الأردن والتنظير للعجز في مواجهة مشاريع إسرائيل
لهجة الاستكانة والضعف والتمسك الكاذب المنافق بـ»بخارطة القوى» غير لائقة إطلاقا بـ»شعب النشامى» ولا تنتمي لتراثهم الوطني والاجتماعي والعشائري
مسألتان لا ينبغي وفي ظل «فائض التضحية والبطولة» الفلسطيني في قطاع غزة «التفريط بهما» في أو عند «أي نقاش» مختص بموقف أو موقع أو زاوية «مصالح الأردن شعبا ودولة».
المسألة الأولى هي تلك التي تحاول «التنظير» للضعف والعجز الأردني الرسمي في مواجهة «خطط ومشاريع إسرائيل» التي أعاد الجميع بعد الطوفان اكتشاف عداوتها التي لا تزول.
التبشير بـ»ضعفنا» وقلة حيلتنا والتنظير لـ«الأمر الواقع والشعب الذي لم يمتحن بمصيبة» ولمقولة «العجز العربي» ليس خيارا ولا ينبغي أن يكون، لأن المطروح إسرائيليا ليس فقط «إخضاع الأردنيين» أو «الوطن البديل» بل «استعبادهم» جيلا بعد آخر و«النظام البديل».
لهجة الاستكانة والضعف والتمسك الكاذب المنافق بـ»بخارطة القوى» غير لائقة إطلاقا بـ»شعب النشامى» ولا تنتمي لتراثهم الوطني والاجتماعي والعشائري ولا لأدبياتهم أو نصوصهم حتى في ظل «الجوار العاجز».
تلك لهجة لا تمثل الأردنيين ولا حقيقتهم، وطبعا لا تمثل قدراتهم وطبيعتهم بنفس القدر الذي تمثل فيه شريحة الخواجات والليبراليين الضعفاء والانتهازيين من أصحاب المصالح الذين خدمتهم صدفة المحاصصة ولديهم بحكم «شبكة كمبرادور المصالح الدولية والإقليمية» مصالح ذاتية أو «أدوار مريبة».
لا حجة لمن يتذرع بعد الآن بـ»المساعدات الأمريكية» التي تمنع الكثير من الفعالية ويعتمد عليها، فتلك المساعدات تقدم للحكومة الأردنية بدلا من «خدمات ضخمة» وتسهيلات لمصالح الولايات المتحدة ولقواعدها ومشاريعها وليس من أجل سواد عيون الشعب.
وتلك المساعدات لا تعني «انتحار الأردن» في حضن «أجندة التكيف مع اليمين الإسرائيلي» بنفس القدر الذي نتفهم ونصفق فيه للمنطق الرسمي النخبوي الذي يمطرنا ليلا نهارا بمقولة «لا تجازفوا بالبلاد والعباد».
نعم الخوض في مغامرات مباشرة تجازف بمصالح المملكة «انتحار سياسي» غير مطلوب، لكن الاستسلام لمنطق «المساعدات تقيدنا» انتحار بوجه آخر، يصنع لتخويف المواطنين أن المساعدات الأمريكية مثلا في جذرها بدل «خدمات» أولا.
لهجة الاستكانة والضعف والتمسك الكاذب المنافق بـ»بخارطة القوى» غير لائقة إطلاقا بـ»شعب النشامى» ولا تنتمي لتراثهم الوطني والاجتماعي والعشائري
وثانيا يعود أكثر من ثلثها إلى أصحابها في زوايا التمويل وإعادة التمويل خلافا لأنها مساعدات بالتأكيد سيختار الشعب الاستغناء عنها، لا بل تحمل كلفتها في أول لحظة يتوثق فيها من أولا- خيارات وأطقم وسيناريوهات وطنية خالصة ونقية، وثانيا- شفافية ونزاهة وتصدي للفساد.
لا أحد يملك الحق في القول إن «الشعب الأردني متنعم ولم يختبر ويعتمد في خبزه على مساعدات الـ «يو إس إيد»… فقط على أهل القرار ضرب الفاسدين ثم «اتخاذ قرارات وطنية مستقرة غير مغامرة» لكي نقبل منهم فكرة «جربوا صبر الأردنيين».
الأردني مستعد لوضع حجر فعلا على بطنه… مستعد للجوع وسبق له أن تعايش معه أصلا، إذا كانت حكومته نزيهة وفي الاتجاه السليم وعلى من يشككون في «خشونة الأردنيين» الانتظار والترقب لمعرفة وفهم كيف يحارب الأردني وبشراسة دفاعا عن كرامته وترابه، وعن مؤسساته ودولته ونظامه عندما يعلو صوت أي تحد أو معركة.
لا أحد سأل الأردنيين أو استفتاهم. بوصلتهم القدس ومصالحهم مرتبطة وجدانيا وخصوصا بعد طوفان الأقصى بكرامتهم الوطنية وبوصفاتها وحصرا بالقدس وفلسطين.
أبدع زميلنا الفاضل محمد التل وهو يلامس الجرح ويضع البلسم بمقولته عن «ظاهرة النواح المتباكي» لأن انحياز الأردني لمستقبله من زاوية «ضد إسرائيل ومع شعبنا الفلسطيني» يعني بالعمق تكريسا لفلسفة «الأردن أولا ودائما» وليس العكس.
لا مكان لمستقبل آمن في ظل «الورم الإسرائيلي» ولا في ظل «التكيف مع بلطجة العدو» أو مع مسارات التكيف الأمريكية فقد اختبرنا ذلك لـ30 عاما دون فائدة وقمنا بواجبات السلام والتعايش لثلاثة عقود، حتى كانت النتيجة ما قرأناه مؤخرا في صحف الكيان بعنوان «بناء جدار على كامل حدود الأغوار خوفا من تهريب السلاح» مع أن العمق الإسرائيلي «أسوأ وأخبث» من حكومة تل أبيب ليس فقط لأنه «يتنكر لدور الأردن» فقط، ولكن لأنه يدرك بصورة شبه يقينية بأن الجدران المكهربة المحروسة سقطت في 7 أكتوبر، وبأن من يرسل تحياته مع صواريخه لإسرائيل اليوم من أماكن بعيدة مثل اليمن والعراق يفعل ذلك متجاوزا كل لعبة الحدود البرية، فالمسيرة لا تحتاج لحدود ومعابر، والصواريخ تطلق الآن بواسطة هاتف خلوي ومن مكان قصي، والعدو طبعا يعرف ذلك لكنه يشاغب على حدوده مع الأردن، بقصد خبيث هو «حسم الصراع وضم الضفة الغربية».
المصالح تؤسسها حزمة «تفاوض وشراكة وطنية المنطلق» مع الأمريكيين أو غيرهم قائمة دوما وأبدا على أساس وحدة الدم والمصير مع الشعب الفلسطيني… دون ذلك اليوم كلام فارغ لا معنى له، ولن يقتنع به أصغر طفل أردني.
لكل ذلك نضم صوتنا لقائمة الوطنيين المحترمين التي بدأت بتحريم «التباكي الكاذب» أو «النواح المدعي» وهي تحاول «تخويف» البوصلة السياسية من مواقف مبدئية وأخلاقية ومصلحية تصادف أنها في هذه المرحلة الحساسة جدا «تنسجم بكل قوة» مع الحد الأدنى من معايير الالتزام بمصالح المملكة.
إطلاق هتاف بعنوان «الأردن أولا وفقط» مرحليا أو شعار يقول بـ»ضعفنا وصعوبة المواجهة» ليس «وطنية» ولا يمكنه أن يعبر عن الانتماء والولاء الصادق.