اراء و مقالات

الإبراهيميات من «دلف بن غفير» إلى «مزراب نتنياهو»: بعد «الفلافل» و«نهر الأردن» خططوا لسرقة «المنسف»

«هكذا يصنع السلام»! حتى مراسل قناة «كان» الإسرائيلية لم يحتمل تلك العبارة بعد «المصافحة» بين أيتمار بن غفير وسفير الإمارات وبدأ يصيح مذكرا أن القضاء الإسرائيلي نفسه وجه تهمة «العنصرية» لبن غفير، قبل احتفاله بمناسبة «العيد الوطني» لدولة عربية 47 مرة!
نجم الشاشات الإخبارية الآن الحاخام الموتور «بن غفير» تطارده الكاميرات أينما حل ورحل، وينشغل به المجتمع الدولي.
أحدهم كتب يقول: دعوة بن غفير لحفل سفارة الإمارات محاولة «مرسومة» للتخفيف من تطرف الرجل الشرير.
وهي رواية قيلت للسلطات في عمان، على أساس سهرة وناسة على طريقة منوعات «أم بي سي» أيام زمان فكرتها نصيحة من نتنياهو شخصيا تقول «أضع بن غفير تحت إبطي وإلا سيأتيكم رئيسا للوزراء».

بين الدلف والمزراب

وضعنا صعب في الأمة مع «الإبراهيميات»، فنحن نهرب من «دلف» نتنياهو لمزراب بن غفير.
كاميرا قناة «الجزيرة» وكاميرات شبكة «كان» الإسرائيلية تلاحق كل اللقطات وتعيد بثها: أيتمار يرقص بـ«غترة» ينقصها «عقال». أيتمار يخطب في جمهور يشبهه، ثم تحمله الأكتاف، كما يحصل مع العريس في حارات المخيم!
وأخيرا على الهواء الحر «بن غفير يحمل مسدسا ويلوح به أمام الكاميرا» والشاباك يقرر «تعزيز الحراسات»، بعدما وعدته «عرين الأسود» بقطع رأسه قريبا، مما يثبت أن الحقبة «البنغفارية» وهي من عائلة «الترامبية» التهمت حقا – كما قال خبير – جهازا اسمه «الشاباك».
ما علينا، بن غفير يرقص، يدبك، ينشد، يصافح كل سفراء العرب! كيانه لا مستقبل له ومشروعه لن ينجز، ونقطة أول السطر.

أين شارع «يعقوب زيادين»؟

تعجبنا تلك الإطلالات التلفزيونية لمسؤولي بلدية العاصمة الأردنية، فهي تتحدث عن عمان، لا نعرفها بعد، وقد نعرفها لاحقا وعن مدينة جميلة خالية من السموم ومحاطة بأحدث ما توصل اليه العلم في هندسة الكاميرات، التي تضبط مخالفات السيارات والبيئة.
المشاريع طموحة ولا أحد بما في ذلك من تحدثوا على شاشة التلفزيون الرسمي يظهرون بكثافة على شاشة التلفزيون الرسمي يبلغنا عن كيفية تمويل تلك المشاريع، مع أن رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، وفي لقاء صريح ومهم سجله لصالح برنامج 60 دقيقة تحدث عن مدينة جديدة قيد الإنشاء.
أحدهم على شاشة قناة «رؤيا» حاول تذكيرنا بتلك المشاريع التي تنطبق عليها أغنية سميرة توفيق، وهي تنشد «وعدتني بالحلق خرمت أنا وذاني»!
خزق الشعب أذنيه، وغاب الحلق عشرات المرات، ومع كل ثقب مجاني يسألك «بتوع الموقف الرسمي»، مستغربين عن «السلبية والسوداوية».
حسنا: يا قوم لا يصدقكم الناس لأنكم ببساطة تكثرون من الكلام عن مليارات مثل «غودو» لا تأتي، فيما الحل الأسهل والأسرع أمام بلدية العاصمة «تكريمنا» نحن الأردنيين بتسمية شارع واحد على الأقل باسم قامة وطنية وقومية، مثل الراحل الدكتور يعقوب زيادين.
زيادين، الراحل الكبير هو ابن الكرك، المسيحي الذي انتخبه المسلمون في القدس، ومن يتجول بين أسماء الشوارع في العاصمة، يقرأ «بعض من هب ودب» على اللوحات، ولا يفهم سر تجاهل اسم رجل له بصمة عميقة في تاريخ البلاد والمدينة، مثل يعقوب زيادين.

سرقة «المنسف»

نتناول، مثل بقية النشامى المنسف مع الماء والدواء والهواء، منذ كنا أطفالا رضعا.
لكن بصراحة شديدة أدهشنا السفير الأردني في باريس مكرم القيسي، وهو يشرح لبرنامج «يسعد صباحك» على شاشة التلفزيون الأردني بعض القيم التي يبدو أننا كنا نمارسها، لكن دون تسميتها ولا نعرف عنها شيئا.
مدهش جدا أن تتحول ممارسات لها علاقة بطعام ما له قيمة كبيرة في وجدان الناس الى دروس في السياسة والدبلوماسية، فيما يحاول الإسرائيليون بعد «سرقة نهر الأردن» نفسه، سرقة طبق المنسف أيضا باعتباره من تراث اليهود مع الاعتراض على اليونسكو، لأنها اعتمدته أردنيا في سجلها عن التراث العالمي غير المادي.
المنسف الأردني، ليس فقط مجرد طعام شعبي مشهور، ويطالبنا بمصافحته وأحيانا معانقته كل «ضيف أو زميل أو صديق» أجنبي أو عربي يزورنا في عمان.
المنسف مع أنه سبب رئيسي لـ«الجلطة» هو تعبير عن هوية وطنية لمطبخ شرق الأردن، شاء المدعو إيدي كوهين أم أبى، ورواية «خلط اللبن باللحم» هربا من تعسف «العثمانيين» أقرب إلى فيلم هندي لا يصدقه الفلسطيني قبل الأردني.
ذهنية كيان الاحتلال تعبير دقيق عن «عقلية لص» سرقوا فلسطين، ثم نهر الأردن ويحاولون سرقة الفلافل والشاورما والثوب الفلسطيني المطرز وعواصم العرب والعجم. سرقوا الأحلام والعمر ويحيكون سيناريو لسرقة «المنسف»!
المنسف بالشكل والمضمون والمذاق والنتائج والتداعيات ومساحة الكرم، يقول لك بكل اللغات «أنا أردني لا بل شرق أردني وبدوي وأفتخر».
وعلى شاشة «60- دقيقة» حكيت لنا تلك الحكاية الأردنية، وبإمكاننا من الآن الاستعداد لمعركة جديدة مع العدو عنوانها اختطاف «قلاية البندورة» أو سرقة «فتة العدس» أو «الدقة الغزاوية»، فطبول الحرب يقرعها العدو، لكنه يسرق في الأثناء!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى