الأردن: مكافحة الطلاق فقط بمنع الزواج: «بصل… فجل… حبوا بعضكن» … وأسطوانة «تفكيك الدولة»
«بصل… فجل… طبيعة»… نفتقد هذه العبارة الساحرة، التي طالما رددناها من باب الاشتباك الايجابي والتفاعل، كلما أطلت الدكتورة مريم نور على شاشات الفضائيات اللبنانية، لكن تثبت لنا أن «حشائش البحر» ليست فقط الغذاء المفيد، بل هي «صيدلية» أيضا.
«حبوا بعضكن»… كانت الوصفة الأهم على شاشة «أل بي سي» أيام زمان.
طوال الوقت نحاول «أردنة» هذه الأقاويل اجتماعيا، وبعد رصد تغطية التلفزيون الأردني الرسمي لجولات «التعريف مع الأطراف والقرى»، التي يقوم بها «طاقم الاتصال» اكتشفنا أن الحكومة على درب «تلك الوصفات»، وعلينا حقا كأردنيين أن «نحب بعضنا أكثر».
أحدهم همس ناصحا من أجل تفعيل مبدأ «التواصل الإيجابي» معه: عليك أن تحب بعضك أولا.
الأهم قبل تحصيل وجبة ميسرة من «أعشاب المحيط» علينا توفير «بحر ما».
تريدنا وزارة الاتصال في جهد مشكور- لا يمكن الاعتراض عليه على كل حال- أن نتصل بالأطراف والمناطق البعيدة لمعرفة إنجازها.
حسنا، نحيي الوزير مهند مبيضين على هذا الشغف وتلك الطاقة، لكن أهالي المناطق البعيدة وتلك القريبة معا يريدون من الحكومة «جهدا ما» في شرح «أهمية ومكاسب» نظام الموارد البشرية الجديد، بدلا من ترك المكروفون حصرا في أفواه من نهشوا ذلك النظام، واتهموه بلا رمشة عين بـ«وصفة غير أردنية»!
أين أعضاء اللجنة من أصحاب ألقاب المعالي والعطوفة، الذين اقترحوا لنا تلك النصوص الإدارية؟
لماذا لا يظهر هؤلاء على شاشة «المملكة» الفضائية للدفاع عن ما اقترحوه وتحول إلى «قدر تشريعي»؟
طبعا نرحب بمعرفة انجازات «المناطق البعيدة».
تفكيك الدولة
لكن المطلوب وبإلحاح وفورا ظهور متلفز لمن قرر «تطوير مواردنا البشرية» على شاشة التلفزيون الحكومي، لشرح ما وضعوه، وإلا سننعم قريبا بسلسلة «حراكات مطلبية» من طراز «حافظ مش فاهم»، تملأ الدنيا ضجيجا في عناوين غاضبة، مثل «تفكيك الدولة» و»انتحار دولة القطاع العام»!
ومن باب التفاعل الإيجابي على طريقة مريم نور مع الزملاء في فضائية «المملكة»، وردا على سؤال «هل هم أردنيون؟» لا ضرر إطلاقا من نشر القيود المدنية لأعضاء اللجنة إياها وإظهار «أرقامهم الوطنية»، حتى يكتشف زميلنا المبدع المذيع عامر الرجوب أن من وضعوا الوصفة أردنيون أقحاح، أبا عن جد واستنادا إلى مقتضيات القانون العثماني.
أشك أن «أجنبيا ما» يحدد لحكومة البلاد ما الذي يتعين عليها أن تفعله أو لا تفعله.
والأرجح أنه يحدد ما يريده ويراه هو ويترك التفصيلات لجماعة «تزهو بكم المناصب». وعليه فإن نظام الموارد البشرية الجديد يحتاج لنقاش ناضج وحوار معمق بدلا من وصلات الردح والاتهام والشيطنة.
واختيار الوزراء وأعضاء اللجان ثم توزيع الأوسمة، مسائل لا بد من شرح منهجيتها أيضا للعامة، تجنبا لإساءة الفهم، خصوصا في محطة «تحديث المنظومة».
الجهات، التي سبق أن استثمرت في وصلات متلفزة على «سكاي نيوز» أو حتى شاشة «رؤيا» المحلية، تحت عنوان «مؤامرة المقاومة ضد الأردن» أو شيطنتها، عليها أن تدرك الآن أن السماح بشيطنة أي جهة في إطار حوار، يعني السماح بشيطنة واتهام أي اتجاه أو وصفة.
نحن في ملف الموارد البشرية ندفع ثمن تلك الأضواء الخضراء، التي منحت لراكبي الموجات، في ملف غزة والعدوان، حيث النميمة والتشويه وابتكار الشائعات تمارسها الآن «نيران صديقة» للحكومة في كل الأحوال.
بين الزواج والطلاق
لا نصفق للنظام المستحدث الخاص بالموارد البشرية.
لكن نصوت لشرحه للناس، ونرى في بعض ملامحه «أفكارا تحترم»، شريطة أن يفهمها الجمهور.
مشكلة «الترهل البيروقراطي» ليست مسؤولية «الموظف العام المسكين»، بقدر ما هي مسؤولية كل المنهجيات والإدارات والحكومات السابقة، كذلك فهم الناس المشوه لدور ووظيفة الدولة.
مجددا توقع «نتائج مبهرة» لوصفات التمكين والتحديث المنوعة يتطلب قبله وجود «أدوات ورموز» مقنعة للناس لا بل تفهم للأردنيين وشوقهم الدائم لدولتهم وارتباطهم الجذري بمؤسساتهم.
لا يحق لأي حكومة «تغيير عادات وممارسات مستقرة منذ عقود» بجرة قلم أو وصفة ما دبرت بليل، على مقاس مراهقين أو مغامرين أو مستشرقين مؤمنين بالوصفات الصندوقية والدولية، ويتصورون دوما أن «الشعب دلوع».
قلناها على شاشة فضائية «اليرموك» المقموعة يوما: احضروا للأردنيين أصحاب كفاءة يتولون شؤونهم أولا، ثم توقعوا نتائج جيدة لما تقررونه وتوصون به.
والخبير الإداري هيثم حجازي معه حق عندما قال على شاشة «المملكة» إن النظام الإداري قبل منع الجمع بين وظيفتين عليه أن يوفر بعض خدمات الرفاه البسيطة للموظف.
أقله خط مواصلات بسعر منخفض على طريقة «المترو التركي»، يضمن له أن لا ينفق ربع راتبه على سيارة كورية، وتأمين صحي حقيقي، لا يطالبه بصرف ثلثي الأدوية من صيدليات السوق، حتى لا نغضب صيدلية مريم نور!
بصراحة أدهشني صديق محنك عندما قال في هذه المسألة البيروقراطية: «لا يمكنك معالجة مشكلة نمو وتزايد معدلات الطلاق باستراتيجية «منع الزواج»!
القمع والمنع والاعتقال وحملات الشيطنة ليست حلا.