اراء و مقالات

الأردن في المفارقة: «عدو الدولة» في عهد «تحديث المنظومة»… ما الحل؟

عمان – «القدس العربي»: لا أحد حتى اللحظة لا في المستوى الرسمي ولا في المستوى الحزبي السياسي، يقدم رواية صلبة ومتماسكة أو سردية مقنعة لأسباب حملة الضغط الرسمية وأحياناً الأمنية على حزب “الشراكة والإنقاذ “حصراً الذي يتحول بحكم الضغط الرسمي عليه والحكومي أيضاً إلى “أيقونة حزبية مفترضة” في الاتجاه المعاكس لمبادئ “الحريات العامة”.
يصبح الحزب المشار إليه في مسافة قريبة جداً من منطق “عدو الدولة” لكن بصمت ودون تفسير محدد حتى الآن.
حزب الشراكة والإنقاذ تعبير عن التلاقي ما بين برنامج عمل مجموعة من القيادات التي كانت سابقاً في مواقع متقدمة من جماعة الإخوان المسلمين قبل مغادرتها حزبياً وليس أيديولوجياً، ومجموعة أخرى من الشخصيات الوطنية التي تصنف بأنها صلبة وتطرح قضايا مرتبطة إلى حد بعيد بأجندة متشددة في الإصلاح السياسي وتتحدث دوماً عن المراجعة والمحاسبة وعن الماضي وعن ملفات الفساد.
الحزب وهو مرخص بالمناسبة لكن “لم يصوب” أوضاعه بعد، يبرز في أكثر من مستوى في عمق نقاشات مشروع تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
مؤسس الحزب أو الأب الروحي لتجربته الشيخ سالم الفلاحات، يحسب ضده رسمياً بأنه انشغل طوال السنوات الماضية بتأسيس حالة حزبية تنظر لها السلطات بأنها متشددة إلى حد ما، لأنها “مهتمة أكثر مما ينبغي” بـ “التشبيك مع الحراك الشعبي”.
وعليه، ثمة من يقترح رسمياً دوماً “إعادة ضبط إعدادات” تلك الحالة علماً بأن الشيخ الفلاحات، وهو عملياً المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين، لديه خبرات واسعة ويحظى باحترام شديد وسط الشارع.
وبقي يحسب ضده أنه انشغل كثيراً على مدار السنوات الخمس الماضية بما يسمى توحيد الحراكات الشعبية، وظهر الفلاحات مع قيادات أخرى شابة وحيوية من حزبه الجديد عملياً في الشارع بالصف الأول في الكثير من الحراكات الشعبية المؤثرة والعميقة، بما فيها حراكات مرتبطة بنقابة المعلمين الشهيرة. ولا يتعلق الأمر فقط بالشيخ الفلاحات حصراً.

تحرك في عدة اتجاهات

قيادات الصف الأول والصف الثاني للحزب الشهير الآن تتحرك في عدة اتجاهات، والبيانات والمنصات تتحدث عن ملاحقات واعتقالات أحياناً تقول السلطات إنها لأسباب “أمنية وقانونية وليست حزبية”.
أكثر من قضية تتابع الآن مع السلطات القضائية باعتبارها مسألة حريات، والإجراءات المتعسفة الضاغطة على هذا الحزب تحديداً تسجل عموماً وسط النشطاء السياسيين ونشطاء ملفات حقوق الإنسان والحريات العامة باعتبارها واحدة من أكثر المخالفات التي تعاكس مضمون مسار واتجاه تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
والنظرة الرسمية للحزب الشراكة والإنقاذ نظرة سلبية إلى حد ما، لا بل يتحدث رموز الحزب ومنهم الشيخ الفلاحات، عن مضايقات وملاحقات أمنية بين الحين والآخر، وعن مضايقات إدارية قد تكون مرتبطة بسعي بعض الجهات لمنع شرعنة وجود هذا الحزب، بمعنى تمكينه من تصويب أوضاعه القانونية وفقاً لمقتضيات ومتطلبات قانون الأحزاب الجديد.
الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات لا تملك إلا “شرعنة” حزب الشراكة والإنقاذ إذا ما تقدم بلائحة قانونية تشمل الاستجابة لشروط التصويب، ورئيسها المهندس موسى معايطة أشار بوضوح في نقاش مع “القدس العربي” إلى أن “مسطرة القانون” واحدة وموحدة في الاعتبارات.
المعنى أن المعيار هو الالتزام بالقانون وليس الانطباع أو الموقف الرسمي من أي حزب، والمستقلة لإدارة الانتخابات ستكون مضطرة لقبول الأوراق التي سيقدمها هذا الحزب على الأرجح قريباً تحت عنوان تصويب الأوضاع إذا ما كانت قانونية وأصولية، لأنه يملك رخصة كحزب قديم عملياً، والمطلوب منه تصويب أوضاعه والحصول على رخصة جديدة ضمن الاشتراط القانوني في خطوة لم ينظمها بعد الحزب نفسه. مجدداً، وفي أعلى الهرم، إن معيار الهيئة الالتزام بالشروط والقيود والمتطلبات القانونية بما في ذلك التقدم بعضويات سجل الأحزاب والالتزام بعقد مؤتمرات عامة وتحديد القيادات، إضافة إلى الخطاب والبرنامج السياسي والوثائق القانونية للأعضاء الذين يتم تسجيلهم.

بعض المفاجآت القانونية

وتشير أوساط مقربة من الحزب المشار إليه إلى أن المجموعة التي تتولى تصويب الأوضاع قانونياً الآن تحتفظ ببعض المفاجآت القانونية، لا بل هي على الأرجح مجموعة جاهزة تماماً للتقدم بمذكرات تصويب الأوضاع القانونية.
ولدى الحزب -حسب بعض المعطيات- أكثر من 800 مواطن أردني قرروا الانضمام إليه، والانطباع هنا أن الحملات الضاغطة رسمياً على حزب الشراكة والإنقاذ تخدمه وتروج له بصفة مجانية عملياً وباعتباره الحزب الوطني الإسلامي الذي يتقدم بسقف مرتفع تماماً في خطابه العام.
التوقعات والاحترازات لم تعرف بعد المعادلة التي سيتم اتباعها في التعاطي القانوني مع طلب تصويب أوضاع حزب الشراكة والإنقاذ المصنف الآن باعتباره حزباً بأجندة متشددة وتنطوي على خطورة خصوصاً أن رموزه مهتمون بالتشبيك مع الحراكات الشعبية خلافاً لما يفعله الإسلاميون الكلاسيكيون.
يحصل ذلك فيما التعبيرات ذات الميول الإسلامية في خارطة الأحزاب الجديدة بصفة عامة لا تزال متعثرة.
أبرز وأكبر وأهم أحزاب المعارضة الإسلامية، وهو حزب جبهة العمل الإسلامي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين والحركة الإسلامية، قد يكون أكثر الأحزاب جاهزية من النواحي القانونية لتقديم ملفاته وقيوده وتصويب أوضاعه.
ويشهد بذلك نخبة من كبار موظفي الهيئة المستقلة، فقد أعد حزب الجبهة أوراقه مبكراً رغم كل الاعتراضات والبيانات التي يصدرها تحت عنوان ملاحظات على التعسف الأمني والمضايقات وعلى مسيرة تحديث المنظومة السياسية نفسها.
في المقابل، محاولة الدمج بين مشروعين حزبيين بنكهة الإسلاميين تخص منشقين سابقاً عن الإخوان المسلمين لا تزال متعثرة على الرغم من اندفاع بعض الأحزاب الجديدة لعقد مؤتمراتها والإعلان عن هيئاتها القيادية.
وهنا حصراً برز تعبيران حزبيان، مثل حزب زمزم وحزب الوسط الإسلامي، يعانيان من تصدع داخلي وخلافات بين أقطاب المجموعتين. وهو أمر يعرقل الخطوة القانونية المنتظرة في تثبيت واعتماد الدمج بين الحزبين باسم حزب واحد هو “الائتلاف الوطني”، وهي خطوة كانت تنتظرها السلطات عملياً، حيث يعتبر حزب الائتلاف المدمج تعبيراً عن الإسلاميين المعتدلين الذين ترحب السلطات عموماً بانضمامهم إلى التجربة والحياة الحزبية تحت عنوان تقليص حضور وكسر احتكار وسيطرة حزب الإخوان المسلمين، مع أن الكلفة لكل تلك الفوضى في التعبيرات الإسلامية تتقمصها عملية طرح السؤال الجوهري: متى يتحرك الإنقاذ؟.. ولماذا تتأخر “الشراكة”؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى