذا؟
عمان- «القدس العربي»: المراقب الخبير لمسار الانتخابات البرلمانية الأردنية والتحضيرات الشاملة لها قبل أقل من 48 ساعة على موعد تسجيل المرشحين، يمكنه أن يلحظ حجم الأوراق المبعثرة هنا وهناك، ليس على صعيد القواعد الاجتماعية المهتمة بالانتخابات في الدوائر المحلية الفرعية حصراً، ولكن أيضاً على صعيد البنية الحزبية التي تتنافس أو دخلت في موجة تنافس حادة على أمل تحصيل أكبر عدد ممكن من المقاعد البرلمانية شبه المضمونة تحت عنوان 41 مقعداً مخصصة إلى حد بعيد فقط للقوائم الحزبية العامة.
أوراق الانتخابات مبعثرة، وبصعوبة بالغة تمكن حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض أو سيتمكن خلال الساعات القليلة المقبلة، من الإعلان عن قوائم مرشحيه في إطار خليط أو كوكتيل أسماء عريقة وشعبوية مع الوجوه الجديدة وبطريقة تبدو حصيفة وتراهن على الزخم وتفاضل عددي في جمع الأصوات وتحشيدها بالدوائر الفرعية تحديداً لصالح القائمة العامة.
ويجدر الذكر هنا أن 29 حزباً مرخصاً ضمن مسار المنظومة السياسية في البلاد يتنافسون تقريباً على 38 مقعداً في القائمة الحزبية العامة التي خصصت للأحزاب أيضاً ثلاثة مقاعد تخص كوتا الأقليات.
وهذا يعني أن عدد المواطنين الذين يقررون فعلاً الذهاب إلى الانتخابات سيكون له تأثير مباشر على حجم وشكل “العتبة الانتخابية”، بمعنى أن حظوظ الأحزاب في المقاعد مرتبطة بعتبة انتخابية تمثل السياق الحسابي بدل كل مقعد من التصويت.
والعتبة الانتخابية بحد ذاتها من حيث الأرقام والعدد، مرتبطة بحجم وكثافة التصويت، علماً بأن الأوساط الخبيرة والمتابعة تتحدث حصراً عن نسبة تريد كل السلطات المهتمة أن تصل إليها وبمعدل 36 إلى 40% من المواطنين الذين يحق لهم الاقتراع.
ويعني ذلك أن عدد المقترعين قد يتراوح في النهاية ما بين مليون ونصف مقترع إلى مليون و800 ألف من المواطنين الذين يذهبون حقاً إلى صندوق الاقتراع.
وهذا -حسب بعض الخبراء- يعني بكل بساطة أن العتبة الانتخابية للمقعد الواحد سقفها الرقمي ما بين 27000 من الأصوات إلى 35,000، وهو سقف صعب ومعقد وقد لا تتمكن من الوصول إليه إلا سبعة أحزاب على الأقل من أصل 29 حزباً مسجلاً.
حمى التنافس على المقاعد الحزبية هو الذي يطغى على الإيقاع السياسي. وفيما تنشغل أوساط الأحزاب الوسطية تحديداً والجمهور بمتابعة قضايا أو ملفات التحقيق بالمال السياسي والرشوة الانتخابية، يبدو أن التيار الإسلامي ينجح بالتسلل إلى القوائم الانتخابية المحلية الفرعية ويتقدم بقوائم مرشحين مثيرة للجدل، فيها مزيج من القامات السياسية والأسماء الكبيرة ووجوه شابة جديدة تقدمها الحركة الإسلامية لأول مرة، إضافة إلى خبرات من نشطاء الحراك التعليمي الأكثر شهرة وجماهيرية وحضوراً شعبوياً في البلاد.
يعني ذلك أن الحركة الإسلامية تنافس وبشدة، فيما أوراق بقية أحزاب الوسط -باستثناء الميثاق- مبعثرة تماماً؛ فحزب “إرادة” الوسطي، وهومن أهم الأحزاب والتجارب ويضم نخبة من الخبرات الوطنية الكبيرة، يعاني الآن مما تسمية قيادته بحراك استهدف الحزب.
خلفية النقاش ما قيل وما أشيع وما تردد، والخطوات التي اتخذت في السياق هي باتجاه محاربة المال السياسي.
والحزب الإسلامي الوطني الذي ينظر له كبديل مقترح عن جماعة الإخوان المسلمين وممثليها في البرلمان، يعاني من تصدعات داخلية جراء الإعلان عن قائمة انتخابية محددة، فيما يبدو أن الخلافات داخل هذا الحزب قد لا تسمح له بجمع مئات الآلاف من الأصوات المطلوبة حتى ينافس على مقاعد الصف الأول في القائمة الوطنية.
الانعكاس واضح بين حجم التصويت لمرشحي الأحزاب السياسية العلنية الكبيرة في القوائم المحلية الفرعية وبين عدد الأصوات التي يمكن تجييرها لمرشحي الأحزاب نفسها في القوائم العامة، وهي لعبة يجيدها الإسلاميون بكفاءة وحدهم.
إلى ذلك، وبعيداً عن حزبي “إرادة” و”الإسلامي الوطني”، يبدو أن حزب “الميثاق” هو الذي أعد نفسه لكل هذه المعركة التنافسية بالحد الأدنى من الضجيج والإثارة بعدما أعلن قائمة تضم سلسلة من الشخصيات القادرة على المنافسة، فيما تحاول البحث عن مكانها وموقعها على أمل الحصول على مقاعد محددة.
أربعة أحزاب أخرى مهمة سيكون لها -وفقاً للتحليلات والقراءات الأولى- حصة من المقاعد تتراوح ما بين مقعدين إلى أربعة مقاعد. والحديث هنا عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي وعن اندماج التيار المدني مع ائتلاف آخر وعن قائمة التحالف بين القوى اليسارية والقومية، إضافة إلى أحزاب أخرى ثلاثة يبدو أن لها حضوراً قوياً حتى الآن لا يستهان به، ومن بينها حزب العمال وحزب الاتحاد وحزب تقدم، وأيضاً حزب نماء وحزب عزم.
التنافس بين الأحزاب دخل في مرحلة حرجة للغاية وأساسية، ويفترض أن الانتخابات تنتهي بتمثيل منصف وحقيقي، لكن كل الحسابات عند الواجهة الحزبية وحتى عند المرشحين بالقوائم الفرعية اعتماداً على ثقل عشائري أو مناطقي أو تكنوقراطي، تشير إلى أن الفرص مرتبطة بالرقم أو النسبة الرقمية التي سيصل لها عدد المواطنين الذين قرروا الذهاب صبيحة يوم 10 أيلول إلى صناديق الاقتراع.