اراء و مقالات

الأردن: 2500 تعرضوا للتوقيف أو الاعتقال أو الاستدعاء أثناء تفاعلات الشارع منذ7 أكتوبر

عمان ـ «القدس العربي»: «نحو 2500 مواطن أردني تعرضوا لإجراءات أمنية بيروقراطية متنوعة منذ تاريخ 7 أكتوبر». ما الذي يعنيه بصورة محددة الوصول في «الإجرائي» إلى هذا الرقم «غير المسبوق» على حد وصف الحقوقي البارز عاصم العمري، وهو يشرح لـ«القدس العربي» تخوفات «الجسم الحرياتي» في الأردن؟
الحديث هنا عن شرائح محددة من الناشطين السياسيين وليس بالضرورة أن أغلبهم من اللون الإسلامي، وتلك شرائح تضم فئات من الشبان الأردنيين من الجنسين تعرضت إما للتوقيف أو الاعتقال أو الاستدعاء أو التحقيق أثناء تفاعلات الشارع مع 7 أكتوبر وما تبعها.
الرقم «غير مسبوق» منذ تاريخ المملكة وفي تراثيات الاشتباك مع الناشطين بمختلف المراحل الصعبة -يصر العمري- وهو يعتبر أن دوائر القرار العليا عليها أن تتوقف بعمق لدراسة وتقييم هذا العدد الضخم من المواطنين الذين لاحقتهم أذرع القوانين وبفترة قصيرة جداً، وعلى الأرجج بدون مسوغات صامدة أو صلبة.

ليس كما قبل 6 أكتوبر

وطنياً، يرى العمري وآخرون من متابعي تطور ملف الحريات العامة، أن العودة إلى التصرف العمومي إلى مرحلة يوم 6 تشربن الأول/أكتوبر؛ أي قبل الحدث التاريخي العظيم بيوم، لا يفيد أحداً.
وفي التقويم الرسمي العميق على الدولة أن تعلم جيداً أن «كل الاعتبارات تبدلت وتغيرت؛ لأن العالم برمته اليوم لم يعد كما كان قبل يوم 7 أكتوبر.
سمعت «القدس العربي» عبارة مماثلة من المخضرم المعتدل قليل الظهور حالياً، طاهر المصري، عندما يتعلق الأمر بأن تأخذ الحكومة في الاعتبار أن «الكثير من الاعتبارات اختلفت» الآن بسبب مرحلة معركة طوفان الأقصى.
حجم التداعيات الإقليمية في معركة غزة كبير جداً ومتلاطم، والمأخذ المركزي على سياسة الحكومة الأردنية في ملف الحريات تحديداً هو ذلك الذي يفترض بأن «التعسف» في الإجراءات وعودة ظواهر تشدد الحكام الإداريين والتعليقات التي يسمعها أنصار الحراك الشعبي المؤيد لغزة هي عناصر تنتمي للماضي، ومن البائس جداً أن تتوقع السلطات «تحقيق نتائج مؤثرة» عبر إظهار الخشونة في القبضة الأمنية.

مخالفة صريحة

طوال الوقت، يصدر عن حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض تذكير بأن «توقيفات واعتقالات النشطاء» مخالفة صريحة ليس فقط لأحكام ضمانات الدستور في التعبير عن حرية الرأي، بل لمسار وبوصلة تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
قالها الأمين العام الشيخ مراد عضايلة علناً عدة مرات، وقالها أيضاً العمري وهو يعبر عن خشيته من أن تؤذي الدولة نفسها وسمعتها بالخارج والداخل بدون مبرر، لأن «التوسع في التوقيفات والاعتقالات» لا مبرر له على الأرض فعلاً، بل وينتج بؤر احتقان يمكن الاستغناء عنها ويؤسس لحالة اضطراب واضحة الملمس على صعيد آ ليات الإجراء والقرار.
ما يقوله حقوقيون ونشطاء هو أن «احتواء» الحراك الشعبي الأردني المعادي لإسرائيل والمناصر لغزة الآن لا يتطلب كل تلك الحملات الأمنية النشطة والتضييق على الرأي الآخر، وما اقترحه الناشط الإسلامي خالد الجهني، أحد المختصين بالمتابعة التفصيلية، أمام «القدس العربي» أن حراكات الشعب الأردني هو ضد اليمين الإسرائيلي والجريمة وليس ضد الحكومة الأردنية بأي حال من الأحوال، ولا علاقة لها بالملفات الداخلية.
ما يقترحه الجهني ويوافق عليه عن بعد العمري وآخرون، أن على الحكومة أن تفهم بصورة محددة أين تضع قدمها في مسألة «التضييق على الحالة العامة» بذريعة «الضبط والسيطرة» مرحلياً، وبهدف العبور من مرحلة طوفان الأقصى بأقل قدر من الخسائر، لأن الاعتماد على المنع والتعسف والخشونة الأمنية والمساس بحقوق المواطنين هي عناصر تقود إلى نتائج غير متوقعة خلافاً لأنها لا تخدم منهجية التحكم والسيطرة.
الحديث عن 2500 مواطن أردني ملاحق بموجب سلسلة تطبيقات قانونية، لا يتسق مع ما أعلنه الناطق باسم الحكومة مهند مبيضين، عن عدم ملاحقة أي مواطن بسبب مناصرته لغزة.

ظاهرة غامضة

ذلك رقم يعني الكثير من التراجع وفي توقيت يفترض فيه أن أفضل وصفة للتعامل مع الاحتقان الذي تنتجه جرائم إسرائيل يومياً في وجدان الأردنيين هي تمكين حريات الرأي والتعبير والاتجاه المعاكس للاتجاهات البيروقراطية الحالية، حيث القرار الأمني يقود السياسي عندما يتعلق الأمر بالشارع ولا يحصل العكس، فيما تلحق الحكومة لاهثة بالطرفين البيروقراطي والشعبي، فتصدر عنها إما تصريحات غير مفهومة أو إجراءات غير مؤثرة.
مؤخراً وفي أكثر من جلسة، ناقش النشطاء المختصون ظاهرة غامضة بدأت تطل برأسها بيروقراطياً، فكرتها أن الحكام الإداريين يتوسعون في عقوبات التوقيف بصورة صارخة، لا بل يمتنعون ـ كما شرح الجهني وغيره ـ عن الالتزام بتنفيذ قرارات الإفراج التي تصدر بحق بعض الشباب عن الضابطة القضائية.
ذلك لم يكن يحصل في الماضي وفقاً للعمري؛ لأن الحاكم الإداري كان بالعادة كما ألفته ذاكرة الأردنيين هو «الحلقة الوسيطة» التي تهدئ الخواطر عموماً، وتدخل لمنع انزلاق أي أزمة بين طرفي المواطنين وعناصر الواجب الأمني.
يشعر حقوقيون بأن آلية عمليات الحكام الإداريين تغيرت مؤخراً في مؤشر «متشنج» يحتاج إلى «مداخلة جراحية سياسية» تعيد الأمور للصيغ التي اعتاد عليها الجميع في الماضي، لأن اجتماعاً لمختصين بحث مؤخراً أيضاً ما سمي بالقسوة والغلاظة التي تواجه موقوفين في بعض المراكز الأمنية خلافاً لكثرة التدخلات والضغوط والاستدعاءات الأمنية.
الخلاصة أن عناصر أساسية في مجتمع الحريات الأردني بدأت تضج بصوتها وشكواها، وترى أن «المبالغات البيروقراطية» قد تلحق ضرراً غير مبرر، خصوصاً أن أرقام «المطلوبين والموقوفين والمراجعين» تزيد كما لم يحصل من قبل بعد 7 أكتوبر، والأكثر خطورة بلا مبرر مفهوم.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading