اراء و مقالات

حراك أردني مصري نشط لتسويق “الرؤية المصرية” قاعدة “الإعمار بدون تهجير”… وريفييرا ترامب قدمت خدمات جليلة لعمّان

عمان- “القدس العربي” : قناعة كبار المحللين والخبراء الاستراتيجيين في الأردن تحديداً متكدسة ومتكرسة مرحلياً بأن “مشروع ريفييرا- غزة” الذي اقترحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولا يزال يقترحه، في الواقع خلط أوراق دول الجوار الفلسطيني فعلاً، وتسبب باندفاعة مصرية – أردنية سياسية ودبلوماسية في الاتجاه المعاكس تماماً للإدارة الأمريكية ولأول مرة.

ذلك مشروع نقل محور دول معسكر الاعتدال العربي كما كانت توصف إلى مناسيب متقدمة من الشعور بالخطر والحرص على الدفاع عن المصالح التي “يهددها” اليوم ولأول مرة الغطاء الأمريكي لليمين الإسرائيلي، الأمر الذي يستوجب – برأي الدكتور سنان شقديح- حراكاً أكثر عمقاً للدول العربية الفاعلة، فكرته أن تأخذ الولايات المتحدة بعد الآن جدياً مصالح ومواقف العرب.
يقدر نائب رئيس الوزراء الاسبق والخبير السياسي والاقتصادي الدكتور محمد الحلايقة، بأن “مخاطر” سيناريو التهجير تثير فعلاً كل الحساسيات والحسابات، ولا يوجد ما يمنع بعد الآن -حفاظاً على الأمن القومي العربي ثم الأمن القومي الأردني- من التأسيس لمعادلة إقليمية “ردعية” تماماً، بحيث تتوسع قاعدة “الثوابت الملكية ” الأردنية المعلنة لتشكل الخطوط الحمراء العربية وأهمها “كلا الشهيرة” للتهجير.
راقب الدكتور الحلايقة فيما “القدس العربي” تتناقش معه بعض الحيثيات مع نخب سياسية بارزة في عمان، “منتجات ومخرجات” اجتماع القاهرة العربي الأخير، معتبراً أن “شراسة العدوان الإسرائيلي” ووقاحة “الغطاء الأمريكي” له عنصران يؤشران على مستوى وحجم الضغوط التي مارستها على الأمة العربية مقترحات الريفييرا المشار إليها.
هنا حصراً، لا تخفي المراجع السياسية الأردنية العميقة ارتياحها لعدة تطورات في المشهد العربي – الإقليمي، أنتجها التواطؤ الأمريكي مع زمرة اليمين الإسرائيلي، كما يصفها الحلايقة.
التطور الأهم اللافت هو الحراك النشط الذي أظهرته القدرات الدبلوماسية الأردنية عندما تشبك الأيادي حصراً مع “المصرية” في سياق ما تبقى من مؤسسة القمة العربية، حيث تظهر الوقائع هنا بأن محور عمان- القاهرة كان مؤثراً للغاية في برمجة تحضيرات قمة القاهرة الأخيرة، بمعنى ضمان عبور وثيقة “الرؤية المصرية” بدون اعتراض أو “تعديلات” عليها.
قيادي بارز في حركة حماس أشار أمام “القدس العربي” مؤخراً تغريد الأردن ومصر بمهارة وبكفاءة خارج السرب الأمريكي- الإسرائيلي عندما يصبح الاقتراح الأمريكي نقلهما من دائرة “الشراكة” إلى مستوى “المستودع السكاني” الذي ينشأ فقط لـ”خدمة إسرائيل” التي انقلبت بدورها على الجميع وعلى السلام بعدما أصبحت يمينية بامتياز وتظهر قدرتها على المجازفة بالأمن في البلدين.
صحيح أن عمان وجدت لدى أوساط بعض الجمهورين الأمريكيين مؤخراً بضعة “أصدقاء” حريصين جداً على إسرائيل وليس الأردن حاولوا “تعديل المزاج” الذي وضع فيه الرئيس ترامب العلاقات التاريخية بين واشنطن والأردن، لكن صحيح في المقابل أن الاستفزاز الذي مارسه الرئيس ترامب غير مسبوق وهو يصر على “قطعة أرض صحراوية أردنية” محددة – يتردد أنه قام بتسميتها – لإيواء نحو مليون مهجر فلسطيني جديد، مجازفاً من أجل الريفييرا إياها، بحزمة المصالح الحيوية الأردنية.
بالتوازي، الحراك النشط للمطبخ السياسي- الأمني المصري باتجاه تسويق وتمرير “الرؤية المصرية” القائمة على منهجية “الإعمار بدون تهجير” أسس عملياً قاعدة حليفة وصديقة للدولة الأردنية، حيث تمكن الجهد الثنائي التنسيقي هنا من “حسم أي تجاذبات” في القمة العربية، بمعنى أن الرؤية المصرية في اجتماعات القمة تقدمت على رافعة أردنية قتالية وبدون مشاغبات جانبية.
“الوضع مريح جداً مع الأشقاء في مصر”.. استعمل مسؤول بارز في الخارجية الأردنية هذه العبارة وهو يصف لـ “القدس العربي” أن القاهرة وعمان قررتا العمل معاً لترويج وتسويق المقترح المصري الذي أصبح عربياً الآن بشأن غزة في كل أروقة وأقنية القرار الدولي.
الأردن عموماً يبدو مرتاحاً لنتائج الاشتباك المبكر الذي قرره ضد “ريفييرا ترامب”.
الملك عبد الله الثاني طمأن مؤخراً لجاناً برلمانية بأن “العلاقات جيدة مع الولايات المتحدة”، والأشقاء العرب يدعمون التصور الأردني المصري في رفض التهجير.
لاحقاً، الاحتفاء أردنياً كبير بدعم المملكة العربية السعودية لموقف الأردن، واعتقاد راسخ بأن العلاقات والاتصالات والتنسيقات بين الأردن ومنظومة النادي الخليجي في وضع أفضل بكثير بعد اقتراحات التهجير الأمريكية وبعد سلسلة تصريحات إسرائيلية تمس بالأمن القومي العربي وصنفت مبكراً بأنها “وقحة”.
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، شارك منفرداً في لقاء مكة أمس الأول المخصص للتشاور الخليجي، ثم صرح بأن الموقف الأردني – الخليجي موحد تجاه قضايا الأمة، بما في ذلك التطورات على الصعيد الفلسطيني.
دون ذلك، اتصالات الأردن مرحلياً مع تركيا وسوريا في أحسن أحوالها، ووصاياه بخصوص “إصلاح السلطة الفلسطينية هيكلياً” دخلت حيز الإجراء بعد تمسك عمان المنفرد والمتشدد بعناوين “الشرعية الفلسطينية”.
في الأثناء، استهدافات الرئيس ترامب للأردن في ملف التهجير، فتح أعين الدول الأوروبية أكثر على ضرورة التضامن مع المملكة ودعمها، في الوقت الذي يبدو فيه أن المؤسسة الأردنية مهتمة بالاستثمار في بكل تفاصيل مشهد ما بعد “تهديدات التهجير” حتى يعود العالم إلى رشده وإلى معادلة أن “السلام هو الذي يصنع وينتج الأمن”، كما يصف الوزير الصفدي على هامش نقاش مع القدس العربي.
“الأردن.. نعم نستطيع”، هذا ما قاله الخبير البارز الفريق العسكري قاصد محمود، عندما سألته “القدس العربي” عن “إمكانات” التصدي لبرنامج التهجير.
وما برز مؤخراً أن الأردن في وضع “مرتاح أكثر” لحماية ثوابته ومصالحه بعدما قدمت “تهديدات ترامب” خدمات جليلة لعمان وتسببت بيقظة ومراجعة ما يفترض أن تظهر نتائجها وتداعياتها لاحقاً بعيداً عن “المغامرات” وبدون “ضجيج”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من مدونة الكاتب بسام البدارين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading