Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اراء و مقالات

القاضي – عطية في «زيارة الصفدي» … برلمان الأردن في «هندسة التوافق ونبذ الإقصاء»

عمان – «القدس العربي»: الزيارة التي قام بها رئيس مجلس النواب الأردني مازن القاضي، ونائبه الأول القطب البرلماني خميس عطية، إلى رئيس المجلس السابق أحمد الصفدي، لها دلالاتها السياسية المباشرة باعتبارها خطوة في اتجاه الحفاظ على المؤسسية والعمل الجماعي في مجلس النواب بعد انعقاد الدورة العادية الجديدة ذات الأهمية القصوى ظرفياً، بعيداً عن الاجتهادات التي ازدحمت في ساحة البرلمان مؤخراً تحت عناوين الاستقطاب والتجاذب.
زيارة الصفدي في منزله صباح أمس الأحد، حسم للجدل وقلب لصفحة جديدة بعدما لاحظ الجميع في وقت مبكر بأن خطاب رئيس المجلس القاضي بمناسبة فوزه برئاسة البرلمان لم يتضمن تقديم الشكر لسلفه الصفدي، وهي ملاحظة كان يمكن أن تكون عابرة وغير مقصودة من جهة الجنرال القاضي، أحد أبرز رموز دعاة التوافقات الوطنية.
لذلك، بدت زيارة المجاملة رسالة لبقية النواب وللشارع ولوسائل الإعلام.
وأغلب التقدير أن بين الثنايا بصمات نائب الرئيس المخضرم خميس عطية، فيما يظهر الجنرال القاضي بعد ظهوره الإعلامي الأول إثر تسلم مهامه في ظروف إقليمية غاية في التعقيد جملة من الحرص المباشر على تجاوز الحسابات الشخصية الضيقة.
كان القاضي قد ظهر على شاشة التلفزيون الأردني بصيغة يؤكد فيها أن تربيته العائلية وخلفيته العسكرية يحولان دون مقاصد أي إساءة من أي صنف لأي مواطن أردني، مؤكداً أن الوقت للعمل والإنجاز، وأن مجلس النواب في صلب زوايا الاشتباك الوطني.
كان القاضي، في إطلالته التلفزيونية، قد أشار بوضوح إلى أن ما قاله سابقاً بخصوص علاقة الأردنيين بدولتهم ودعوته لضبط الإيقاع على خيارات الدولة أسيء فهمه في بعض القراءات، علماً بأن القصد الأساسي هو تمتين وتصليب الوحدة الوطنية، والعبور وسط التحديات والأزمات بما يليق بالأردن ومؤسساته وقيادته من علاقات مقدرة بين المواطن والدولة.
واضح تماماً في السياق، أن ماكينة مجلس النواب في طريقها للعمل والتفعيل، وأن القاضي وعطية حريصان على برمجية مؤسسية تعيد للمجلس ليس هيبته التي لم يفرط فيها أحد في الواقع، ولكن قدرته على العمل والإنتاج والمبادرة بين ألغام التحديات والأولويات الوطنية، وفقاً لما يمكن فهمه من النائب عطية تحديداً.
استعادة دور مجلس النواب مهمة وطنية واستراتيجية، ولعلها تطلبت الحرص على توافقات عميقة وخطوات أساسية من رئاسة المجلس تظهر وحدته وصلابة كتله في الأسابيع، والمرحلة المقبلة وإظهار قدر أكبر من المرونة السياسية تتطلبها مؤسسة التشريع على أمل وضع حد للاستقطاب الحاد الكتلوي وحتى الشخصي الفردي تحت قبة البرلمان.
ضمناً، يقول القاضي بحراكه الأخير سواء عبر زيارة الصفدي أو عبر الظهور الإعلامي، إنه معني بإكمال ما بدأه في مشوار التوافقات، حيث حصل على رئاسة المجلس بدون أي منافسة وفي إطار عملية توافق أفقية بين الأعضاء، وهو إجراء لم يحصل سابقاً إلا مرتين في تاريخ مجلس النواب منذ التحول الديمقراطي عام 1989.
يريد الجنرال القاضي الحرص على إظهار قدراته على المرونة ودعم التعافي وحتى التسامح السياسي والإيحاء بأن قيادة البرلمان لا تتسامح مع الإساءة له ولا لرموزه، خصوصاً بعدما بدأت بعض الأقلام تقترح الهجوم النقدي وأحياناً التشويهي ضد رئيس مجلس النواب السابق وبصورة غير منصفة خطط القاضي لإظهار التباين معها عملياً على قاعدة أن مؤسسة المجلس لا تقبل أي إساءة وتشويه لأي عضو في مجلس النواب.
عملياً، يصحح القاضي هنا بعض الرسائل السياسية لا بل الإجرائية أيضاً، وينتج الانطباع بأن استعادة دور مجلس النواب ومؤسسته مهمة تتطلب جهود الجميع بعيداً عن سموم النكايات التي ظهر بعضها في مقالات لأقلام، بعضها محسوب على الحكومة أو يحاول الاصطياد في مياه بين أقطاب المجلس.
لكن الاستمرار في إعادة بناء المشهد التشريعي والسياسي الوطني قد لا يقف عند حدود تلك الرسائل والمجاملات؛ فالمحطة الأساسية بخصوص المجلس النيابي تتطلب الانتباه أكثر لمعدلات التوافق والتشاور عند تجاوز محطة تشكيل اللجان الأساسية اعتباراً من الأسبوع الحالي، حيث خمسة أحزاب وسطية يمكنها احتكار اللجان، إلا إذا تدخل الثنائي القاضي وعطية في الإشراف على هندسة توافقية تحرص على وجود نواب التيار الإسلامي والنواب المستقلين في عضوية اللجان المهمة باعتبارها مطابخ التشريع والرقابة، بدلاً من الحرص على استئثار الأحزاب الوسطية باللجان وإدارتها.
أعلنت الحكومة أولوياتها في التشريعات، وعلى رأسها القانون المعدل الجديد للإدارة المحلية، وقبل ذلك بالتأكيد مشروع قانون الميزانية المالية.
كلتاهما –الإدارة المحلية والميزانية– في الأولوية التشريعية، وتعتبران من أكثر القوانين أهمية مرحلياً.
والأرجح أن اللجنتين الأهم في المجلس لإنفاذ تلك الأولوية هما اللجنة القانونية واللجنة المالية. ووجود الجميع في عضويتيهما مسألة قد تكون ملحة بسبب الأهمية الاستثنائية لتشريعات الإدارة المحلية والميزانية المالية.
الأمل معقود على هندسة التقاسم وتمثيل الجميع في اللجان، حرصاً على انتقال التوافق من بين النواب وكتل البرلمان إلى المستوى الوطني. وقيادة المكتب الدائم للمجلس هي الأساس في إشراك الجميع وتجنب الإقصاء، خصوصاً للمستقلين والإسلاميين.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading