اراء و مقالاتمقالات وآراء

انتخابات الأردن الموعودة: خفوت صوت «تيارات» تنتحل «الولاء» وهواجس مرتبطة بالمعلمين والإسلاميين

قائمة «خصم الدولة» تتوسع وجدل بعنوان «طراونة الرقم الصعب في طريقه لنموذج المجالي»

 

خفوت صوت من يتحدثون عن تيارات انتخابية وبرلمانية شعبية مرصود وواضح في المستوى السياسي الأردني الداخلي خلال الأسبوعين الماضيين، وسط أجندة متعاكسة في الاتجاهات تحاول قراءة ما بين أسطر خيارات الانتخابات المقبلة.
تبدو السيناريوهات مزدحمة ومتعددة. لكن الصوت الذي ارتفع منذ شهرين بعنوان تشكيل تيارات في الشارع الانتخابي لصالح أشخاص هنا وهناك من تركيبة البرلمان الحالي يبدو مخنوقاً أكثر بدون صدور أضواء خضراء من أي نوع تدعم أو تحجب بالرغم من كل ما يقال في الصالونات وأوساط النواب والنخب عن مخاطر «الاستقواء» على الدولة أو عن ضرورة الاستعداد للانتخابات المقبلة، مع تقليم أظافر جماعة الإخوان المسلمين في الوقت نفسه.
هنا بدأت الاتجاهات تتقاطع والحماسة أقل نشاطاً لإعادة قراءة تجربة التيارات المؤهلة شعبوياً في المرحلة المقبلة الحرجة وقبل تحديد السقف الزمني للانتخابات. سلطات القرار المركزية تعيد قراءة الخارطة والوقائع بعدما تبين، وهذا ما سمعته «القدس العربي» في مواقع مهمة في القرار، بأن نخبة عريضة من النواب، الذين يهتمون بتشكيل تيارات مبكرة تخاطب غرائز الناخبين، تجاوزتهم المرحلة وهم في طريقهم إلى التحول إلى حجة ضد الدولة أو عبء على المؤسسات. وبكل حال، تبدو الخيارات غامضة قبل أسابيع من شهر شباط، حيث يقترب حسم ملف الانتخابات نفسه.
لكن في الشارع توقفت اجتماعات التكتل والاصطفاف التي كان مقربون من رئيس مجلس النواب القوي جداً والمتحكم بالمشهد البرلماني عاطف طراونة يتحدثون عنها باعتبارها وجبة التحضير الأساسية لالتهام أكبر عدد ممكن من المقاعد في برلمان عام 2020 أو 2021.
لا يبدو الطراونة مهتماً بالاشتباك مع التفاصيل ولا بالرد على التعليقات التي تبالغ في التحذير من نشاطه التياراتي المحتمل. لكن الطراونة، وهو رقم صعب في معادلة البرلمان اليوم والانتخابات، بقي في بعض مراكز النفوذ وأوساط القرار، على الأقل، خصماً محتملاً للاتجاه الرسمي، مع أنه يكثر من الالتزام بالثوابت في استحضار لتجربة سلفه عبد الهادي المجالي.

تحاول اليوم بعض الحلقات تحميل الطراونة مسؤولية جملة الانفعال المبالغ فيها ضد اتفاقية الغاز مع إسرائيل، والإكثار من التقولات بأن إعلانه الانسحاب مبكراً من الانتخابات المقبلة ينبغي أن لا يضلل أي جهة مع استمرار طموحه في تشكيل تيار عريض يقدم مرشحين للانتخابات ويدعم فوزهم من خارج قبة البرلمان، في سياق التأهل لما يسمى بمرحلة التحول نحو حكومة أغلبية برلمانية.
توقف الحديث عن هذا التيار، ويبدو أن الاجتماعات تقلصت. وفي المقابل، لا يبدو أن الأضواء الخضراء أسست لثوابت واضحة ومحددة في مسألة تشكيل تيار له علاقة بالنائبين أحمد الصفدي ومازن القاضي، وكلاهما من رموز تيار الولاء والشارع أيضاً، الأمر الذي ينتج تشويشاً كان يمكن الاستغناء عنه في كل الأحوال. ويبدو أن الثنائي البرلماني المشار إليه بصدد المراجعة مع خفوت ملموس في التكثيف من أجل خطوات تأسيس التيار.
في المقابل، تقيس حوارات صاخبة بين النخب خلف الستارة احتمالات وفرضيات تبكير أو تأخير الانتخابات على أساس الفوبيا من اختراقات عميقة لنقابة المعلمين وجماعة الأخوان المسلمين حصرياً في ظرف حساس إذا ما تقرر أن نظافة الانتخابات المقبلة مصلحة وضرورة وطنية ملحة.
هنا تكمن أزمة التيارات التي يملأ ضجيج الحديث عنها الواقع الموضوعي، فمن يضعون الماكياج لإقناع السلطة ومركز القرار بإمكاناتهم باستقطابات الشارع والناخبين أن يؤسسوا مجدهم على فكرة مناطحة الحركة الإسلامية ويعزفوا على وتر بديل حقيقي وواسع في الاتجاه المناقض للإسلاميين باسم الولاء دون حتى أي عملية تنقية وتحديد لمفهوم الولاء، أو دون التفريق بين ولاء مسموم دفعت الدولة طوال عقدين ثمناً كبيراً له أو ولاء منتج ومستقل وقادر على تحملات تبعات المرحلة.
يريد كثيرون اليوم في الساحة الاستثمار في مخاوف الدولة والقرار من مرحلة ما بعد نقابة المعلمين ومن تيار الأخوان المسلمين الشعبوي.
يصدر هذا الخطاب بأسلوب انتهازي يدعم خياراً من نوع تأجيل الانتخابات، مع أن الخيار العميق والمؤثر أكثر هو العمل باتجاه عملية اقتراع حرة ونظيفة تفرز قوى منطقية تساعد الدولة في تحمل المسؤولية بدلاً من التحرك في ملف الانتخابات والإصلاح السياسي تحت يافطة فوبيا الإسلاميين، بعدما انضمت إليها خلطة من فوبيا المعلمين وموظفي القطاع العام.
الخيارات في المحصلة قد تبدو صعبة وهي كذلك؛ لأن القرار سيجد نفسه في سياق مقاربة حرجة تختار البوصلة بموجبها إما برلماناً قوياً وحراً ومسيساً فيه حضور مقنع للمعارضين والمناكفين، أو تيارات تستقوي على الدولة فعلاً وهي تنتحل صفة الولاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى