Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

الأردن في «سنة ثانية برلمان»: وزراء ونواب يبحثون عن «البقاء» و«امتحان الميزانية» الأصعب وشيك

عمان – «القدس العربي»: حقاً ودوماً، حقوق القيادة الجديدة لمجلس النواب الأردني محفوظة في كل حال، خصوصاً عندما يعلق الأمر بإجراءات إدارية وتنظيمية لها علاقة أولاً، بتطوير آلية استقبال المواطنين والتعامل مع احتياجاتهم، وثانياً باجتماعات الكتل واللجان وتنظيم آليات الالتزام الصارم بالنظام الداخلي للمجلس وما ينص عليه أو يقرره، خلافاً للتشاور بشأن اللجان مع رؤساء الكتل.
وفي المقابل، العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية هي أساس المتغير الإيجابي الذي يجب الحرص عليه من الجانبين، ليس لأن المرحلة -إقليمياً وداخلياً- حساسة وفيها كمائن سياسية واقتصادية، ولكن لأن الظروف والمناخات تحتاج إلى إعادة هيبة المؤسسات في سياق معادلة مواجهة التحديات. وهو ما يمكن فهمه من التصريحات والخطابات التي رصدت حتى الآن بتوقيع رئيس مجلس النواب الجديد مازن القاضي، ونائبه القطب البرلماني خميس عطية، ونخبة من قادة الكتل، الذين تفاعلوا مع مقتضيات ومضامين جوهرية وردت في خطاب العرش الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان وفي إطار التكليف الدستوري الواضح.
في المقابل، تحقيق الأهداف المعلنة قد يتطلب ليس فقط فتح صفحة جديدة من عمر مجلس النواب في سنته الثانية، ولكن أيضاً الانتقال السريع إلى ما هو جوهري في العمل والإنتاجية بعيداً عن المناكفات والإقصاء، وقريباً جداً من الإنجاز والتركيز على العمل، حيث تحقيق الأهداف هنا يتطلب إنضاج تجربة كتل البرلمانية والالتزام أكثر بتثبيت أركان العلاقة -وفقاً لتعبير النائب عبد الناصر الخصاونة- بين الكتل والأداء تحت القبة، وبين الأحزاب السياسية.
الخصاونة وهو يستعرض المحطة مع «القدس العربي»، يرى أن الانسجام مع روح التكليفات الملكية في خطاب العرش يعني العودة إلى تعزيز مسار التحديث السياسي مع الالتزام بأردنية الولاء والتحرك ووطنية الوسائل والأهداف، ما يشكل تحدياً لتطوير التجربة والحراك الديمقراطي النشط على أساس برامجي.
تلك أهداف ليس من السهل إنجازها في مجلس نواب يدخل سنته الثانية من تراكم الخبرة، فيه أكثر من 90 نائباً دخلوا السلطة التشريعية لأول مرة، وأصبح لديهم تراكم خبرة وطموح وانحيازات الآن على المستوى الفردي، فيما لم تنضج التكتلات الحزبية بعد رغم وجود أكثر من 100 نائب ينتمون لأحزاب سياسية، وبعضهم بلا شكوك يستخدم الأحزاب السياسية كجسر ائتلافي للوصول بالتوازي مع الانتقاص من السعي للعمل البرامجي.
وهو الأمر الذي نبه له عدة مرات نائب رئيس المجلس الأول خميس عطية، عبر «القدس العربي» عندما حاول تذكير جميع النواب بأن المقاعد التمثيلية عن القوائم الوطنية العامة على الأقل تملكها الأحزاب في الواقع، وأن الاحتفاظ بها يتطلب الحرص على مرجعية العمل البرامجي الحزبي.
وذلك جوهر تعزيز التعددية الحزبية وتعزيز حصة الأحزاب في العمل التشريعي والرقابي، برأي عطية، حتى وفقاً لمؤشرات التوجيه المرجعي.
لم تعرف بعد خطة العمل التي يرغب القاضي ورفاقه في المكتب الدائم بحسم ملفاتها في سنة البرلمان الثانية. وتنظيم العمل على مستوى اللجان والكتل يعتقد سياسياً بأنه أساسي تماماً في تقييم تجربة البرلمان برمتها.
الاطلاع مبكراً الآن لدى أوساط سياسية وبرلمانية خارج القبة هو أن مجلس النواب سيد نفسه تماماً كما يقول الخصاونة، لكنه في الأداء والإنجاز ومنسوب الضجيج يحدد مصير مستقبل السلطة التشريعية.
ثمة من يجتهد في القول هنا بأن السنة الثانية للبرلمان الحالي قد تكون الأخيرة.
وثمة من يرى أنه لا مبرر إطلاقاً لمثل هذا الاجتهاد.
الانطباع يشير إلى أن مستويات متدنية من الضجيج والمناكفات، ومرتفعة من الأداء والإنجاز، تبدو هي المحطة التي ستعبر بمجلس النواب الحالي إلى مرحلة السنة الثالثة أو الرابعة، خصوصاً في ظل حكومة لا تبدو متحمسة لفكرة وسيناريو انعقاد دورات استثنائية صيفية كما حصل قبل الربع الأخير من العام الحالي.
إذا كان الانطباع حول تجنب خيارات حل البرلمان العام المقبل دقيقاً -وهو ليس كذلك في كل حال- حينئذ يمكن القول بأن مجلس النواب الحالي في سنته الثانية يحدد مصيره عملياً.
ولأن الوضع حساس في هذا المعنى في ظل أزمة اقتصادية لا ينكرها أحد وفي ظل مناخ إقليمي متوتر جداً وخارجة عن السيطرة، كان لا بد من الحرص على تشديد أواصر العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؛ بمعنى تجنب الاحتكاك والصدام درءاً لخيارات رحيل أي منهما أو حتى كليهما.
لذلك، حرص رئيس الوزراء الحالي الدكتور جعفر حسان، على تهنئة القاضي علناً أمام الكاميرات بفوزه بانتخابات رئاسة مجلس النواب وبالتزكية.
لاحقاً، زار حسان مكتب القاضي لإظهار رغبة الحكومة في احترام التعاون بين السلطتين والبحث عن درب سلامة لا يؤدي إلى الاحتكاك والصدام، خصوصاً أن الحكومة على أعتاب مناقشة أهم مشاريعها وتشريعاتها مرحلياً، وهو قانون الميزانية المالية الجديد للعام المقبل، حيث تتاح الفرصة للنواب لاستعراض قدراتهم والحرص على تحصيل خدمات من الحكومة لقواعدهم الانتخابية.
امتحان الميزانية المالية يطرق الأبواب، واستمرار الثقة بالحكومة رهن بعبور ميزانيتها بالحد الأدنى من الضجيج، فيما استمرار البرلمان مرتهن بعبور الميزانية وتجنب الصدام.
تلك حالة تعني أن مجلسي النواب والوزراء يحتاج كل منهما للآخر ولو من أجل البقاء. وهي مهمة ستكون معقدة وصعبة، وتقع على أكتاف البرلماني المخضرم والوزير الحالي المسؤول عن الشؤون البرلمانية في الحكومة عبد المنعم العودات.
واحدة من الإشكالات التي ستواجه تركيبة قيادة مجلس النواب الجديدة هي تلك التي تؤشر بأن الحكومة الحالية لا تظهر الحماسة ولا الحرص على الخضوع لمطلب النواب الخدماتية، فيما نواب السنة الأولى اشتد عودهم في الثانية قليلاً.
وانتخابات لجان التشريع والرقابة الوشيكة في غضون أسبوعين ستنتهي بوجود من حصلوا على مواقع ومناصب ومن فاتهم القطار لأسباب متعددة، ويمثلون شريحة قد ترغب بعرض الغضب والمناكفة.
الموقف معقد، لكن نوايا الحكومة الظاهرة إيجابية، وتبقى يدها بحكم اعتبارات الأولويات المعلنة مقيدة في الخضوع لتقديم خدمات يطلبها النواب لمناطقهم.
ما هو غير معروف بعد هي تلك الاجابة عن السؤال التالي: لماذا تتصور بعض الأقلام المحسوبة على الحكومة والقريبة منها أن تشويه القيادة السابقة لمجلس النواب هو جسر الوصول إلى علاقة مستقرة أكثر بين السلطتين؟

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading