اراء و مقالات

«المسكوت عنه» في جدار كاتس ـ نتنياهو: «إيذاء الأردن» في التركيبة والأغوار و«الدور»

الفايز يذكّر: الأمن يصنعه السلام وليس «تجهيزات الحدود»

عمان ـ «القدس العربي»: الأخطر بالتأكيد من التصريح نفسه تلك التبريرات التي اعتمد عليها وزير الدفاع الإسرائيلي المدعو «يسرائيل كاتس» لشرح موجبات القرار عندما تعرض لـ 3 مشكلات على الحدود مع المملكة الأردنية الهاشمية تستوجب المبادرة وفوراً لإقامة «جدار عازل».
كاتس، ابن اليمين الإسرائيلي المدلل، يضع الملح مجدداً في عمق الجرح والمخاوف الأردنية عندما «يزعم» علناً بأن الهدف من إقامة «جدار الأغوار» هو «وقف لوجستيات دعم الإرهاب شمالي الضفة الغربية» ثم التصدي لمحاولات «تهريب السلاح» واتخاذ إجراءات «وقائية» ضد مشروع «إيراني» مفترض لـ «فتح جبهة الشرق» ضد الكيان.
وحده وقبل غيره من السياسيين الكبار، حاول رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، تذكير الإسرائيليين عبر «القدس العربي» بأن «الأمن» يصنعه السلام وليس «تجهيزات الحدود» مع التذكير أيضاً في الوقت ذاته بأن شكل الحروب والدفاعات اختلفت اليوم، والمسيرات والمقذوفات لم تعد تعوقها تحصينات دفاعية حدودية مهما كانت.
تلك حقائق «فنية» يعرفها الإسرائيليون جيداً، لا بل اختبروها في معركة طوفان الأقصى مع العراق ولبنان واليمن وسوريا، الأمر الذي يدفع الأردنيين بالمستوى الرسمي لطرح السؤال «اللغم»: الوزير كاتس يعلم مسبقاً بأن جداره في الأغوار لن «يوفر أي حماية إضافية ولن يتصدى للمسيرات والصواريخ… ما المقصود إذاً ببناء الجدار والإصرار عليه؟
الإجابة عن السؤال تؤشر إلى أجندة خبيثة وراء عزل الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة بالجدار، والتفسير في العمق الأردني أن وظيفة ذلك الجدار «منع إقامة حدود لدولة فلسطينية» ولاحقاً «ضم الضفة الغربية» وتصدير الأزمة كلها إلى المملكة.
تصريحات الوزير كاتس فيها عملية «دفن» مؤكدة، ليس فقط لاتفاقية وادي عربة مع الأردن ولكن لأكثر من 13 اتفاقية، أهمها حدودية وتميز الكيان طوال الوقت بمخالفتها وعدم احترامها، كما أكد سابقاً لـ «القدس العربي» الخبير الدكتور دريد محاسنة.

كاتس يخرج عن «كل اللياقات»

كاتس عملياً يخرج عن «كل اللياقات» المألوفة مع «الجار الأردني» فيخدش ويكذب ويفتري ويسيء، لكن الحكومة الأردنية ورغم تلويحه ببدء الحفر قريباً تحت بنية الجدار إياه، لم تعلق لا هي ولا الناطق باسم وزارة الخارجية، بانتظار الخطوة التالية في مخطط اليمين الإسرائيلي لـ «تغيير شكل وملامح منطقة الأغوار». السياسي طاهر المصري، قال أمام «القدس العربي» مؤخراً بأن «الضم ينفذ» ولم يعد مجرد فكرة، بل «إجراء».
والقطب البرلماني صالح عرموطي، يرى أن تدشين إقامة الجدار الإسرائيلي فعلاً ميدانياً في خاصرة الحدود والأغوار هو «إعلان حرب» على الأردن يستند إلى «تقويض بنود المعاهدة» ويستوجب الرد.
سياسيون وخبراء بالجملة بينهم الدكتور جواد العناني، يحذرون بكثافة من أن معطيات مشروع العدوان لضم الضفة الغربية تبدأ مع إقامة جدار يتحدث عنه الوزير كاتس ويسميه الأردنيون «جدار نتنياهو».

الفايز يذكّر: الأمن يصنعه السلام وليس «تجهيزات الحدود»

ما يفعله الإعلام اليميني الإسرائيلي منهجياً حتى بموجب رصد طاقم السفارة الأردنية المتبقي في رام الله وتل أبيب، هو الحرص على «المبالغة والتهويل» في الحديث عن محاولات تهريب السلاح أو التسلل عبر الحدود الأردنية في اتجاه فلسطين المحتلة، علماً بأن معدلات التهريب ومحاولات التسلل الفاشلة على الأرجح في معدلها السنوي الاعتيادي.
بعيداً عن اللعبة الإعلامية التي تغذي تسليط الأضواء على ما يصفه كاتس بـ«فوضى الحدود» مع الأردن، تمكنت المجسات الأردنية من التقاط أطقم هندسية تتبع الجيش الإسرائيلي بدأت وضع ملصقات ومعدات الحفر، فيما أحيل العطاء لتوفير نفقات الجدار العازل في خاصرة الأغوار الأردنية من جهة وزير المالية المتشدد سموتريتش فيما لا يفعل «أصدقاء عمان» القدامى في المؤسستين الأمنية والعسكرية شيئاً للحيلولة دون «اصطدام وشيك» للغاية بين مصالح الجانبين.
حتى الفريق قاصد محمود، المتخصص العسكري المتقاعد، عبر لـ «القدس العربي» عن قناعته بأن الجدار طبع بداية لمنهجية معادية للأردن، متوقعاً أن الصدام قادم وحتمي بين الأردن وإسرائيل المتطرفة. عودة كاتس لتصريحه أمس الأول بخصوص الجدار، تذكير للأردن رسمياً وشعبياً، بأن إسرائيل ماضية في خطتها المرتبطة بأكتاف الحدود مع الأردن، بمعنى «الاستغناء عن الدور الأردني» الأمني الإقليمي.

الجزء «المسكوت عنه»

وبالتالي، وفي الجزء «المسكوت عنه» استخدام «المساعدات الأمريكية» لاحقاً للضغط على الأردن «الذي لم يعد مهماً لأمن الأغوار بعد الجدار» وفقاً للنظرية الصهيونية على حد وصف العرموطي، حتى يقبل الأردن ما يرفضه الآن مستقبلاً، بمعنى تصدير «أزمة السكان والمهجرين» من أبناء الضفة الغربية إلى الأردن.
في الأثناء، لا يجفل الإسرائيلي وهو «يبالغ « في الحديث عن «إيران التي تريد فتح جبهة الشرق الأردني» ضمن مسلسل مبالغات مقصودة لنفس الأغراض السياسية الموصوفة بالخبث.
عملياً، عمان عسكرياً وأمنياً واجتماعياً «أقوى» من أي احتمالية لاستغلالها من جهة إيران التي أصبحت أضعف الآن مرحلياً، وطهران في الواقع ليس في وارد «الاختراق والتجربة» في الأردن بعد مشكلاتها في سوريا والعراق ولبنان.
ذلك لا يعني إلا أن الماكينة الإسرائيلية الدفاعية «بدأت تكذب» في جزئية النفوذ الإيراني بالعمق الأردني، وفي كل تفاصيل المشهد المتعلقة بـ «جدار نتنياهو وكاتس».
ومع غياب الرؤية الفنية التي تفترض بأن إقامة الجدار «خطوة دفاعية» حقاً مهمة وضرورية، تبرز مجدداً رغبات اليمين الإسرائيلي الكامنة في «إيذاء الأردن» لا بل تغيير «التركيبة» في عمقه، بحيث تبدأ العملية من «حدود الأغوار».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading