اراء و مقالات

الأردن: مخاوف إزاء «الانتفاخ» المفاجئ في التطبيع

بمجرد إعلان فوزه تجنب نتنياهو الاتصال مع السفير الأردني في تل أبيب في رسالة فسرت سياسيا ودبلوماسيا في عمان بمثابة إظهار التخاصم مع الأردن.

عمان ـ «القدس العربي»: يتوقف المراقبون ونخبة من كبار السياسيين في الأردن على محطة إجبارية تعيد إنتاج نفس السؤال مرة تلو الأخرى مع مؤشرات الانتفاخ التي حصلت مؤخرا على صعيد العلاقات مع إسرائيل في ظل التمهيد لحكم بنيامين نتنياهو ومجموعته من ممثلي التيار اليميني والتلمودي المتشدد.

ماذا نحن فاعلون للحفاظ على مصالح الأردن العليا؟
هذا سؤال قديم ويتجدد.
لكن حدة طرحه تزداد وتيرتها كلما ظهرت خطوات تطبيعية جديدة تحت عنوان إعلانات النوايا التي تكاثرت مؤخرا وكان آخرها بعد إعادة توقيع إعلان نوايا يخص تبادل خدمات الكهرباء والماء، إعلان نوايا له علاقة بتنظيف بيئة نهر الأردن.
لا يمل كبار الساسة من طرح نفس السؤال في إطار مقاربة يبدو انها تخيف بعض الأوساط من زاوية كلفة وفاتورة حالة التعايش التي ظهرت مؤخرا مع الاستحقاق اليميني الإسرائيلي.
وفي ظل دعم غير مسبوق لا بل وترتيب في التفاصيل من جهة حراك إماراتي يتوسط الآن بين مجموعة نتنياهو وحكومته وبين الأردن وبصيغة لفتت الأنظار مبكرا إلى تغير دراماتيكي عمليا في مستوى وحجم الدور الأردني الإقليمي، خصوصا وان العلاقات بين أبو ظبي وحكومة نتنياهو تبدو في أفضل أحوالها مع تلك التقارير الإعلامية التي ذكرت بان نتنياهو بمجرد إعلان فوزه بأغلبية كبيرة في انتخابات الكنيست اتصل مع سفراء كل الدول التي أقامت اتفاقيات سلام معه من العالم العربي بما في ذلك مصر والإمارات والبحرين، لكنه تجنب في رسالة فسرت سياسيا ودبلوماسيا في عمان الاتصال مع السفير الأردني في تل أبيب الأمر الذي اعتبر بمثابة شكل من أنماط إظهار التخاصم مع الأردن.
لكنها نوايا سيئة، ويقول الخبير الأردني البارز في ملف المياه والبنية التحتية الدكتور دريد محاسنة لـ«القدس العربي» بانها كانت وبقيت وستستمر في باب النوايا السيئة والتضليل لا بل الانقلاب على مصالح الأردن.
كل ذلك تقدم بعد موجة هواجس ومخاوف لها علاقة بترتيبات اليمين الإسرائيلي وتعارضها الحتمي والأكيد مع كل ثوابت ومصالح الدولة الأردنية، شاهد الجميع كيف تحولت قمة المناخ في شرم الشيخ إلى منصة لإعادة تجديد الثقة في الاتصالات والعلاقات والبروتوكولات وإعلانات النوايا بين الأردن وإسرائيل. وهو أمر لفت الأنظار مجددا لكنه أنتج المزيد من المخاوف والهواجس تحت عنوان نتائج وتداعيات محتملة واستحقاقات محتملة لحالة هذا التعايش الأردني الرسمية مع الأمر الواقع اليوم في إسرائيل، والذي يقول بحسم ملف القدس وبسيناريو إغلاق ملف حل الدولتين. ومعه وأيضا حل الدولة الواحدة، بمعنى أخطار بالجملة تحتك مباشرة بأعلى وأرفع القيم الأردنية الأساسية ودفن ما تبقى من حديث عن عملية السلام.
خلف الستارة ضغط الإماراتيون وبقوة لرفع نسبة التعايش الأردني مع الأمر الواقع بوضوح.
وخلف الستارة نفسها كان الأمريكي يزود الأردني مبكرا بمعطيات ومعلومات تدفع باتجاه هذا التعايش وتؤكد بان القدر الإسرائيلي اليميني اليوم محتوم، وبان الحكم سيذهب إلى بنيامين نتنياهو الموصوف بانه جار سيئ.
لكن الاعتقاد يسود بان كثرة كلام الأردن عن اشراك الفلسطينيين بمشاريع السلام الاقتصادي قد يكون تمهيدا للتعايش قبل نتنياهو مع فكرة بعض أفرع وتوصيات صفقة القرن التي كان الأردن قد رفضها علنا.
السياسي والدبلوماسي الأردني مع الأمر الواقع قد يخلط الكثير من الأوراق خلافا إلى انه يخرج من جعبة التأثير المحتمل العديد من الأوراق الأردنية الرابحة. وأيضا الأوراق الفلسطينية الرابحة والتي لا يمكن استعمالها إلا في التوقيت المناسب لان الأردن الرسمي والنخبوي والشعبي يعتبر حاله بكل الأحوال في حالة صدام مباشرة مع برنامج اليمين المعلن.
لكن الإعلانات المتعلقة بالنوايا الجديدة بتوقيع وزير المياه الأردني محمد النجار في شرم الشيخ عبر لافتة أو تحت يافطة قمة المناخ، أسست لانطباع باتجاه آخر أكثر تعايشا وبراغماتية مع الواقع المستجد اليوم في إسرائيل.
وساهمت خطوة التواصل الهاتفي مع نتنياهو بغرض تهنئته على فوزه في الانتخابات بتأطير وتنميط هذا التعايش.
لكنه تعايش من الطراز الذي قد لا يقف عند حدود فاصلة محددة وان كان يؤجل ضمنيا حالة صدام مفترضة ومتوقعة وفي أقرب زاوية أو مرحلة ممكنة بين الأردن وحكومة اليمين الاسرائيلي خصوصا وان المأزق الأردني يزيد تعقيده في ظل قناعة جميع الأطراف بان ملفات إستراتيجية اقتصادية حساسة ولها علاقة في البنية التحتية مثل الماء والكهرباء ترتبط اليوم كما يرى معارضون كثر بالعدو الإسرائيلي الذي يتربص يمينيا الآن بالمصالح الأردنية.
معادلة التعايش تنمو وتزحف لكنها قد تشكل قدرا حتى الآن بالنسبة لأي لاعب سياسي أردني ومراقبتها ومراقبة تفصيلاتها في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة قد تعني الكثير.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى