اراء و مقالات

سيناريوهات الضفة الغربية في وقت «الإبادة والطوفان»… متى يبدأ الأردن «الهجوم المضاد»؟

عمان- «القدس العربي»: حسنٌ.. مشروخة “الحقوق المنقوصة” و”جدل المكونات” لم تعد صالحة للاستعمال في عمق المجتمع الأردني هذه الأيام في عهد “الطوفان والإبادة” بعدما أعلنت إسرائيل حربها “على كل الشرق الأوسط”.
العزف على تلك الأسطوانة “غير منتج”، لأن “مشاريع وأطماع” اليمين الإسرائيلي وغطاءه الأمريكي الغربي -برأي خبير سياسي من وزن الدكتور محمد حلايقة، كما سمعته “القدس العربي” مؤخراً، مباشرة- تستهدف “الوطنين الأصيل والبديل” معاً.
ما يقترحه الحلايقة على “المتناظرين” في عمان حالياً هو التركيز على “العدو الواحد ومشروعه” ونبذ “السموم” والعمل معاً في سياق وطني باتجاه تصليب وصلابة الجبهة الداخلية.
قال الحلايقة: حاجتنا ملحة -نحن الأردنيين- اليوم، للكلمة التي تجمع ولا تفرق.
رغم ذلك، يمكن تسجيل ورصد ملاحظة في غاية الإثارة بعمق السجالات الأردنية المحلية، فرموز الأسطوانات المشروخة المشار إليها أنفسهم استرسلوا مؤخراً في “التشكيك والتخوين” وإظهار “حساسية مفرطة” تجاه أي وجهة نظر “تقترح” -مجرد اقتراح ناصح- نفض الغبار عن الملف المنسي باسم “الضفة الغربية” أردنياً، وإعادة قراءة الوقائع والصفحات.
المطلوب أردنياً ووطنياً بإلحاح هو “وضع استراتيجية أردنية” تحتاط للإجابة على “الأسئلة الحرجة” التي ستطرح حتماً، حتى برأي وزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر، عندما يكتشف العالم -بتحليل وقراءة الحلايقة- أن “إسرائيل لا تستطيع الاستمرار مطولاً في ما تفعله بالإقليم”.
تلك، بتقدير حلايقة، لحظة حرجة من غير المعقول أن “لا يستعد الأردن لها”، الأمر الذي يعيد الأمور إلى السياق الذي اقترحه مبكراً قبل التورط في “نقاش عميق” رئيس الديوان الملكي السابق الدكتور جواد العناني، عبر “القدس العربي” بعنوان “يا قوم، لا بد من مطبخ خبراء سياسي في عمان ورام الله” يلتقي ويقرر ما هو في “صالح الشعبين”.
الهوس عند بعض مثقفي عمان أو مدعي الثقافة فيها، ملموس في استبدال أسطوانات الحقوق المنقوصة بمشروخة جديدة هذه الأيام، فكرتها “الهجوم الحاد” وبكل لغات ولهجات التجريح على كل من يدعو “صانع القرار الأردني” للجاهزية والاستعداد لـ “تحديد موقف” مرسوم تجاه ملف الضفة الغربية.
هوجم العناني بقسوة مؤخراً بعدما اقترح بصفته باحثاً سياسياً تعتمد عليه الدولة الأردنية أكثر من غيره في مداخلات معاهد الغرب المتخصصة، “وصفة محددة” يمكن الاتفاق أو الاختلاف معها.
ويهاجم حالياً كل من يدعو للتأمل والتمحيص، وحصراً في ملف الضفتين، وسط رواج مخاوف طارئة “استعملت مرات” للحد من “حراكات الشارع” المؤيدة للمقاومة في مفارقة لا يمكن رصدها إلا في عمان، مع أن مروجي الكراهية والعازفين والذين يهاجمون فكرة “الضفتين” فجأة لا يوجد بينهم مفكر سياسي أو مثقف يعتد به حتى من طبقة رجال الدولة “الصامتين”.
رغم الاختلاف الأيديولوجي والسياسي الكبير بين المفكر الإسلامي الدكتور إرحيل الغرايبة والدكتور مروان المعشر، فإنهما -بمسافة زمنية- اتفقا ضمناً مؤخراً على أن “عودة دونالد ترامب” للحكم في واشنطن تعني صفقة القرن، ومعناها باختصار “حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن والأردنيين”.
قال المعشر ذلك علناً في ندوتين، وألمح له مباشرة في مقال الغرايبة مع إضافة نوعية على سلسلة المخاطر يقترحها الثاني، وهي “وجود أصدقاء عرب – بعضهم عندنا- يدعمون السيناريو”.
رغم ذلك، تبرز تلك النغمة التي تلجأ لتكرار كلاسيكيات ضد أصحاب الرأي الذين يصرون على وصفة تقترح فتح ملف الضفة الغربية أردنياً بصيغة “تدرس وتمحص وتناقش الخيارات بصراحة” حتى لا يحصل “المحظور”، وهو وقوف عمان الحكومية على رف الاحتياط لـ “استقبال وصفة جاهزة يقررها الآخرون”.
ذلك حصراً ما سمعته “القدس العربي” من العناني وهو يدعو إلى “مطبخ ومقاربة وطنية أردنية بحتة” تستعد لما هو قادم؛ لأن تطورات الأحداث الحالية المتدحرجة بفلسطين المحتلة والإقليم حتماً ستنتهي بـ “بحث جدي دولياً بإعلان دولة الخيار الفلسطيني” وستنتهي أيضاً حكماً بنقاشات وسيناريوهات يبحثها الجميع بشأن “مستقبل العلاقة الأردنية- الفلسطينية”.
ضمناً، محتوى العناني: “علينا البدء بالتفكير والاستعداد حتى لا يفكر نيابة عنا الآخرون الأقوياء”.
لا يختلف ناشطون كثر في الاشتباك السياسي اليوم مع “مضمون ومحتوى العناني”، لكن عدداً أقل لديهم الجرأة للتصريح علناً. رغم ذلك، أقيمت “حفلة تشكيك وتجريح وأحياناً تخوين” ضد كل من يقدر بأن المملكة ينبغي أن تبدأ بتأسيس مقاربتها واستراتيجيتها بشأن “ملف العلاقة مع الضفة الغربية”، مع إدراك الخبراء بأن “تعطيل الملف” في الماضي كان يهدف لاستخدامه في “تأجيل الإصلاح السياسي”، ولاحقاً أحياناً في تبرير “التعسف أو الاستبداد”.
ليس مطلوباً إطلاقاً العودة المباشرة لفكرة “عودة الأردن للضفة الغربية” التي ناقشها عضو البرلمان السابق عمر عياصرة عندما قال “لن نعود”.
وليس مطلوباً بالتأكيد الاستعداد لتقديم “خدمات مجانية” تدفع إسرائيل للاسترخاء، بقدر ما هو مطلوب وبإلحاح إشراك الخبراء العميقين في نقاشات صريحة تقلب أوراق السيناريوهات، والتأسيس لـ “هجوم مضاد” على أي تصورات “مشبوهة”، تحت لافتة “الأردن هو الأردن.. وفلسطين هي فلسطين”، حيث مقتضيات معركة طوفان الأقصى تتيح اليوم فرصة نادرة للمؤسسات الأردنية “الجادة” إذا كان هدفها “الثوابت المعلنة” وعزل “الهوية الوطنية الأردنية” عن السياقات المشبوهة.
تخويف الخبراء من النقاشات الصريحة مع الدولة ودوائر صناع القرار هو ما ينتهي بخدمات مجانية للإسرائيليين.. كذلك عدم تأسيس مطبخ والاحتفاظ بالسرديات والإصرار على استعمال نفس التقنيات القديمة الصالحة لمباراة الفيصلي والوحدات في مواجهة خيارات الشارع الأردني في دعم المقاومة.
ما يؤدي عملياً لتصليب “الجبهة الداخلية” هو إطلاق حريات الرأي والتعبير وتشبيك الإيادي ولو قليلاً مع “المقاومة”، وتنويع الخيارات إقليمياً، والتأسيس لمسافة مع الانخراط بالمشروع الأمريكي، وفهم الوظيفة الحقيقية للقواعد العسكرية الأمريكية، وليس “إضفاء الشرعية” على الآراء “البغيضة” التي تروج لفهم “اعتصامات منطقة الرابية” قرب مقر سفارة الكيان باعتبارها “مساساً بالهوية الوطنية الأردنية” مع أن الجميع يوقن بأنها ليست كذلك، بل بالاتجاه المعاكس تماماً.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading