اراء و مقالات

«طائرات السموم» تقلصت من درعا … هل بدأت إسرائيل «ابتزاز» الأردن بالمخدرات؟

عمان- «القدس العربي»: أسقطت قوات الحدود الأردنية هذه المرة طائرتين مسيرتين فجر الإثنين حاولتا التسلل وتم إسقاطهما داخل الأراضي الأردنية وهما تحملان المخدرات.
الأهم هو مصدر الطائرتين، حيث بدأت تتكرر في البيانات الأردنية مقولة «التصدي لطائرات تحمل مواد مخدرة في الواجهة الغربية وفي الواجهة الجنوبية».
تلك العبارة تعني حدود الأردن مع فلسطين المحتلة. لكنها تعني فيما تعنيه -برأي الخبير العسكري نضال أبو زيد بعدما تحدث لـ «القدس العربي»- أن مصدر تلك الطائرات الصغيرة التي تحاول التسلل بالمخدرات هو الكيان الإسرائيلي بالضرورة.
البيانات التي تتحدث عن التصدي لطائرات من الواجهة الغربية تحمل المخدرات، بدأت تتكرر على مسامع الأردنيين في إطار علاقة عكسية مقصودة، حيث تقلصت البيانات التي تتحدث عن التصدي لطائرات مماثلة من مناطق شمالي الأردن.
المعادلة واضحة هنا: في الوقت الذي خفت فيه إلى حد ملموس محاولات تهريب المخدرات على واجهة الحدود مع سوريا، زادت تلك المحاولات على واجهة الحدود مع الكيان الإسرائيلي، في مفارقة بدأ يقترح خبراء مثل أبو زيد وغيره، تأملها والتوقف عندها.
هل يعني ذلك سيناريو محدداً في وجود «أم إسرائيلية» لها علاقة بنشاطات تهريب المخدرات إلى أو عبر الأردن في المستوى الإقليمي؟
سؤال بدأ يطرحه إعلاميون ونشطاء.
لكن الإجابة لم توفرها السلطات المختصة بعد للرأي العام، حيث كفاءة حرس الحدود مرصودة في التصدي لأي محاولات على جميع المحاور الغربية والشرقية والشمالية والجنوبية، وحيث بناء استنتاجات سياسية الطابع بعناوين الجهة الغامضة التي تقود نشاط تهريب المخدرات وتصر على التسلل عبر الأردن باتت مسألة قيد التحقيق والتدقيق حتى على المستوى السيادي الأردني.
جديد تماماً كما ترى وسائل الإعلام الأردني، التحدث عن عصابات مخدرات إسرائيلية بدأت تستخدم تقنيات الطائرات المسيرة للتسلل بكفاءة إلى الأردن مباشرة بعدما نجحت تفاهمات أردنية مع الإدارة السورية الجديدة في الحد من ظاهرة طائرات المخدرات ومحاولات تهريبها عند الواجهة الشمالية حيث الحدود مع درعا والبادية الشمالية.
توحي المفارقة هنا بأنه ثم رابطاً ما بين الشبكة التي يتاح لها استخدام طائرات في تهريب مخدرات وتقلص نشاطها على الحدود الشمالية، وبين الشبكة الحليفة التي نشطت فجأة على الواجهة الغربية، فيما يدعي الإسرائيليون بأن الحدود مع الأردن لم تعد آمنة وبأنهم بصدد منع تهريب أسلحة عبر الأردن عبر بناء جدار إلكتروني جديد أو عبر تشكيل فرقة جلعاد العسكرية وإجراءات أخرى.
الرواية الإسرائيلية هنا مضللة وفقاً لخبير الاستخبارات العسكرية أبو زيد؛ فالجانب الإسرائيلي هو الذي لا يقوم بواجبه في تأمين الحدود في منطقة الأغوار، والاتهامات للجانب الأردني باطلة؛ بدلالة الوقائع، وأهمها أن الاختراقات المرتبطة بطائرات مسيرة تحمل المخدرات تتسلل إلى الأردن من فلسطين المحتلة وليس العكس.
يكذب الإسرائيليون هنا بوضوح.
ولعل الهدف من التضليل المعلوماتي قد يكون تمرير سياساتهم في ضم الأغوار وابتزاز الأردن في التواطؤ مع عصابات مسلحة لديها تقنيات بدأت توجه المسيرات التي تحمل المواد المخدرة وسط صمت إسرائيلي ومبالغات على المستوى الإعلامي في الحديث عن اختراقات أردنية للحدود.
الأهم سياسياً وإعلامياً هو بروز حاجة ملحة لفهم أسباب تلك الهجمة التقنية بعنوان تهريب المخدرات من داخل فلسطين المحتلة، خصوصاً أن الجيش الإسرائيلي يملك كل التقنيات التي يعلم الجميع أنها كفيلة بردع أي محاولة تهريب، وهو ما يصادق على رواية أبو زيد للأحداث والقائلة إن إسرائيل تفبرك وتضلل الوقائع، وبالحد الأدنى ثمة تقصير مريب في منع نشاطات المخدرات باتجاه الأراضي الأردنية.
الجدل في الشارع الأردني وفي دوائر النخب السياسية عظيم منذ أحداث 7 أكتوبر على مستوى سؤال التعايش مع الوحش الإسرائيلي الجديد وكيفية غدارة الكلف والفواتير الناتجة عن خطط اليمين الإسرائيلي الدموية في تمديد النفوذ وفرض وقائع على الأرض على المستوى الإقليمي تحديداً.
وهذا الجدل الفائض عن حاجة الدولة الأردنية اليوم يضاف إليه ملف المخدرات التي يصمت الإسرائيليون في الحد الأدنى عن محاولات تسللها إلى الأردن، الأمر الذي يوحي بإثارة لا تنتهي عند حدود، ويضيف سبباً جديداً لنمو وزيادة مشاعر الأردنيين في كراهية إسرائيل، لا بل قد يضيف مساحة من الشك والارتياب، محورها أن حرب المخدرات تلك على الأردن -كما وصفتها صحيفة الإنباط المحلية- تشن فجأة لأغراض ابتزازية على الأرجح.
يتصدى حرس الحدود بكفاءة لأي جسم طائر يحاول العبور بصور غير شرعية.
والسلطات الأمنية تضرب في الداخل الأردني بقوة شبكة وكلاء المخدرات، لكن تلك الحرب الجديدة تحتاج إلى تفكيك ألغازها لأنها غير مألوفة بالعادة، فقد كانت العصابات السورية برعاية الفرقة الرابعة وماهر الأسد هي التي تملك تقنية توجيه طائرات مسيرة محملة بالمخدرات. ومع غياب الأسد وفرقته، يبدو أن تلك التقنية وجدت شريكاً في جنوب إسرائيل.
يصبح سؤال الابتزاز السياسي بواسطة المخدرات هنا له مبرراته الظرفية في الزمان والمكان.
اليمين الإسرائيلي يرسم ملامح إسرائيل الكبرى، ويتخذ إجراءات جديدة في تعطيل التشريعات الأردنية الناظمة للعقارات في الضفة الغربية، ويتجه نحو الضم لا بل نحو التهجير أيضاً.
مخدرات جنوب إسرائيل أو ما يسمى بالواجهة الغربية، لها وظيفة سياسية وأمنية إرباكية على الأرجح.
لا تقول السلطات الأردنية ذلك، لكنها تعالج الأعراض قبل تشخيص الأمراض.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading