اراء و مقالات

«اعتكاف الأوقاف» يترنح على يدي بن غفير: متى يطلق الأردن يد «جماعة الإخوان» في مواجهة «صفعات إسرائيل»؟

عمان – «القدس العربي»: برز مشهدان سياسيان بالتزامن خلال الساعات القليلة الماضية في الأردن. الأول على هيئة دعوات لقياديين في الحركة الإسلامية تطالب بـ “إطلاق يد جماعة الإخوان المسلمين” في مواجهة “تحديات اليمين الإسرائيلي”. والثاني تأكيد حزبي مباشر من أبرز أحزاب المعارضة يؤكد على وجهة “البنادق الأردنية” وهي حصراً غربي نهر الأردن وفي اتجاه العدو الإسرائيلي.
داخل أطر الحركة الإسلامية الأردنية يطرح اليوم في النقاش الداخلي سؤال: كيف نستثمر سياسياً في لحظات العودة إلى المربع الذي طالما حذرنا الدولة منه، وهو التطبيع والعدو؟
طبعاً الإجابة المباشرة على السؤال تحتاج إلى مزيد من الوقت، لكن القيادي الشاب في الحركة الإسلامية الدكتور رامي العياصرة، يصرّ خلال نقاش مع “القدس العربي” على أن “الدفاع عن الوطن” مهمة وواجب الجميع.

رسالة تتكرر

العياصرة نفسه كان داعياً علنياً لإطلاق يد الشعب الأردني ومعه جماعة الإخوان المسلمين في الدفاع عن نفسه ووطنه ومؤسساته.
بالتزامن، برز مساء السبت المشهد الذي ظهر فيه الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الذراع الأولى والأبرز لجماعة الإخوان، الشيخ مراد العضايلة، في صدارة تظاهرة اعتصامية بالقرب من مسجد الكالوتي في العاصمة الأردنية عمان، في رسالة تتكرر للمرة الثانية على التوالي، قوامها مخاطبة “المؤسسة العسكرية “في الأردن لا بل التحدث عن عقيدتها، وذلك في تحول دراماتيكي عملياً على مستوى ترتيب المواقف ومخاطبة المؤسسات العميقة في الدولة من باب الإحساس العام بالأخطار والهواجس التي تبرز تحديات في مواجهة مخاطر اليمين الإسرائيلي.
ظهر الشيخ العضايلة أمام مسجد الكالوتي في سهرة اعتصامية رمضانية بالقرب من مكاتب السفارة الإسرائيلية في عمان، معلناً بأن فوهات بنادق الجيش العربي الأردني موجهة غرب نهر الأردن باتجاه العدو الأول والأخير والأساسي للشعب الأردني.
كانت تلك إشارة ملغزة سياسياً من قبل الأمين العام لأبرز حزب معارض في البلاد. لكن الأهم أن تلك الإشارة تكررت، فبمناسبة الاحتفال بيوم الكرامة ألقى الشيخ العضايلة نفسه خطاباً تحدث فيه عن يقين الشعب الأردني ويقين الجيش ومؤسساته بأن العدو الواضح هو إسرائيل، مؤكداً في ذلك الخطاب الشهير الذي يعتبر بمثابة علامة فارقة، بأن الجيش والشعب في الأردن يرفضان اتفاقية وادي عربة ومستعدان لمناصرة خيارات تحرير فلسطين والمقاومة.

سؤال تجدر الإجابة عليه

لماذا ذهب الشيخ العضايلة إلى هذا الاتجاه في خطاباته خلال الأسابيع القليلة الماضية؟
لكن الاعتراض غير ممكن حتى باسم الحكومة والناطقين، ليس لأن السلطة لا يمكنها نفي تحديات اليمين الإسرائيلي خلف الكواليس، ولكن لأنه لا أحد يشعر بالاستياء من تمسك الأردنيين بمؤسستهم العميقة، الأمر الذي يضفي إثارة سياسية مقصودة ومبرمجة من قبل التيار الإسلامي تحديداً، قوامها فكرة أن العقيدة بالنسبة للأردنيين شعباً ومؤسسات لا تزال تتعامل مع إسرائيل بالرغم من 29 عاماً من توقيع اتفاقية وادي عربة باعتبارها العدو والخصم الذي يتربص في المملكة. طبعاً، مثل هذه السردية في خطابات المعارضة تجد معترضين كثراً في الشارع الشعبي، لكن في المقابل ومن المرات النادرة جداً، لا أحد يستطيع الدفاع اليوم من النخبة السياسية والرسمية إطلاقاً، لا عن اتفاقية السلام ولا عن التطبيع مع الإسرائيليين، في ظل الصفعات التي يوجهها وزراء حكومة اليمين الإسرائيلي واحدة تلو الأخرى تجاه المصالح الأردنية، لا بل الثوابت الأردنية المركزية.

3 صفعات

صفعة إيتمار بن غفير الذي اقتحم المسجد الأقصى بمجرد توليه منصبه الوزاري يتذكرها الأردنيون جيداً. ولاحقاً صفعة خارطة بتسليئيل سموتريتش وزير مالية كيان الاحتلال.
ومساء الأربعاء، وفيما كان الشيخ العضايلة يخطب في عمان بمئات من المعتصمين، برزت الصفعة الثالثة للأردن باقتحام مصليات المسجد الأقصى من قبل شرطة الاحتلال، وتدنيسها وإخراج المعتكفين منها، علماً بأن من فتح المسجد للاعتكاف من بداية الأسبوع واليوم الثالث لشهر رمضان هو طاقم وزارة الأوقاف الأردنية وبإعلان صريح في عمان، الأمر الذي يعني أن الجانب الإسرائيلي مصر على تقويض الوصاية الهاشمية الأردنية أو على الأقل توجيه رسائل توحي بتقويضها.
وبمعنى آخر، ذكر أكبر أحزاب المعارضة في البلاد المؤسسة العسكرية والبنادق بين الحين والآخر خطوة لا أحد يمكنه توجيه اللوم لها، خصوصاً أن الشعب الأردني في قناعة راسخة اليوم بأن اليمين الإسرائيلي يخطط بالحد الأدنى لحسم ملف الصراع في الأراضي المحتلة ولو على حساب الأردن، لأن خريطة سموتريتش فتحت عش الدبابير وأبرزت كل السلبيات بالرغم من كل ما تقوله الحكومة ووزارة الخارجية عن برنامج التهدئة الأمريكي الذي لا يجد موطئ قدم لا هو ولا توصيات قمتي العقبة وشرم الشيخ الأمنيتين.
مقابل هذا الاستعراض في الخطابة عند أبرز تيارات المعارضة حتى اللحظة لا توجد رواية رسمية مقنعة، ولا إجراءات مقنعة يمكن أن تقود إلى قناعات بأن الحكومة الأردنية في الاشتباك والتصدي بالرغم من أن القيادة الأردنية كانت قد أعلنت أنها في المسائل والمفاصل الأساسية المتعلقة بالثوابت الثلاثة مستعدة لكل السيناريوهات في مواجهة الإسرائيليين. لكن هامش اليمين الإسرائيلي يقلص تماماً مساحات المبادرة والمناورة أمام كل الهوامش الأردنية، وبطريقة دراماتيكية تترك الميكروفون عملياً لقوى المعارضة في الشارع. وبين تلك القوى جماعة الإخوان المسلمين هي الوحيدة الجاهزة تماماً والتي تتصدر وبصورة منظمة ولا تمس بالأمن الداخلي في الوقت نفسه بدلالة أن الدعوة ارتفعت تحت شعار إطلاق يد جماعة الإخوان المسلمين. وتلك رسالة ضمنية إلى أن الجماعة تعتبر بمثابة احتياط استراتيجي للدولة الأردنية وتتمسك بمخاطبة الثوابت في المؤسسات العميقة والسيادية.
وذلك موقع تكتيكي متقدم في مقاربة يظهر فيها العجز التام لوزراء ووزير الخارجية في مواجهة الضربات أو الصفعات التي ينتجها الإسرائيلي اليوم ضد الأردن.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى