اراء و مقالاتمقالات وآراء

ملف أردني «مزعج»: فقر وبطالة و«أجندات» بالقرب من «الجار السعودي» و«الخصم الإسرائيلي»

تحريك «ملكي» في الجنوب ووادي عربة وإخفاق للحكومة والمجالس اللامركزية

 

الاستدراك، وتحديداً في محافظة معان جنوبي الأردن، التي يسترسل أهلها في التذمر من التهميش تنموياً، له ما يبرره سياسياً ومرجعياً.
تفاعل القصر الملكي الأردني مع أهالي المحافظات والأطراف خطوة متقدمة في اتجاه محاولة التعويض عن التقصير الحكومي وإقرار على نحو أو آخر بأن تجربة مدارس اللامركزية لم تثمر بعد، لا على صعيد تمثيل الأهالي ومصالحهم ولا على صعيد التنويع التنموي. وفي معان ظهر الملك عبد الله الثاني شخصياً، وفي وادي عربة أيضاً، ضمن مبادرات للتحريك والتحدث مع الناس في السياق التنموي تحديداً.

صدرت توجيهات مباشرة بالتنويع التنموي والاستثماري الذي يلمس أهالي المنطقة في معان ووادي عربة بصورة أساسية وشخصية تأثيره على حياتهم. ينطوي ذلك على إقرار باطني بأن خطط الحكومات المتعاقبة لم تحقق المطلوب لأهالي تلك المنطقة.
الأهم والأبعد أن ماكينة الاستشعار الأردنية الحساسة لا تريد لأي شقيق أو صديق في الجوار بأن يبالغ في الاستثمار الأجنداتي بالأزمة الاقتصادية الحالية. هنا تحديداً يمكن الإشارة إلى انطباعات بأن اتصالات تجري، بين الحين والآخر خارج غرفة القرار الرسمي، بين بعض النشطاء والوجهاء الاجتماعيين وأصدقاء من دولة مجاورة مثل السعودية.
يأمل الأردن دوماً بأن تستقر علاقاته مع الدول المجاورة، وتحديداً القوية. ويأمل سياسيون كبار دوماً أيضاً أن يتوقف العقل السعودي تحديداً عن التعامل مع الجار الأردني باعتباره مجرد ورقة في الجغرافيا أو في البنية القبلية والعشائرية.
تلك مهمة قد تكون صعبة في ظل وجود تجاذب سياسي، وأحياناً وجهات نظر متعاكسة في الملفات السياسية، وإن كان واجب الحكومة دوماً التركيز أيضاً على البنية الاجتماعية في الأطراف والمحافظات بدل العمل فقط ضمن أطر العاصمة عمان.
ثمة فقر ومعاناة اقتصادية في الجنوب بالقرب من الشقيق السعودي. وثمة مشكلة اقتصادية معيشية تزداد توسعاً في منطقة الأغوار بمحاذاة الخصم الإسرائيلي. وثمة في المقابل دوماً نظريات تطرحها الحكومة عن التنمية الاقتصادية والاستثمارية في الأطراف لا تتحول إلى مشاريع مباشرة وحقيقية يستفيد منها المواطن بصورة ملموسة، الأمر الذي أصبح من الهموم الأساسية في استراتيجية التخطيط الاقتصادي وضمن المبادرات المتحركة، والتي بدأت تحدث تغييراً حقيقياً على مستوى المؤسسة الملكية مع أن الخيار الأسلم والأسرع دوماً دفع الحكومات بالولاية العامة لتحمل المسؤولية ومحاسبتها على هذا الأساس، طبعاً بعد منحها تفويضات شاملة والتدقيق في اختيار أدواتها ورموزها.
تلك قد تكون مهمة معقدة تنموياً الآن. لكن يؤخذ على الحاضنة الاجتماعية في الأطراف والمحافظات ضعف تحفيز مجالس اللامركزية وضعف محاسبة ومتابعة ممثلي المناطق في برلمان العاصمة عمان، ويؤخذ عليها أيضاً عدم وجود عقوبة اجتماعية أو جهوية من المجتمعات المحلية ضد من يعيقون الاستثمارات باسم القطاع الخاص تحديداً.
في الأفق المنظور، وعندما تعلق الأمر باستثمارات صناعية تنموية خاصة، تحرك بعض الأشخاص في اتجاه ابتزازيّ، وغابت عن مجموع مواطنين ثقافة حماية المنشأة الاستثمارية حتى تشتغل وتعود عليهم بالفائدة. بمعنى أن المشكلة أفقية وقد تكون ثلاثية، فدول الجوار لها أجندات ومصالح، وصانع القرار الأردني لم يعد يثق تماماً بها. والحكومات المتعاقبة أخفقت في المعالجة والتنويع التنموي برفقة الإخفاق العلني لمجالس اللامركزية ومشروعها.
في الزاوية الثالثة ثمة إخفاق مواز بتوقيع الأهالي والسلوك الاجتماعي، حيث تم توفير الغطاء في بعض المرات ودون مسوغ أو مبرر لفرد أو مجموعة أشخاص باستغلال بعض المستثمرين أو إعاقتهم أو التدخل في عملهم وفرض شروط لا منطقية عليهم لها علاقة بالوظائف والتشغيل أحياناً ولا تخاطب المتعارف عليه ببند المسؤولية الاجتماعية المألوفة في مجتمع الصناعة والأعمال والاستثمار.
تبقى المشكلة، في كل حال، حمالة أوجه. فأي حديث، بعيداً عن العاصمة عمان وله علاقة باستقرار التنمية الاقتصادية والتنويع في الأطراف والمحافظات، يحتاج -كما يقدر برلماني مخضرم مثل محمد الحجوج- إلى آليات متابعة للتمثيل التشريعي، وإلى ذهنية، سواء في انتخابات البرلمان أو اللامركزية، تقترع وتنتخب ضمن أسس العطاء المهني، وليس بناء على اعتبارات فرعية أو صغيرة أو عشائرية فقط، كما يحصل بالعادة.
يفهم المراقب من الحراك الملكي الأخير في الفضاء التنموي، خصوصاً في محافظات جنوب البلاد، بأن ماكينة التقصير تشمل أيضاً من يتصدرون واجهة المؤسسات والقرار، سواء في الوظائف العليا أو جناحي البرلمان في الأعيان والنواب بالعاصمة.
ويحتاج التحدث تنموياً مع المحافظات والأطراف إلى مقاربة مختلفة لا تستند فقط إلى أساس مبادرة مرجعية، لأن الجميع مسؤول، ولأن الملك شخصياً وفي مشهد علني يذكره الأردنيون.. طلب من مجلس الوزراء قبل أشهر عدة إزالة العقبات التي يشكو منها المستثمرون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى