اراء و مقالات

هل التفاضل العددي للمرشحين يقلص «التدخل» في الانتخابات الأردنية؟

ما يفكر به الإسلاميون وغيرهم هو تكتيك التفاضل العددي الذي يجعل التدخل بعد الإدلاء في الأصوات في الصناديق صعبا جدا أو معقدا أو حتى حمال أوجه ومكلفا للغاية.

عمان ـ «القدس العربي»: التفاضل العددي للمرشحين على مستوى غالبية الدوائر الانتخابية في الأردن تكتيك يفترض المعنيون به من داخل بعض الأحزاب السياسية بأنه قد يكون الوسيلة الأفضل والأكثر إنتاجية في الوصول إلى أعلى قمة محتملة ومفترضة بالالتزام بمنظومة النزاهة والحياد.

ثمة مؤشرات وقرائن على أن خلفية اتجاه الحركة الإسلامية تحديدا نحو المشاركة بمرشحين في كل الدوائر الانتخابية جذرها الاعتقاد مسبقا بأن التفاضل العددي يربك أي محاولة للتدخل بالانتخابات ويقلص ما يصفه الرسميون عموما بأخطاء الفرز والعد بأصوات، وما يصفه غيرهم بأخطاء مقصودة من باب التدخل والعبث.
تلك طبعا فرضية تكتيكية لكنها على الأرجح ستقف وراء اتجاه مثير تتبناه بعض أطر الحركة الإسلامية حاليا بعنوان «ترشيح أو تأييد مرشحين» ليس في القائمة الوطنية الحزبية فقط ولكن في جميع الدوائر الفرعية المحلية وفي كل الأطراف والمحافظات.
لا يخفي الإسلاميون أنهم راغبون بضم شخصيات مرشحة لمقاعد الأقليات أيضا لقوائمهم الانتخابية بهدف الوصول إلى كتلة متحالفة وازنة تحت قبة برلمان 2024 بصرف النظر عن نتائج عملية التدخل والهندسة.
ذلك رهان بكل حال مؤسس منهجيا على إنتاج مساحة كبيرة من التعقيدات التي ستنتج بدورها عن مشكلات تفضيل مرشح عن آخر.
بمعنى آخر رفع فاتورة التدخل في الانتخابات مع أن مستوى الضمانات المتاحة سياسيا وقانونيا في نزاهة الانتخابات المقبلة الوشيكة يفترض انها الأعلى والأفضل ليس بحكم انها أول انتخابات بعد وثيقة مسار تحديث المنظومة السياسية والحزبية في البلاد، ولكن لأن الأمين العام لحزب الميثاق الوطني أكبر أحزاب الوسط الدكتور محمد المومني، أصر مجددا في نقاش شاركت به «القدس العربي» على أن التدخل في الانتخابات بمعنى الصناديق والعمليات التابعة لها أصبح الآن جريمة بحكم النص القانوني.
شرح نائب الأمين العام لحزب الميثاق محمد الحجوج لـ«القدس العربي» بأن الموظف العمومي الذي يكلف بإدارة أي جزء من العملية الانتخابية إذا ما أساء لها أو تدخل فيها سيواجه القانون بالنص، معتبرا أن تجريم تدخل الموظف العام في الانتخابات هو واحد من أبرز وأهم نقاط التحول في منتج لرؤية مرتبطة بتحديث المنظومة السياسية في البلاد.
ما يقترحه حزب الميثاق وقادته علنا على جمهورهم والأردنيين عموما في النقاشات هو أن أحدا لا يستطيع بعد الآن التدخل في إرادة الناخب الأردني وبالتالي على الناخب أن يقوم بواجبه بالمشاركة والتصويت.
بالمقابل لا يبدو التيار الإسلامي مطمئنا لذلك تماما، فقد ربط مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي نصيا قراره المشاركة برصد ومتابعة نزاهة العملية الانتخابية، مع أن الانطباع السياسي العام هو أن قوى الواقع الموضوعي التي تريد التأثير بالمسار الانتخابي يمكنها أن تفعل ذلك طوال الوقت وحصرا قبل وصول الناخب إلى صندوق الاقتراع.
يحاجج المومني بأن ميثاق حزب الدولة، وبأن الدولة لها حساباتها وخياراتها ولها الحق الشرعي في التعبير عن تلك الخيارات. لكن في الفترات التي يسمح بها القانون حصرا، أي قبل ممارسة العملية الانتخابية معتقدا بإيمان بأن المطلوب في المستوى الوطني لا يحتمل ملاحظات على عملية الاقتراع أو تدخلات أو المساس لا بالنزاهة أثناء ممارسة الاقتراع وبعدها ولا بالتغاضي عن المال الأسود أثناء الحملة الانتخابية.
مبكرا قال رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات موسى المعايطة بأن الانتخابات المقبلة قد لا تكون ناجحة تماما.
وما قصده المعايطة وهو لاعب سياسي محنك لفت النظر إلى أن النجاح مرتبط بالاشتباك الانتخابي الإيجابي للمواطن وللحزب السياسي في سياق تطوير الأداء.
الدولة لا تستطيع التحكم ـ أن رغبت ـ بضمير المواطن في توجيه صوته، والقانون وضع بالتفصيل سيناريو الحقوق والواجبات وما هو مسموح أو ممنوع أثناء الحملة الانتخابية، وما يروج له دعاة الإيجابية هو تجاوز محطة التشكيك المسبق بنتائج الانتخابات وخوضها تطلعا لبناء مستقبل مستقر عبر السلطة التشريعية من دون أن يعني ذلك طبعا فقدان الإسلاميين أو غيرهم أو حتى مؤسسات المجتمع المدني حقوقها في مراقبة كل تفاصيل العملية الانتخابية وإجراءات منظومة النزاهة.
قد لا يعني ذلك عمليا إلا أن الفرصة متاحة أمام أي حزب أو جهة لإنتاج فارق في فرصة التأثير في الانتخابات على أن يحصل ذلك بوجب القانون وقبل الاقتراع.
ما يفكر به الإسلاميون وغيرهم هو تكتيك التفاضل العددي الذي يجعل التدخل بعد الإدلاء في الأصوات في الصناديق صعبا جدا أو معقدا أو حتى حمال أوجه ومكلفا للغاية.
عمليا التفاضل العددي بالمرشحين يؤسس مثيلا له في الناخبين وذلك قد يعني توسع نطاق العمليات الانتخابي ونسبة المشاركة والرقابة الشعبية والمدنية لكن ما يبدو عليه المشهد حتى الآن فيما يختص بالأحزاب السياسية الكبيرة أن التفاضل العددي للمرشحين هو صيغتها لإثبات الحضور والتخفيف من أي تدخلات بما في ذلك تجليات وتدخلات عبقريات التزوير الشعبية والمالية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading