اراء و مقالات

سؤال الشارع الأردني: هل بدأت مرحلة «تغيير اللهجة»؟

تحميل الوزير الصفدي بصفة شخصية مسؤولية ما ينقل ويقال لا تبدو منصفة لأنه بكل بساطة يعبر عن الموقف الرسمي لبلاده وسط انطباع بأنه في سياقات الأروقة البيروقراطية يتعرض لضغط شديد.

عمان ـ «القدس العربي»:  هل بدلت الخارجية الأردنية في إفادتها؟ هذا هو السؤال الذي طرحه مراقبون وسياسيون ومشتبكون مع المشهد الإقليمي بكثافة خلال الساعات القليلة الماضية معبرين عن الاستغراب من اللهجة «الواقعية» التي بدأت تستعملها وزارة الخارجية في الأروقة الدولية.

تصريحات الوزير أيمن الصفدي وخاصة في منتدى دافوس مؤخرا سجلت سلسلة مفاجآت ورغم أن الترجمة للتصريحات لم تكن دقيقة إلا أن ردة فعل الشارع وبعض النخب استرسلت في التشدد لأسباب تتعلق بالاحتراز من «تغيير الإفادة الرسمية» التي بدأت تتضمن بعض العبارات المريبة برأي السياسي مروان الفاعوري.
الفاعوري ذكر المسؤولين الأردنيين بأن أول من قال إن «حماس فكرة لا تموت» هو وزير الخارجية الصفدي وإن الوزير نفسه تحدث في جلسات مغلقة عن جهل بعض الغربيين وهم يتحدثون عن «غزة في اليوم التالي» بمعزل عن»بيروقراط حماس». ما قيل أردنيا في دافوس بعنوان «عودة السلطة لإدارة غزة» وتحييد السلاح لا يتعلق بتقديرات وزير الخارجية ومواقفه الشخصية بقدر ما تعكس إستراتيجية ثابتة في خطاب الخارجية الأردنية عندما يتعلق الأمر بالموقف من السلطة الفلسطينية أو ما درجت عمان على تسميتها بالشرعية الفلسطينية.
لسبب حتى اللحظة لا يزال غامضا لكنه مرتبط بصورة مرجحة بعمق الترتيبات التي تجري في واشنطن والبيت الأبيض بتوقيع عهد الرئيس الأمريكي الجديد المنتخب دونالد ترامب، برزت مؤشرات اللهجة المستجدة نسبيا دون مساس بالثوابت في خطاب الدبلوماسية الأردنية.
الجدل محليا كان ضخما وعاصفا ووجهت التساؤلات علنا للوزير الصفدي عن هذا التغير في لهجته وأقواله على نحو مفاجئ، كما طرحت تساؤلات حول ما إذا كان هذا التبديل في اللهجة وفي الإفادة الدبلوماسية الأردنية يعكس رسائل سياسية أبعد وأعمق لها علاقة بمرحلة اليوم التالي، أو ينطلق من كون الأردن على علم وإطلاع مسبق بأن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة آتية لا محالة وبأن حركة حماس كما ألمح الصفدي نفسه في حديث سابق لـ«القدس العربي» تعلم مسبقا بأنها لا تستطيع البقاء في الإدارة والحكم عندما يتحضر الجميع لملف إعادة الإعمار ولأسباب سياسية ودبلوماسية وقانونية ومالية.
ما نقل عن الوزير الصفدي أخرجه ولو جزئيا في مرحلة متقدمة من منسوب ومستوى الإعجاب الشعبي والشعبوي بشخصيته وتصريحاته السابقة ودوره في التأسيس لاشتباك بلاده الجذري مع العدوان الإسرائيلي وعلى كل المنابر وفي كل الساحات والأقنية الدولية.
انتقد الرجل بكثافة وخاطبه ناشط نقابي بارز هو أحمد زياد أبو غنيمة متمنيا عليه أن لا يغير في أقواله إلى هذا الحد فيما وعلى أساس أن المسألة تتعلق بوصف المقاومة بميليشيات مسلحة وهو ما وصلت رسالة مؤكدة من الشارع الأردني وعلى مدار 3 أيام تقول برفضه.
أغلب التقدير أن معادلات التكيف مع مرحلة ترامب الجديدة ارتفعت في عمان. وأن الضغط العنيف الذي يطال شخص الوزير الصفدي من داخل مؤسسات القرار أحيانا من العناصر الضاغطة خصوصا في ظل اتهامه بالتصعيد غير المبرر مع الإسرائيليين في المرحلة السابقة وبتوريط المؤسسة في مواقف متقدمة كان ينظر لها الشارع باعتبارها أخلاقية وشعبية فيما يراها دبلوماسيون وسياسيون خبراء متهورة. لافت في السياق دبلوماسيا أن القيادي في حركة حماس وبعدما شكر الأردن على مواقفه علنا لاحتواء الجدل الناتج عن تجاهل الدكتور خليل الحية للدور الأردني ذهب في تصريحه الثاني لمعادلة «لا نتدخل بالشأن الداخلي للأشقاء».
تلك عبارة لم تكن متوقعة من قيادات حماس التي بدأت تعتبر أن الحديث عن «عودة السلطة إلى إدارة غزة» بعد التضحيات ومنجزات المعركة ضرب من التدخل بالشؤون الفلسطينية الداخلية، فيما أوساط الوزير الصفدي تستغرب مثل هذا الطرح لأن الأردن «منهمك ومنغمس ويقضي كل أوقاته» في التعاطي مع «الشأن الفلسطيني» على حد تعبير مسؤول بارز في الخارجية الأردنية.
الدبلوماسية الأردنية على الأقل في طريقها لوضع بعض النقاط على بعض الأحرف ضمن معادلة التكيف والتعامل مع وقائع اليوم بعدما انتهت معركة العدوان ضد غزة.
والانطباع يتراكم وسط حتى النخب الأردنية بأن التفاعل عربيا وفلسطينيا واجب الآن بعدما دخل المجتمع الدولي في معمعان الإجابة على سؤال اليوم التالي في غزة في ظل ظرف إقليمي واقتصادي وأمني حساس للغاية. وأيضا في ظل «أجندة لا تزال غامضة» للرئيس الأمريكي الجديد الذي قال أنه سينهي الحرب والصراعات بدون أن يحدد كيف ومتى وعلى أي أساس؟
الدبلوماسية الأردنية تحاول الصمود والبقاء وسط تلك الظروف المعقدة ونمطية تحميل الوزير الصفدي بصفة شخصية مسؤولية ما ينقل ويقال لا تبدو منصفة لأنه بكل بساطة يعبر عن الموقف الرسمي لبلاده وسط انطباع بأنه في سياقات الأروقة البيروقراطية تحديدا يتعرض لضغط شديد ومن ضمنه ضغط تسريبات والشائعات التي تقول بقرب مغادرته موقعه خلافا طبعا لحملة إسرائيلية شرسة تشن ضده خلف الستائر.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading