اراء و مقالات

قانون «إعدام الكلام» في الأردن: «خلوة حزبية ـ مهنية منفعلة» تسأل: تحصين الموظف العام… لمصلحة من؟

عمان – «القدس العربي»: كانت الأجواء متوترة تماماً بين أكثر من 40 شخصية حزبية وإعلامية وناشطة وقانونية احتشدت بدعوة من حزب العمال الأردني لدراسة رد الفعل الذي ينبغي أن تتخذه القوى الشعبية والوطنية والسياسية في مواجهة الهجمة التي يمثلها على حرية التعبير أو “إعدام الكلمات” كما قال أحد المتحدثين والمتداخلين بواسطة القانون المعدل الجديد للجرائم الإلكترونية.
الأجواء مشحونة ومليئة بالأبعاد السياسية الغامضة التي تقف خلف هذا القانون، خصوصاً أنه أقر على عجل وبسرعة وبطريقة سرية ومكتومة وأرسل بـ “ليل”، كما قالت الأمين العام لحزب العمال مستضيفة اللقاء الدكتورة رولا الحروب، إلى مجلس النواب في يوم عطلة رسمية.
يبدو الأمر مريباً جداً- قالت الدكتورة الحروب- في اللقاء الذي شاركت فيه “القدس العربي” وهي تتدفق بالمعطيات المريبة، ومن بينها صدور الإرادة الملكية بوضع قانون الجرائم الإلكترونية على جدول أعمال الدورة الاستثنائية في وقت متباين أو سبق إقرار مجلس الوزراء للقانون، إضافة الى إرسال النسخة التشريعية من القانون الجديد في يوم عطلة رسمية وعدم نشره وعرضه على الرأي العام.
الدكتورة الحروب كانت مصرة على أن مجمل عملية التقدم بمشروع هذا القانون غامضة ومريبة، وطالبت الحاضرين بأن يفهم الشعب الأردني من هي الجهة التي تقدمت بهذا القانون، مشيرة إلى أنه موقف واضح من مجلس النواب الذي سيمرر هذا القانون ويعبر به، بدلالة ما قاله في لقاء حواري تلفزيوني معها غازي ذنيبات رئيس اللجنة القانونية لمجلس النواب، ونقلت عنه الحروب القول بأن مجلس النواب سيقر القانون بعد إجراء بعض الحوارات مع الفعاليات المعنية لمدة أسبوع واحد فقط وسيحيله إلى المجلس.
أدار الحوار القيادي الإسلامي والمعارض الوطني الشيخ سالم الفلاحات، وحضر نخبة من ممثلي 12 حزباً من 29 حزباً من أحزاب المنظومة السياسية.
أحد القانونيين في الجلسة كان مهتماً أن يقول بأن هذا القانون يخالف أصول المحاكمات، فهو يعطي المحكمة الحق المباشر بالتوقيف السريع وبدون العودة إلى اتهامات من قبل النيابة. لذا، من وجهة نظر ذلك القانون، يجب أن يتم التصدي لقانون الجرائم الإلكترونية الجديد سياسياً وإعلامياً، لأنه مليء بالثغرات القانونية لا بل بعض تلك الثغرات مخالف للدستور.
في الأثناء، كان الشيخ مراد العضايلة الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي المعارض، وهو أهم شخصية حزبية حضرت لقاء حزب العمال، عملياً يشير إلى أن المعركة ضد هذا القانون واجبة ويحذر من المساومة مع الحكومة في التفاصيل، ويقترح الوقوف خلف الدعوة لسحب مشروع القانون وليس مناقشة تفاصيله مع الحكومة ولا مع مجلس النواب.
أما العضايلة فيرى أن البعد السياسي هو الأخطر، متوقعاً أن البلاد مقبلة على ترتيبات إقليمية قد يكون لها علاقة بالقضية الفلسطينية تستوجب إسكات رأي الشعب؛ بمعنى تكميم الأفواه لأسباب سياسية قادمة قد تكون خطيرة. وفي اللقاء، اقترح القيادي الإسلامي الدكتور رامي العياصرة أن ضحايا قانون جرائم الإلكترونية الجديد هم الشعب الأردني برمته، وليسوا القطاعات المهنية ولا الإعلامية والسياسية فقط، لأن هذا القانون -برأي الحاضرين- يفرض غرامات خيالية وغير مسبوقة قد تصل إلى 50 ألف دينار في بعض القضايا وعند الإدانة.
الصحافيون الحاضرون للقاء مهتمون بالإشارة إلى أن بعض نصوص القانون من المادة الأولى إلى المادة 14 قد تنطوي على إيجابيات، لكن الكوارث في المواد من 15 إلى 39 التي اعتبرها الصحافي والناشط في مجال الحريات باسل العكور، غير مسبوقة في مجال تخويف الناس وملاحقة قدراتهم على التعبير وإسكاتهم وإرهاق الصحافيين بعقوبات غير مسبوقة، من بينها الحبس والغرامات المالية الضخمة، لا بل فرض نوعين وصنفين من الغرامات في القضايا المرتبطة بالحق الشخصي؛ الأول للخزينة الدولة، والثاني للمشتكي في بعض القضايا. ووصفت الدكتورة رولا الحروب القانون بأنه خطير جداً.
ونبه العكور إلى أن هذا القانون يمنح الموظف العام بمختلف الدرجات الوظيفية صفة عدم المسؤولية وصعوبة النقد والتعرض له بأي طريقة من الطرق، وتلك كانت صفات منوطة بالمؤسسة الملكية فقط وليست الوزراء والمسؤولين والموظفين العامين.
الدكتور فراس العبادي اعتبر أن أجندة هذا القانون غامضة ومريبة، وهي جزء من هجمة القوي على حريات التعبير. وأجمع المختصون في ذلك اللقاء على عدم فهم الرسالة الحكومية من وراء هذا القانون. وقال الشيخ العضايلة إن ما قدمته الدولة بمعنى الإصلاح السياسي والتعددية الحزبية عبر مسار التحديث السياسي الجديد بيمينها، تعود وتخطفه بيسارها عبر قانون الجرائم الإلكترونية الجديد. وبدا الحاضرون في حيرة من أمرهم في تفسير تلك المفارقة، وسألت الدكتورة الحروب: عم سيتحدث الحزبيون؟ وكيف ستنتقد كوادر الأحزاب بعد الآن المسؤولين في ظل هذه الغرامات الفادحة المفروضة لتكميم أفواه الأردنيين؟
وكيف يستقيم القول بقانون عرفي مقيد بشكل عاصف ومجنون للحريات التعبيرية في ظل الحديث عن إصلاح سياسي والتنمية السياسية والتعددية الحزبية؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى