اراء و مقالات

انتخابات الأردن: إشكالية «الوجوه الجديدة» مجدداً مع بدء العد التنازلي للاقتراع

عطية بعد الدغمي في لائحة «الانسحاب»

عمان ـ «القدس العربي»: مستجدات بطابع سياسي وبرسائل متنوعة بعضها عميق لا يمكن إغفالها مع بداية موسم تسمية المرشحين لانتخابات البرلمان الأردني المقررة في 10 أيلول المقبل.
ومع بداية الأسبوع الحالي وقبل نهايته، يفترض أن تتضح أكثر حدود وملابسات لعبة الصراع والنفوذ بين مراكز قوى انتخابية قديمة وأخرى جديدة مرتبطة حصراً بمسار التحديث السياسي في البلاد، حيث بدأ الاقتراب من الاستحقاق الانتخابي يكشف عن بعض المفاجآت.
أبرز مفاجأة سجلت مساء الأحد على صعيد كبار لاعبي الانتخابات في البلاد تمثلت في إعلان القطب البرلماني المخضرم خليل عطية، نيته عدم ترشيح نفسه للانتخابات.
عطية أصدر بياناً بالخصوص يعلن فيه ضمناً لأبناء الوطن ودائرته الانتخابية قراره المثير بعد 27 عاماً من استمراره في صدارة العمل البرلماني بالبلاد. ولم يكشف عن الخلفيات التفصيلية لقراره، خصوصاً أنه أحد أكثر أعضاء البرلمان شعبية منذ عام 1989 عندما حصل ما يسمى بالتحول الديمقراطي.
فكرة إخلاء عطية لمقعده تترك إشارات من أكثر من صنف، خصوصاً في الزاوية الضيقة المتعلقة بإيقاع ممثلي المخيمات والمكونات في برلمان الأردن، مع أنه في بيان الانسحاب من الانتخابات أكد على الوعد والعهد بالبقاء مع الناس، وأرسل إشارات متنوعة سياسياً تحت عنوان الأردن أولاً ودوماً، وفلسطين لا بديل عنها إلا الجنة، وإسرائيل كيان زائل.
عملياً، غياب رمز انتخابي كبير مثل عطية عن الدوائر الانتخابية المكتظة في عمان العاصمة قد يساهم في إخلاء بعض المواقع التي يستفيد منها تيار الإخوان المسلمين خلافاً لخارطة قوى غامضة الملامح حتى الآن بسبب التراث الكبير للنائب عطية الملقب ببلدوزر البرلمان، طوال أكثر من ربع قرن، ودوره المفصلي في الأداء والتشريع والكلمة الوسطية، وفي احتواء احتقانات قاعدة كبيرة جماهيرياً.

عطية ليس الغائب الوحيد

لكن عطية ليس الغائب الوحيد من اللاعبين المخضرمين، فقد سبقه في وقت مبكر بإعلان الانسحاب من المنافسة النائب الأطول عمراً في البرلمان، وهو رئيس المجلس سابقاً عبد الكريم الدغمي. وفي الأثناء، لا يتوقع أن تعود للانتخابات والبرلمان أسماء أخرى كبيرة غادرت مسرح التشريع في النسخة الأخيرة للانتخابات التي أفرزت حالة وصفها أمام «القدس العربي» البرلماني الخبير الدكتور ممدوح العبادي، بأنها غريبة للغاية وخارج السياق، حيث تم انتخاب وجوه جديدة في البرلمان الحالي بمعدل يقترب من 90 ٪. العبادي أحد الذين يتصورون بأن الانتخابات في الدول الديمقراطية تحضر فيها الوجوه الجديدة بنسبة لا تزيد على 10 ٪ وليس بالعكس.

عطية بعد الدغمي في لائحة «الانسحاب»

في المقابل، غياب الثنائي عطية ـ الدغمي وآخرين من كبار المرشحين، يخلي الساحة والمساحة بالتأكيد لمزيد من الوجوه الجديدة التي تمثل على الأرجح أو يفترض أن تمثل تياراً وسطياً أقرب إلى الإطار الشبابي مع وجود ثقل كبير في برلمان 2024 للعنصر النسائي ضمنه القانون.
نائب رئيس الوزراء الأسبق أيمن المجالي، أعلن أيضاً عدم نيته خوض الانتخابات. والعضو الوحيد الذي قرر خوضها من بين أعضاء مجلس الأعيان وقدم استقالته على هذا الأساس أمس الإثنين، هو الدكتور إبراهيم الطراونة شقيق رئيس مجلس النواب الأسبق عاطف الطراونة.
أغلب التقدير أن الطراونة ـ وهو طبيب أسنان وله دور بارز في المجتمع ـ يحتفظ بطموح مع البرلمان الجديد يتجاوز التمثيل عن مقعد محافظته الكرك، وهي مسألة توضح أن بعض مراكز الثقل الانتخابي الاجتماعية تعزف أيضاً على وتر التجديد والتحديث.
خلطة المرشحين لانتخابات الأردن بدأت، مع صباح الإثنين، تتضح في بعض تفاصيلها. ومع نهاية الأسبوع، يمكن لأي مراقب بدون خبرة -بعد إعلان جميع المرشحين عن أنفسهم ـ أن يبدأ بتحليل الخارطة وتوقع الأسماء التي ستفوز وبنسبة كبيرة.

«الحزب السياسي الأهم»

الحزب السياسي الأهم الذي يعمل بهدوء تام وبدون صخب متصدراً أحزاب الوسط هو حزب «الميثاق» الذي أعلن ظهر الإثنين عن قائمته الانتخابية الأضخم للمشاركة في 18 دائرة انتخابية في البلاد، وهي قائمة تضم أكثر بقليل من 100 مرشح، ما يعني أن حزب الميثاق أعد العدة بصورة هادئة وعميقة لتصدر كتلة الأغلبية في البرلمان الوشيك.
لافتة جداً تسمية «الميثاق» لـ 10 من رموزه وقيادييه للترشح عن القائمة الحزبية العامة. وعلى رأس القائمة هنا رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، وهو أبرز شخصية تترشح للانتخابات المقبلة بعد تمكنها من تجاوز ما يسمى بالرغبة الجامحة بوجود وجوه جديدة.
ويجلس إلى جانب الصفدي في قائمة «الميثاق» الوزير والنائب السابق والجنرال المتقاعد مازن القاضي، ومعهما المخضرم محمد الحجوج، إضافة إلى أسماء معروفة في المجتمع، مثل شادي المجالي، وأخرى تنطبق عليها معايير الوجوه الجديدة التي يريد الميثاق تقديمها للجميع.
بدأت الترشيحات تدل على رسائلها وأهدافها، وغالبية الأحزاب السياسية تأخرت في الواقع عن إعلان مرشحيها. وعلى الأبواب سيعلن حزب جبهة العمل الإسلامي قائمته للانتخابات.
وهو أكبر أحزاب المعارضة وأكثر الأحزاب السياسية خبرة في التكتيك والتوجيه الانتخابي، وينظر لحزب الجبهة باعتباره صاحب الترتيب الثاني بعد «الميثاق» على الأقل في حصة القوائم الحزبية العامة.
تشير معطيات التيار الإسلامي إلى أن حزب الإخوان المسلمين في طريقه لإعلان قائمة عامة من 10 مرشحين، كما فعل «الميثاق» مع إعلان مرشحين عن القوائم الفرعية في 5 محافظات ومدن.
لكن الإثارة السياسية تكتمل فقط عبر المداخلات التي يتقدم بها لأغراض انتخابية المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الشيخ مراد العضايلة، وهو يقول بكل اللهجات إن حملة التيار الانتخابية عنوانها الأساسي غزة وطوفانها.
ذلك خطاب يضمن موقعاً متقدماً إذا نظمت انتخابات بنزاهة للإسلاميين، شريطة تمكنهم من إقناع المواطنين فعلاً بالتوجه إلى صناديق الاقتراع يوم 10 أيلول.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading